"اليسار اللبناني وتجربة الحرب"؛ هذا الكتاب جزء من مشروع لدراسة تجربة الحرب في لبنان بوصفها حدثاً اجتماعياً شاملاً لا يقتصر على الأحداث السياسية العامة. الأحزاب بفكرها وتكوينها وممارستها الداخلية وجه من وجوه الحرب.
أنت هنا
قراءة كتاب اليسار اللبناني وتجربة الحرب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
لبنان الاشتراكي
في عام 1965 التقت مجموعة صغيرة من المثقفين الذين كانوا أعضاء في حزب البعث العربي الاشتراكي وراودهم حلم تشكيل تنظيم سياسي. أسس هؤلاء ما أسموه «حلقة دراسات لبنان الاشتراكي» ونشطوا في الأوساط الطلابية واساتذة الثانويات والجامعات أولاً. «كانت تلك مبادرة لم تكن مشروعاً» كما يصفها وضاح شرارة أحد أبرز المؤسسين. انكبت هذه المجموعة على إنتاج فكر نقدي وأصدرت دراسات وبيانات من بينها نموذج لبيان من عدة صفحات يحلل أسباب دعم الثورة الفيتنامية. وفي كانون 1969 أصدرت المجموعة كتاباً بعنوان «العمل الاشتراكي وتناقضات الوضع اللبناني» هو كناية عن دراسات بين 1966 و1968 وتناولت بالنقد تجربة الحكم الشهابي، برنامج الحزب الشيوعي، ممارسة الحزب «الاصلاحية الانتهازية التحريفية» وقضايا تحليلية لنضالات العمال والفلاحين والطلاب والموظفين، وأزمة اليسار ومسألة وحدة اليسار، وتناولت كذلك تجربة حركة القوميين العرب، والعمل الجبهوي (العمل الوطني) تحت اسم (لقاء الأحزاب والشخصيات التقدمية والوطنية).
ظهرت هذه المجموعة بنشاط سياسي في التحركات الشعبية الاحتجاجية على عدوان إسرائيل على مطار بيروت نهاية عام 1968. فقد انتزع هذا العدوان الحركة الطلابية من واقعها المطلبي الديمقراطي ووضعها في مقدمة التحرك السياسي الوطني.
وفي أحداث 23 و24 نيسان التي انطلقت ضد سياسة الحكومة في محاصرة العمل الفدائي وتصفيته برزت هذه المجموعة بنشاطية عالية متعاونة مع «منظمة الاشتراكيين اللبنانيين» والأجواء الشعبية في المخيمات الفلسطينية. وترسخت أقدام هذه المجموعة بين الطلاب في الثانويات والمهنيات والجامعات ودور المعلمين وضمت العشرات إلى «تنظيمها» المكون من مجموعة حلقات. ومارست بيانات هذه المجموعة مع «منظمة الاشتراكيين اللبنانيين» النقد الصارم لسياسات الحزب الشيوعي والتقدمي الاشتراكي المهادنة للنظام والسلطة وأطلقت الدعوة إلى إنشاء «لجان دعم العمل الفدائي» وقدمت مذكرة مشتركة إلى «لقاء الأحزاب» الذي لم يلتزم بها. وأخذت المبادرة مع «منظمة الاشتراكيين» واليسار الفلسطيني في تنفيذ مضمون المذكرة بإنشاء لجان دعم المقاومة وبجمع التبرعات للفلسطينيين وإقامة الندوات والاتصالات دعماً للثورة الفلسطينية.
كانت النواة الأولى لهذه الجماعة مكونة من: وضاح شرارة، فوّاز طرابلسي، محمود سويد، كريستيان غازي، وداد شختورة، يولا بوليتي، أحمد بيضون، حسن قبيسي، سامي سويدان. واتسعت هذه النواة لتضم حلقات شارك فيها: بول اشقر، آن اشقر، نوال عبود، غسان فواز، عصام العبد الله، حافظ الشمعة، وجيه كوثراني، كمال بكداش، عزّة شرارة، علي حرب.
عرفت هذه المجموعة نفوذاً في دور المعلمين في بيروت وصيدا وزحلة وجونيه وثانويات رمل الظريف وطريق الجديدة وبرج البراجنة والنبطية وطرابلس، واتسمت بإعداد ثقافي انعكس تأثيراً على محيطها وأعطى لعناصرها أولوية في نشر الثقافة الماركسية في صفوف الناشطين.