كتاب " الدعم وحماية المستهلك في ظل العولمة " ، تأليف إبراهيم الأخرس ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2008 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب الدعم وحماية المستهلك في ظل العولمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الدعم وحماية المستهلك في ظل العولمة
لقد أصبح الفقر يضغط على مجتمعنا بقوة متزيدة ، لذلك أصبح السلام الاجتماعى فى مصر فى خطر مؤَكَّدٍ ، وأول مثال على ذلك تزايد أعداد الجريمة والعنف فى الفترة الأخيرة وخاصة بعد أن ربط الخبراء والباحثين بين التفجيرات التى حدثت فى حى الأزهر بالفقر . وبالتالى فإن مشكلة اختلال التوازن بين البشر واحتياجاتهم ما زالت تمثل هاجس أو ناقوس خطر لم يعد صالحا لمستقبلنا ، لأننا ما زلنا نسير فى درب تقليدى لتوفير الطعام ، لأنه يشكل عنصر بقاء أو فناء ، فليس من المعقول أن ندعى بأننا نحترم حقوق الإنسان ، ونحن لم نوفر لهذا الإنسان وسيلة لمواجهة ضغوط الحياة والتى يأتى فى مقدمتها توفير الغذاء .
وربما كان الخطر على السلام الاجتماعى لانتقال الأثرياء الجدد الذين تحولوا إلى طبقة استفزازية ، بما اتصفوا باللامبالاة وتجاهل لآلام الآخرين ومشاعرهم المادية والإنسانية ، حتى أضحى الترف والبذخ سمة الأغنياء ، ونحن لسنا ضد الثراء أو الغنى طالما قد جناه صاحبه من رزق حلال ، ولكن أن يتحول الغنى لأداة لتدمير مقومات وهياكل المجتمع واختلال اتزانه أو استقراره !!!.
إن جوهر مشكلة الدعم ليس ماليا بل هو هيكليا ، فعلى الجانب المالى ، فإن أحدا لا يستطيع أن ينازع فى أن المبالغ المخصصة للدعم السلعى والغـذائى قد أخذت فى التزايد على نحو كبير ، فلقد قفز الدعم من 2 مليار جنيه عام 1981-1982 إلى 15 مليار عام 2005 ، فى الوقت الذى ارتفعت الأسعار العالمية للسلع والمواد التموينية المستوردة بنسب عالية ، وازدادت بعد التدهور غير العادى لأسعار الجنيه المصرى أمام الدولار فى بداية القرن الحادى والعشرين ، حيث وصل سعر الدولار أمام الجنيه المصرى إلى ستة جنيهات .
وهذا يدل على وجود خلل فعلى فى هيكل الإنتاج القومى ، والذى قد أدى بالضرورة إلى تزايد الاعتماد على العالم الخارجى ، الأمر الذى انعكس بشكل واضح على مشكلة الدعم ، فى الوقت الذى يوجد هناك خلل فى توزيع الدخل القومى بين الفئات والطبقات الاجتماعية فى مصر ، مع الأخذ فى الاعتبار أن الغالبية العظمى من الشعب المصرى من كاسبى الأجور والمرتبات ، وهذه الفئات تتدنى لديها مستويات الدخل ومحدوديته .
ومن الأهمية بمكان فإن هناك ضرورة حتمية لإعادة توزيع الدخل من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتصحيح بعض الآثار السلبية التى أحدثها التفاوت فى توزيع الدخل ، ويُعد الدعم أحد الصور الهامة فى إعادة توزيع الدخل(4) ولذا أصبح لزاما على الدولة ضمان توفير السلع والخدمات الأساسية بكميات معينة وبأسعار ملائمة للطبقات والفئات الاجتماعية التى تطحنها موجة الغلاء .
وبناء على ارتفاع أسعار السلع سارعت الحكومة المصرية انطلاقا من مسئوليتها للتخفيف عن كاهل محدودى الدخل وذلك عن طريق تحمل الفروق الناجمة عن التكلفة المرتفعة للسلع المدعمة وسعر البيع ، مع العلم أن حوالى 75% من أرقام الدعم دائما ما تذهب لتمويل دعم رغيف الخبز والسلع التموينية الضرورية والسلع الإضافية التى أضافتها الوزارة بداية من مايو عام 2004 .
وبالرغم من تزايد الأهمية النسبية للدعم على الغذاء فى مصر لجميع فئات المجتمع وللفقراء على وجه الخصوص على مدى العقدين الماضيين ، حيث لا يزال الفقراء يستفيدون منه بشكل نسبيى أكثر من باقى الفئات الأخرى . فمن المعروف أن العاملين فى الحكومة والقطاع العام ليسوا كل المستحقين للدعم فهناك نسبة ضخمة ممن يعملون فى القطاع الخاص يستحقون الدعم وليس من السهل إيصال الدعم إليهم .
وتعــتبر مشكلة توفير الغذاء هى أخطر ما تواجهه الدول النامية من تحديات ، وقد واجهت دول كثيرة خلال السنوات الماضية مشكلة نقص الغذاء فى مواجهة زيادة الاحتياجات وزيادة السكان ، فى الوقت الذى تنافست دول عديدة بعضها من الدول المتقدمة على كميات محدودة من الغذاء وبصفة خاصة الحبوب باعتبارها أهم مصادر الغذاء فى الكرة الأرضية ، فى الوقت الذى لجأت بعض الدول إلى الاندماج فى تكتلات اقتصادية بينها وبين الدول المنتجة لفك سوق احتكار الغذاء وتعظيما للأرباح وتحقيقا لأهداف سياسية فى نفس الوقت .
وفى خضم هذا الصراع وجدت الدول النامية نفسها محاصرة وإن كان عليها أن تخطو خطـوات إيجابية لتـلاشى الوقوع فى مـثل هذه الأزمات الغذائية ودرء المخاطر عن شعوبها (5) ، وغالبا ما تنـشأ المشكلة الغذائية عن عدد من الأسباب التاليــة :-
1- زيادة النهم الاستهلاكى للسلع الغذائية الأساسية مما يضطر الحكومة إلا استيراد السلع مما يؤثر على ميزان المدفوعات بالسلب.
2- زيادة السكـان .
3- الارتفاع العالمى لأسعار كافة السلع الغذائية الهامة كالقمح وغيرها ، الأمر الذى يؤثر سلبيا على موازين المدفوعات من جراء الحصول على السلع لسد العجز فى إنتاجها الغذائى .
4- سوء الأحوال الجوية والذى قد يؤدى بدوره إلى انخفاض المخزون العالمى من المواد الضرورية .
5- انخفاض الدخول مما يترتب عليه عدم إمكانية الدول من القيام بعمليات الاستيراد وذلك لسد العجز والنقص المتزايد فى الغذاء.
لقد أصبحت المشكلة الغذائية فى الوقت الحالى من أخطر جوانب الأزمة العالمية ، فى حين تفاقمت المشكلة الغذائية وازدادت الهوة بين الأغنياء والفقراء ، ولسوف تستمر الفجوة فى الاتساع ، ولذلك فإن هذه المشكلة ما زالت تحتل المرتبة الأولى ، لما ينطوى عليها من مخاطر(6) ، وإذا كان الجوع هو ناتج نواقص وقصور الإنسان وهو الذى صنعه ، وذلك نتيجة العجز فى إمكانية استغلال الموارد الطبيعية التى سخرها له الله تعالى عز وجل ، فالجوع يرجع إلى عجز الــثقافة الحاضرة عن سد الحاجات الأساسية للبشرية (7) .