رواية (أتحداك)؛ نظرت آمي إلى انعكاس صورتها في المرآة، وألقت على نفسها محاضرة حازمة ومطولة: عليها أن تعمل جاهدة على تجنب روكو قدر المستطاع.
أنت هنا
قراءة كتاب أتحداك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بالكاد استطاع روكو تصديق ما سمعته أذناه. من تعتقد هذه الفتاة التافهة نفسها؟ العينان البنيتان اللتان تبدوان كاللوزتين راحتا تلمعان من الغضب. احتاج لبذل مجهود فعلي ليتمكن من استعادة السيطرة على نفسه، وهذه بحد ذاتها تجربة جديدة عليه. قال بصوت حازم هادئ: "أعتقد أننا ابتعدنا عن المسألة المهمة التي بين أيدينا الآن، آنسة هوغان. ومن أجل تحديد الأولويات، أريد أن أرى ملفك الشخصي، وأريد الاطلاع على تفاصيل المشروع الذي تعملين عليه، كما أنني أريد تخفيض الأموال المخصصة له. بالإضافة إلى ذلك، أريد تقريراً منك على مكتبي في صباح الغد يتضمن جداول بالأموال التي أنفقت خلال العامين الماضيين على كل المشاريع التي لا تتوخى الربح، وعن بعض المشاريع القليلة التي قمت بها وأفادت الشركة فعلاً.
فتحت آمي فمها مستغربة، ثم ضحكت بصوت عالٍ وقالت: "أخشى القول إن ذلك أمر مستحيل".
- عفواً! لا أصدق أنني سمعت ما قلته.
- لا مجال مطلقاً لأفعل ذلك كله حتى صباح الغد. كما أن ريتشارد يملك كل هذه المعلومات بكل الأحوال. والآن، هل هناك شيء آخر؟
حسناً! إنها تتصرف بردة فعل واضحة، سامحة للرجل أن يتمكن منها، لكنها لا تستطيع أن تفعل غير ذلك. وقفت ومدت يدها إليه مودعة. نظر روكو إلى اليد الممدودة ببرودة، ولم يتزحزح من مكانه.
- اجلسي آنسة هوغان، فأنا لم انتهِ من التحدث إليك بعد.
- بإمكاني أن أعد لك ملفاً بتلك المعلومات في نهاية هذا الأسبوع.
قالت ذلك وهي تعود إلى مكانها، وتنظر إلى الرجل الهادئ الجالس أمامها بكره عميق.
- تقولين إنك في السادسة والعشرين من عمرك.
وضع روكو ساقاً فوق أخرى، متجاهلاً غصن الزيتون الذي قدمته له. أدرك أنه يستمتع بهذه المناوشة الذكية والمليئة بالثقة بالنفس، مع أن الوقت الذي خصصه للبقاء هنا شارف على النهاية.
فاجأ نفسه بقوة وهو يسأل: "هذا يعني أنك تعملين في شركة لوسي للبناء منذ...؟ أربع سنوات...؟ من المؤكد أنك أثبت نفسك بشكل قوي جداً وفي وقت قصير لتحصلي على مركز القيادة في هذه المجموعة التي تستمتعين بترؤسها. اعترفت آمي بخشونة: "منذ عشر سنوات".
- عشر سنوات؟ هذا أمر غير مفهوم بالنسبة لي.
- ما الذي لم تفهمه؟
- متى تمكنت من إنهاء المرحلة الجامعية؟
امتد الصمت بينهما حتى الملل. أخيراً قالت آمي: "لم ألتحق بالجامعة، سيد لوسي. التحقت بشركة والدك مباشرة بعد أن أنهيت المرحلة الثانوية".
ما كان روكو ليندهش أكثر لو أنها أعلنت أنها نشأت بين جماعة من الذئاب في أفريقيا.
قالت بسرعة بنبرة دفاعية: "لا يحظى الجميع بفرصة الالتحاق بالجامعة. إنها امتياز وليست حقاً".
لم تستطع تحمل النظرة المباشرة من تينك العينين الزرقاوين الثاقبتي النظرات، فأخفضت بصرها لتتمكن من التحديق بطرف رسالة وضعت على مكتبها.
- أتقصدين أن علاماتك لم تكن كافية لتدخلي الجامعة؟
- أقصد، سيد لوسي...
تنفست بعمق ورمته بنظرة سريعة من تحت أهدابها قبل أن تتابع: "... أن أمي توفيت وأنا صغيرة، وكبرت طفلة وحيدة مع والدي. عندما أصبحت في الرابعة عشرة من عمري أصيب والدي بالألزهايمر، وعندما أصبحت في السادسة عشرة لم يكن لدي خيار إلا بوضعه في مركز للخدمات الاجتماعية. أنهيت امتحاناتي، لكنني لم أستطع متابعة دراستي. حصلت على عمل مع والدك، وحالفني الحظ بالعيش مع عائلة بالتبني حتى أصبحت ناضجة بما يكفي لأنتقل وأعيش بمفردي. لطالما رغبت في الالتحاق بالجامعة، لكنني بالكاد تمكنت من الاستمرار مع وجود والدي في مركز الرعاية، لذا لم يكن لدي أي خيار".