رواية " الدكتورة هناء "، تأليف ريم بسيوني، والذي صدرر عن مكتبة مدبلولي عام 2008 ، نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب الدكتورة هناء
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الدكتورة هناء
كم جلست؟..كم بقت؟.
حتى سمعت صوت السكرتير القوي: دكتورة هناء..الدكتور سامي عايز يقابلك.
قامت في خطى ثابتة بفستانها الفضفاض وشعرها الأسود وحذائها الغريب البرتقالي ، وفتحت الباب في ثقة ، ونظرت إلى زميلها المتفوق في النفاق والعلاقات العامة! رئيس القسم. وكانت تكره سامي وزوجته وابنه المعيد وكل عائلته التي تعمل في الجامعة. كانت تكره سامي الرجل وسامي الأستاذ.
و كان الشعور متبادلاً.
قال في سخرية: تريدين الذهاب إلى أمريكا يا هناء؟
كان يناديها هناء ، وكان عليها أن تناديه بدكتور سامي! وكانت تكره أن تناديه.
قالت في فتور: أريد الموافقة على المؤتمر. طلبت موافقتك منذ ثلاثة أشهر ولم توافق بعد ، لماذا؟
قال في حدة: أنا من أسأل وأنت تجيبين ، وليس العكس.
شعرت بالحرارة تسري في عروقها ، وقالت في قوة: اسأل إذن؟
نظر إلى تل من أوراق الامتحانات ، وقال: لم تصححي امتحاناتك. يمكنني تحويلك إلى التحقيق!
قالت في قوة وكل جزء من جسدها يهتز: لم أصحح هذه الأوراق لأنني لم أدرّس هذه المادة وأنت تعرف هذا. درَّسها دكتور علي ثم سافر إلى السعودية إعارة ، وأنت وافقت له على الإعارة ولا توافق لي على حضور مؤتمر علمي سيفيدني في...
قاطعها في حزم: هل قلت: أنت؟ حضرتك..تقصدين حضرتك! هناء إما أن تصححي الامتحانات أو لن أوافق.
فتحت فمها فأكمل: ليس عندي وقت لأضيعه..عندك خمسمائة ورقة ، هل تستطيعين تصحيحها حتى الصباح؟ إذا كنت تستطيعين ، فسأمضي لك على الموافقة ، وسوف تمضين لي على أنك استلمت الأوراق ، وسوف تسلمينها لعبد الحميد في الصباح.
نظرت إليه في ذهول وفزع واليأس يتسلل إلى رأسها والأفكار تتراكم بداخلها.
عيد ميلادها الأربعين..مازالت عذارء.
غداً ستذهب إلى أمريكا حيث يقطن حبها الأول ، رامي المصري.
و اليوم يجب أن تفقد عذريتها ، وتصحح خمسمائة ورقة ، وتصفع سامي صفعة قوية ، ثم تدك رأس عبد الحميد بمطرقة قوية، ثم تفقد عذريتها..ثم تذهب إلى المؤتمر..و ربما تقابل رامي ، وربما لا.
ثم تفقد عذريتها.
ستعود إلى البيت ثم..
جلست على المقعد تحملق في عبد الحميد من جديد وعلى فخذيها خمسمائة امتحان ، بالكاد تستطيع أن ترى وجه عبد الحميد.
- دكتورة هناء.
نظرت من بين الأوراق إلى الشاب الواقف أمامها وقالت في ميكانيكية: إزيك يا خالد.
ابتسم لها الشاب وقال وعيناه لا تلتقي بعينيها أبداً: عايزة مساعدة يا دكتورة؟ أشيلك الورق ده؟
قالت وهي تحاول الوقوف: ياريت يا خالد.
حمل الأوراق منها ، فقامت واتجهت إلى الباب دون أن تنبس بكلمة إلى عبد الحميد.
سارت بجانب الشاب ونظرت إليه ، رفعت عينيها إلى رأسه ، كان أسمر ونحيفاً. كان مصرياًّ وعيناه أبداً لا تقابل عينيها. الخجل ينبثق من كل ملامحه ، والثقة تسطع من بين شفتيه ، وكانت تحتاج رجلاً. وكان خالد لم يتعدَّ الخامسة أو السادسة والعشرين..و كانت هي في الأربعين ولكنها كانت صغيرة وضئيلة ، والشعر الأبيض كانت تعالجه بسرعة بصبغة سوداء قوية تناسب حاجبيها السوداوان الثقيلان.
قال في هدوء: إلى أين؟
- كنت تريد دكتور سامي يا خالد؟ أنا آسفة سوف أعطلك عن..
قاطعها في هدوء: سأذهب له بعد ساعة ، هل تحتاجين مساعدة يا دكتورة؟.
نظرت لعينيه ، فأدار عينيه في خجل. ابتسمت قائلة: أحتاج إلى الكثير من المساعدة. الكثير من المساعدة.
قال في نفس هدوئه الذي كان يستفزها: تحت أمرك.
- شكراً يا خالد..فاكر لما كنت بدرسلك شعر فيكتوري ، كنت أحسن طالب عندي.