أنت هنا

قراءة كتاب اليسار اللبناني وتجربة الحرب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
اليسار اللبناني وتجربة الحرب

اليسار اللبناني وتجربة الحرب

"اليسار اللبناني وتجربة الحرب"؛ هذا الكتاب جزء من مشروع لدراسة تجربة الحرب في لبنان بوصفها حدثاً اجتماعياً شاملاً لا يقتصر على الأحداث السياسية العامة. الأحزاب بفكرها وتكوينها وممارستها الداخلية وجه من وجوه الحرب.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4

إرهاصات لبنانية

كانت ساحة لبنان ترهص بولادات سياسة جديدة مختلفة عما هو سائد فيها من أحزاب تقليدية معظمها تأسس في ظل الانتداب وتمحور حول زعامات شخصية أو تصدى لتحديث وتأطير وتنظيم الفاعلية السياسية للجماعات الطائفية. بدأت تتشكل مجموعات وتنطلق مبادرات ثم ما تلبث أن تتفكك أو تندثر. وفي مخيلة عناصر هذه المجموعات الشبابية عموماً ضرورة نشوء حركة سياسية جديدة «عروبية» ملتزمة فكرياً بسلاح نظري، فقد كان القرن العشرون الزمن الاكثر خصباً لصراع الاديولوجيات (هنري ايكن، عصر الاديولوجيا)، وكانت الأوضاع السياسية العربية والدولية، تحبل بتيارات تنتظر من يمثلها في لبنان وجواره.
وكان التيار القومي العربي (البعث والناصرية) قد شرع يتطاير شظايا واتجاهات في المشرق، فتبحث كل شظية منه عن مقابل لبناني لها وغالباً ما تجده. وكان التيار الناصري قد دخل بدوره طور الانقسام فاذا هو حركات مختلفة ومتصارعة. كانت هناك ناصرية حركة القوميين العرب التي لم تلبث أن توزعت اجنحة تبعاً لانخراطها في الساحة المحلية، في اليمن وفلسطين وسوريا والعراق.... وانقسمت بين ضباط ومثقفين...
كما دق الخلاف الصيني السوفياتي سفين نعي الوحدة (الاممية) وصارت الكتلة الشيوعية حلبة صراع عنيف (وضاح شرارة، الرفاق، دراسات عربية، 1980). أما أحزاب اليسار الأوروبية فقد جنحت إلى تكوين برامجها المستقلة وبدأت تؤسس نظرية «الشيوعية الأوروبية» (سانتياغو كاريو الاسباني، تولياتي الايطالي). ويتزايد نشاط التروتسكيين (نسبة إلى ليون تروتسكي) كردة فعل على اختناق التجربة السوفياتية في البيروقراطية والمراوحة النظامية أمام مشكلات العالم الجديد. ورأينا منشقين سوفيات يتحدثون عن «عودة الرأسمالية إلى الاتحاد السوفياتي» وانتشرت ظاهرة نقد «التحريفية السوفياتية».

