رواية "امرأة من ظفار"، تفتحت أكمام مشتل أزهار بامتداد السهول والربى والتلال، ومن قمم الجبال حتى الوديان السحيقة كان ثمة عبير فواح يأتيك مع النسيم العليل، فتنبعث حلقات الشعراء يتبارون بـ «المشعير» والـ«دبرارت» مرددين أشعار الحب الرقيقة، وحكايات المحارب الحمي
أنت هنا
قراءة كتاب امرأة من ظفار
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
(1)
كان أبي مربي أبقار وراعياً في الجبال والسهول المحيطة بمدينة مرباط. في شبابه أغرم بامرأة من قبائل الشحرة، وكانت من راعيات الإبل في «سمحان».
باع أبي الأبقار، وهجر تقاليد رعاة الأبقار العريقة، ومعها «أحكوب» ومضارب قبيلته. واشترى «إبلاً» وارتحل معها -أي الإبل- ومع راعية حبه الجميلة يجوبان جبال ظفار وسهولها وفقاً لتقاليد راعيات الإبل.
كانت نهاية قصة أبي والراعية الجميلة سعيدة. ولكنها ككل سعادة لا تدوم. ماتت زوجة أبي أثناء إحدى موجات الأوبئة التي اجتاحت بلادنا. وكرَّة أخرى باع أبي إبله. وعاد إلى مضاربه و «الحكب» أي القرية ومعه ابنه «محاد» الذي أنجبته له الراعية الشحرية الجميلة.
كان أبي ينتمي إلى إحدى القبائل التي تقطن المنطقة الوسطى من جبال ظفار، لم يكن قبلياً ملتزماً، ولم يكن ذا عصبية، وهو ينتقل في الجبال حيثما شاء، ربما لأن الروابط القبلية لعشائر «القَرى» تساعده على ذلك، وربما لأن أبي كان عصامياً ومقداماً، وصاحب قدرات على نسج الصداقات والعلاقات الطيبة التي كانت تؤمنه أينما حلَّ وارتحل.
وبالرغم من مزايا الارتحال التي تتوافر لرعاة الإبل، إلى جانب تنوع مزايا الأمكنة والمراعي والينابيع وتعددها، فإن قبلة أبي الأثيرة ومكانه الحبيب كانت مدينة مرباط الساحرة وجبالها وسهولها وينابيعها وناسها وفنونها وبحرها الأزرق الصافي، وقلوع السفائن البيضاء الذاهبة الآيبة في حوضها الوديع كأسراب طيور بيضاء مهاجرة من وإلى موانئ ما لها عدّ.
كانت النسوة يرددن في «الحكب» أي القرية حكايات أبي في زهو، حكايات صغيرة لغراميات والدي الوسيم، كان أبو محاد أو سالم ـ وهذا هو اسمه ـ يتمتع بجل صفات القبلي المثالية، فهو شجاع، ومقدام، ومحب، وكريم.
بعد سنوات من وفاة امرأة أبي الشحرية «أم محاد» أغرم أبي ثانية بامرأة «مشيخية» تقطن وأسرتها الجبال المحيطة بمرباط.
حكاية هذا الغرام سجلتها أغنيات النانا و«الدبرارت» الرقيقة عن الفتى سالم والساحرة حلوت وهذا هو اسم أمي.
تقول بعض كلمات هذه الحكاية:
بعلت مغودي ربة الجمال
إذ تعتليجن الحسناء إذ تتدلل
في ضير فيرعت على علية القوم
تعمر الـ حصل فلا يليق بها منهم
عرهير كطعة إلا الرجال البواسل