أنت هنا

قراءة كتاب ليلة في القطار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ليلة في القطار

ليلة في القطار

على الرّغم من كلّ ما قد يقوله المتزمّتون، وما قد يتندّر به السّاخرون من أنّني تخلّيت عن الوقار في كهولتي، وقد كنتُ وقورًا رصينًا في كلّ ما كتبت في شبابي، وعلى الرّغم كذلك ممّا قد يتبادر إلى أذهان بعض البسطاء من أنّني قد أردت بهذه الرّواية أن أدغدغ عواطف الم

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2
في هذا الإطار المحدود جدًّا للزّمان والمكان، والشّخصيّات، أردت أن أقدّم عملًا روائيًّا يتميّز بالصّراحة، وبالجرأة – ربما غير المألوفة عندنا – في معالجة المفاهيم والتّقاليد والأخلاق، وفي المقارنة بين البيئتين: الشّرقيّة والغربيّة، بين الجمود والتّزمّت، والحريّة والتّحلّل، بين التّمرد والتّشدّد، وبين الرّيّاء والصّراحة.
 
وأنا أعلم أنّ الإطار الأخلاقيّ الّذي وضعت فيه شخصيّ الرّواية الوحيدين لن ينطبق على الواقع تمامًاً: موقف البطل الشّرقيّ، بشكلٍ خاصٍّ، لن يكون صحيحًا أبدًا، فما يمكن أن يتعرّض رجلٌ لمثل الموقف الّذي تعرّض له هذا البطل الشّرقيّ، ثمّ يخرج من المعركة العنيفة منتصرًا على التّجربة كما انتصر بطل الرّواية، ولكنّني تعمّدت هذا الموقف، تعمّدت أن أضع البطل الشّرقيّ فيه لغرضٍ أرجو أن يدركه القارئ نفسه دون أن أدلّه عليه، حتّى أقرب النّاس الّذين لم يجاملوني، بل قالوا إنّ هذه الرّواية – كذّابة!!! .. موقف البطل الشّرقيّ هو "الكذّاب" .. هذا صحيح، أعترف به.. وقد تعمّدت أن يكون كذلك.
 
ثمّ بطلة الرّواية الغربيّة، لا يمكن أن يكون موقفها صحيحًا تمامًا: هو صحيحٌ الى حدٍّ ما، ولكنّه لا يمكن أن يصل من التّمادي إلى الحدّ الّذي أردت وتعمّدت أن أصوّره، ولكنّني مع ذلك تعمّدت أن أصوّره بهذا الشّكل لتكمل به الصّورة والنّهاية اللّتان أردتهما.
 
المهمّ أنّني أستطيع أن أقول إنّني قدّمت بهذه الرّواية للقارئ عملًا قويًّا، وأنا واثقٌ من أنّه لن يلقي الكتاب من يده قبل أن يأتي عليه بكامله، مدفوعاً بقوة الحوار والتّحليل، وعنف المواقف، وجاذبيّة الموضوع، وأنا واثقٌ كذلك من أنّ القارئ المنصف سيرى أنّني عالجت هنا موضوعًا جديرًا بالمعالجة القويّة، لأنه أخطر من أن نظلّ ندور حوله من بعيدٍ، دون أن نمسّه عن كثب، خوفًا من أحكام المتزمّتين والمتنطّعين الّذين يقولون باللّسان ما لا يستطيعون الصّمود عليه عند الجدّ.
 
وحين تجد روايتي هذا الإنصاف الصّحيح، سيقول تاريخ النّقد الأدبيّ يومًا إنّها جاءت (علامة فارقة في اتجاه الرّواية العربيّة الحديثة).
 
إلى هذا رميت، وهو ما آمل أن يقوله النّقد النّزيه المنصف
 
.
 
عمّان – 25 ديسمبر 1973
 
عيسى النّاعوريّ

الصفحات