القوميون في أجسام قطرية

بدأ المخاض في حركة القوميين العرب، التنظيم الأكثر انتشاراً في دنيا العرب (اليمن، عمان، الكويت، العراق، مصر، سوريا، فلسطين، الأردن، لبنان، ليبيا...). بين تيار محافظ متمسك بالتجربة الناصرية وأولوية «المشروع القومي الوحدوي العربي» باعتباره مقدمة سائر المهمات الأخرى بما فيها تحرير فلسطين. وتيار يساري اشتراكي يدعو إلى إعطاء مضمون اجتماعي طبقي للصراع السياسي في الداخل والخارج، ويتبنى طروحات الماركسية اللينينية ولا سيما نظرية «قيادة الطبقة العاملة للثورة الوطنية الديمقراطية».
استورد هذا التيار فكرة لينين عن ثورة اشتراكية في بلد متخلف عبر بناء رأسمالية وطنية (رأسمالية الدولة) بواسطة سلطة عمالية (طليعة سياسية ذات التزام اديولوجي عمالي).
كما زاوج بين هذه النظرية والتجربة الصينية في الكفاح الوطني المسلح (الحرب الشعبية التحريرية) والإرث الفيتنامي المعاصر، (هوشي منه والجنرال جياب..) ونظر إلى الفلاحين كجزء من تحالف طبقي واسع تقوده الطبقة العاملة (حزب الطبقة العاملة)، ولم يكن في أدبيات هذا التيار أي تحليل موضوعي ملموس لتكوين المجتمعات العربية وبنياتها الطبقية كما فعل ماوتسي تونغ في الصين (طبقات المجتمع الصيني) أو لينين في روسيا (تطّور الرأسمالية في روسيا). فكانت هذه الأفكار كاريكاتورية في مجتمع اليمن الجنوبي أو ظفار (عمان) وغريبة عن واقع المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال أو في الشتات، وعن واقع لبنان واقتصاده الرأسمالي المالي (المصرفي التجاري) وعن كل مجتمعات الريع النفطي في الخليج، وقاصرة عن استيعاب سياسات تنموية مشوهة في مصر وسوريا والعراق.
استقل فرع حركة القوميين العرب في اليمن باكراً بسبب الخلافات السياسية مع عبد الناصر ودعمه للحركة الوطنية في الشمال. انتهى الأمر باعلان «الحزب الديمقراطي الثوري اليمني» في عام 1968 الذي أعلن التزامه الفكر الماركسي اللينيني، ساعياً إلى بناء «الحزب الطليعي الثوري». ومن خلال هذا التيار أُعيد تشكيل الجبهة القومية التي قادت حركة الاستقلال في اليمن الجنوبي وأقصى ثنائي سالم ربيع وعبد الفتاح اسماعيل قيادة قحطان الشعبي واندمج في حزبهما الحزب اليساري الصغير بقيادة عبد الله با ذيب.
وفي الساحة الفلسطينية تبلور التيار اليساري داخل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (1968) بقيادة نايف حواتمة ضد القيادة التاريخية (اليمينية): جورج حبش، وديع حداد، هاني الهندي. وشارك في قيادة الفصيل المنشق (الجبهة الديمقراطية) إلى نايف حواتمة، عبد الكريم حمد (أبو عدنان) سعيد البطل (أبو مشهور) ياسر عبد ربه، تيسير خالد، صالح رأفت، داود تلحمي، ممدوح نوفل، بلال الحسن، خليل الهندي، عصام عبد اللطيف، سامي ضاحي، سليمان الرياشي، قيس عبد الكريم السامرائي (أبو ليلى) (من الحزب الشيوعي العراقي) وتعاون مع الجبهة صادق جلال العظم (سوري) والعفيف الاخضر (تونسي).
وظلت الجبهة الشعبية بقيادة جورج حبش ومعه، وديع حداد، هاني الهندي، باسل الكييسي (عراقي) غسان كنفاني، أبو علي مصطفى، صلاح صلاح، أحمد اليماني، أبو أحمد فؤاد،... هاشم علي محسن (عراقي).
وفي الكويت غلبت القيادة المحافظة بزعامة أحمد الخطيب الذي صار عضواً بارزاً في البرلمان الكويتي. وفي سوريا حيث الكتلة المحافظة ممثلة بـ: نايف آغا المهايني، اسامة العابد، فاروق قوتلي، حسان المحاشي، غسان برازي، عصمت هنانو، عماد الحراكي...) وتنتمي هذه الرموز إلى عائلات تقليدية وإلى الطبقة الوسطى ولم تقبل الخيار الماركسي، وانضم معظم عناصر الحركة إلى «الاتحاد الاشتراكي العربي» (الناصري السوري). وفي تقرير اللجنة التنفيذية للحركة جاء: إنهم في جملة القادة التاريخيين الذين رأوا دائماً ضرورة تأجيل الاشتراكية إلى ما بعد الانتهاء من توحيد الوطن العربي.
أما فرع لبنان الأكثر تقدماً والأكثر استجابة لحركة الأفكار الجديدة والتغيير فقد تمثل اليسار فيه بثنائي محسن ابراهيم ومحمد كشلي المشرفين على مجلة الحركة (الحرية 1959) وأعلنا عن إنشاء الفصائل اليسارية ثم أسسا «منظمة الاشتراكيين اللبنانيين» (1969) وغادر معظم كوادر الحركة التاريخيين خصوصاً في صور وطرابلس وصيدا وبعلبك جراء الفرز السياسي.

الصفحات