قراءة كتاب إلى الغرب من نهر الأردن ج 2 / لهيب خان التجار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إلى الغرب من نهر الأردن ج 2 / لهيب خان التجار

إلى الغرب من نهر الأردن ج 2 / لهيب خان التجار

تعكس رواية "لهيب خان التجار"، وهي الجزء الثاني من ثلاثية  "إلى الغرب من نهر الأردن"، أحداث الانتفاضة الثانية، التي انطلقت مع بداية هذا القرن، أي عام 2000، لتنتهي بوفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
وعندما تيقن أنّه فارق الحياة تركه يسقط أرضاً، بعدها تناول سلاحه، وفرّ مع ما تبقى من المارة الذين خفّت نسبتهم، ولكن الرصاص استمرّ في الانهمار فوق الرؤوس، وفي جميع الاتجاهات بغزارة من قبل الجنود الأربعة، الذين كانوا قد وصلوا إلى سطح العمارة.
 
كان هدفه هو الوصول إلى أوّل زقاق ليختفي، ويحتمي من وابل الرصاص الذي ينهمر كالمطر على الساحة، فتوجّه نحو أقرب مدخل زقاق يؤدي إلى البلدة القديمة وهو يحمل البندقيتين... وهذا يعني أنّ عليه أن يقطع الدوّار، والعودة إلى المكان الأوّل الذي أطلق منه النار، أي إلى الجانب الجنوبي منه... المسافة لا تقلّ عن مائة متر... وابل الرصاص الكثيف لا يتوقف... أخذ يركض بكلّ قوته على شكل حرف "زد" لكي يتجنب الإصابة... شعر بسائل حار يتدفق من ساقه، لم يلتفت ولم يُعره أيّ اهتمام، فالألم ليس كبيراً، فهمّه الأول كان يتركز على اجتياز الخمسين متراً الباقية، التي لا تزال تفصله عن مدخل الزقاق...
 
نظر بطرف عينه إلى أعلى العمارة المواجهة، كان الجنود الأربعة منتصبين، ويطلقون النار من أسلحتهم الأوتوماتيكية في كلّ الاتجاهات... الساحة امتلأت بالمصابين وأصوات استغاثتهم وهلعهم تسمع بوضوح... حذاؤه امتلأ بالدماء ... شعر بلسعة حادّة في كتفه، تحسس بكفه الإصابة، وعلى الفور تلطّخ باللون الأحمر، إنّه الجرح الثاني. استمر في الركض بنفس طريقة "الزد". ومع كل خطوة يتقدّمها يشعر بأنّ قواه بدأت تخور، ورأى الموت أمام عينيه. لا بدّ وأنّهم يقصدونه حيث لاحظوا السلاح الذي يحمله... تبدو له الأمتار العشرون الباقية التي تفصله عن فوهة الزقاق مسافةً طويلةً جداً، مع كلّ خطوة يتقدّم بها يحسّ بأنّها استنفدت ما تبقى من قواه، في حين كانت الدّماء لا تكفّ عن التدفّق من كتفه وساقه... ولكن في تلك اللحظة انخفضت فجأة نسبة إطلاق الرصاص عليه، لتنتقل نحو جهة أخرى من الدوّار... مجموعة من الرفاق بدؤوا بالرّد على الجنود الأربعة، مما خفّف من كثافة انهمار الرصاص، وبفضل ذلك نجا من موت محقق، واستطاع الوصول إلى أول مدخل زقاق...
 
تنفّس الصّعداء... نظر إلى ساقه، رصاصة اخترقت بطّة ساقه، ولكن من الخلف... تساءل عن مدى فداحة الإصابة وهو يرى دماءه تنزف بغزارة، ولكنّه طمأن نفسه بعض الشيء عندما توصّل إلى قناعة بأنّه لو كانت الإصابة بعظم الساق لعجز عن السير، لا بدّ وأنّها اخترقت اللحم فقط ، إلا أنّ إصابة الكتف تؤلمه وتقلقه أكثر، حرّك ذراعه ليتأكدّ بأنّها لا تزال سليمة، لم يستطع رفعها إلى أعلى، وفي الوقت نفسه شعر بألم قوي... تحامل على نفسه، وحاول السير باتجاه مقرّ حركته... المسافة لا تقلّ عن نصف كلم... بدت له مستحيلة في حين أنّ البندقيتين كانتا تثقلان كاهله.

الصفحات