رواية (أتحداك)؛ نظرت آمي إلى انعكاس صورتها في المرآة، وألقت على نفسها محاضرة حازمة ومطولة: عليها أن تعمل جاهدة على تجنب روكو قدر المستطاع.
أنت هنا
قراءة كتاب أتحداك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
- مؤهلاتك العلمية!
سألته وهي تشعر بوجهها يتقد ناراً أمام تحديقه البارد: هل هذا ضروري حقاً؟ أنطونيو يثق بي دائماً..".
- ليس والدي من يدير أمور الشركة في الوقت الراهن. أنا من يفعل ذلك. وهناك احتمال كبير بألا يتمكن من العودة إلى العمل في وقت قريب، وفي هذه الحالة من واجبي أن أستلم زمام الأمور وأعمل على إدارتها بالطريقة التي أراها مناسبة قبل مغادرتي البلاد.
على الرغم من أزيز المروحة الموضوعة على سطح إحدى الخزائن الحديدية الرمادية المليئة بالملفات، بدت الغرفة كأنها فرن، فرفع روكو كمي قميصه. تساءل كيف يمكن لهؤلاء الاشخاص أن يعملوا هنا في هذا الجو الحار. تذكر الصيف الأول الذي أمضاه في نيويورك، قبل أن يبدأ صعوده السريع كالشهب في دنيا الأعمال. يومها عاش في صندوق يشبه هذه الغرفة؛ غرفة نوم واحدة مع حمام صغير ومطبخ تندفع الحرارة من نوافذه المحطمة كالنار في الجحيم. مرت عشر سنوات على تلك الأيام، والذكريات المؤلمة المتعلقة بها أصبحت شبه منسية، والحمد لله. أما الآن فشقته فاخرة، مكيفة لتتأقلم مع حرارة الصيف الشرسة، والمفروشات الأنيقة فيها شهادة واضحة لما يستطيع أشهر المصممين على القيام به عندما يتوفر المال المطلوب.
سألته آمي ببرودة: "ما علاقة عملي بمؤهلاتي العلمية، سيد لوسي؟"
مال روكو إلى الأمام فارضاً عليها قوته وشخصيته المسيطرة وهو يقول: "لأكون صريحاً آنسة هوغان، سأخبرك ما الذي وجدته منذ وصولي إلى هنا. وجدت شركة ناجحة لكنها تتخبط بالاهمال بدلاً من التخطيط والتصميم. أعمال البناء ناجحة، ويبدو أن والدي يمسك سوق العمل ببساطة لأن شركة لوسي للبناء قائمة منذ زمن بعيد، وهي تستفيد من شهرتها. بدا لي أن المدراء قانعون بالجلوس في مكاتبهم وتقبل هذا الوضع الجيد من الأعمال من دون التفكير في احتمال أن تقوم الشركات المنافسة بالتسلل واقتناص فرص العمل في السوق. لا يحتاج الأمر إلى عبقري في الاقتصاد ليرى بوضوح التصدع الموجود في الشركة. بالإضافة إلى ذلك، أجد أن مبالغ طائلة قد وضعت تحت تصرف طفلة، كل ما تفعله هو القيام بدور عاملة محسنة".
- طفلة...؟ تقوم بدور... عاملة محسنة؟ هل تتحدث عني، سيد لوسي؟
- بالضبط!
تراجع روكوإلى الوراء على كرسيه ونظر إليها ببرودة وعدم مبالاة. يبدو أن ذكاءها حاد لكنها مع ذلك ما زالت طفلة... ربما في التاسعة عشرمن عمرها؟ أو العشرين؟ ليس هناك أي أثر لمساحيق الزينة على وجهها. إنه معتاد على التعامل مع نساء يشغلن مراكز هامة في عالم الأعمال، كما أنه معتاد على رؤيتهن يرتدين بذلات عمل ويضعن المساحيق لتزيين وجوههن.
- حسناً! أنا في السادسة والعشرين من عمري، مع أن لا علاقة لك مطلقاً بذلك.
- أه! أنت مخطئة في اعتقادك فهذا هو عملي، على الأقل في هذه الأثناء. أنا مديرك الآن، لذا يهمني جداً أن أعرف ماهي الخبرة التي تؤهلك للتعامل مع هذه المبالغ الطائلة من المال. من هو رئيسك المباشر؟
- رئيسي المباشر كان دائماً والدك!
- إذاً أنت تخبرينني أن لديك الحرية المطلقة للقيام بكل ما ترغبين به، وأن بإمكانك أن تبني أي ملجأ بطريقة تلقائية بمجرد إعلام أبي بالأمر؟ وهل تديرين هذه المشاريع معه في اجتماعات غير نظامية عندما تجدين الوقت لذلك؟
شعرت آمي بالدماء تندفع إلى رأسها من شدة الغضب. هذا يتجاوز حقاً حد التفاخر! شعرت أنها واقعة في مأزق حقيقي، إذ لا يمكنها أن ترميه خارج مكتبها لأنه رئيسها في الوقت الراهن، كما أنه سيبقى رئيسها لفترة أطول إن وجد أنطونيو نفسه مرغماً على التقاعد باكراً. فأنطونيو الآن في السبعينيات من عمره، وأخبرها الطبيب أن ذات الرئة هي أكثر خطورة بالنسبة لمن هم في مثل عمره، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار الذبحة الصدرية التي أصيب بها مؤخراً.
- أشعر بالاستياء من كلامك الذي يلمح إلى أن فريق عملي يفتقد للاختصاص!
- بحق السماء! أخبريني ما الذي يجعلني أفكر بسوى ذلك؟
نظر روكو حوله بتعمد إلى تلك الجدران الوسخة في المكتب، وإلى السجادة البالية ورفوف الكتب الرخيصة التي بالكاد تستطيع حمل كتب القانون وإدارة العقارات.
قالت آمي من بين أسنانها: "سيد لوسي، أنت شخص هجومي بالمطلق".
قطب روكو جبينه بغضب واضح وقال: "سأقرر أن أتجاهل هذه الملاحظة".
- علاوة على ذلك، حالة مكتبي لا علاقة لها مطلقاً بنوعية عملي! آه! أظن أن الأمور تسير بشكل مختلف جداً في نيويورك؟