كتاب " الدعم وحماية المستهلك في ظل العولمة " ، تأليف إبراهيم الأخرس ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2008 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب الدعم وحماية المستهلك في ظل العولمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الدعم وحماية المستهلك في ظل العولمة
إن الدعم لا يصل الآن إلى مستحقيه بصورة كاملة حيث يحصل عليه من لا يحتاج إليه من أصحاب الدخول المرتفعة أو من لا يستحقه ، وعندئذ يصبح من الإنصاف أن يعاد مرة أخرى توصيف فئات الدعم فلا يمكن أن نحرم 30% ممن يعيشون تحت خط الفقر من الدعم ، فلا يمكن أن نستبعد من يُدخل للدولة عملة صعبة من العاملين بالخارج ، والحل أن نعيد توصيف الدعم وفقا لأولوية من يستحق ومن لا يستحق حتى يمكن وصول الدعم إلى مستحقيه الفعليين ، فلو افترضنا إلغاء الدعم على السلع والخدمات وفقا لاعتبارات السوق الحرة والتوجه نحو اقتصاديات السوق ، فإن المتوفر من الدعم سيكون 20 مليار جنيه مصرى سنويا وهذا المبلغ يمكن أن يوزع كلٌ حسب حاجته ودخله مع الأخذ فى الاعتبار المحافظة على زيادة دخول الطبقات الدنيا وهذا يحقق قدرا كبيرا من العدالة الاجتماعية بالإضافة إلى أنه سوف يجعل الدولة تفى بمتطلباتها وواجباتها حيث أن دور الدولة يُعد ضرورة لا غنى عنها ، ولكن مكمن الخوف من الدعم النقدى هو زيادة معدلات (التضخم)وزيادة أصحاب الدخول العليا دخلا ، ومن ثم فإن فــكرة الدولة القوية التى تكــفل حقوق الأفراد هى نقطة البدء فى المجتمعات الحرة ، حيث أن حقوق الأفراد لا يمكن أن تزدهر إلا فى ظل دولة القانون التى تضع الضوابط على سلوكيات الأفراد وتحمى حقوقهم(12).
لأن ترك هذه من قبل الدولة لا يعدو إلا أن يكون تراجعا لصالح الأقوياء ماليا أو الأغنياء وإهدار حقوق الفقراء ومحدودى الدخل الضعفاء . ونود الإشارة إلى أن اقتصاد السوق لا يمكن أن يقلص دور الدولة ، لأن السوق لا تقوم فى غياب دولة قوية تضع الســياسات والخطط الاستراتيجــية والرقابة والإشراف وتوفر الخدمات الأساسية ، ونُدلل على هذا بأن أكثر الدول تدخلا فى الحياة الاقتصادية هى الولايات المتحدة الأمريكية . والدليل التدخل المباشر فى عمل واستثمارات شركة مايكروسوفت الأمريكية للبرمجيات والتكنولوجيا ونحن فى بداية القرن الحادى والعشرين لكى لا يتم إحتكار السوق .
فلم يعد دور الدولة قاصرا فى الوقت الراهن على توفير الأمن فى الداخل والخارج وضمان استقرار الإطار القانونى للنشاط الاقتصادى ، بل أصبحت مسئولة أيضا عن توفير قدر من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وضمان تحقيق درجة كبيرة من العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع وتوفير عدد من السلع الأساسية والخدمات الضرورية الهامة إلى كافة أفراد الدولة . إذن فنحن فى صدد الحديث عن دور الدولة الاقتصادى الذى يهدف إلى تحسين أدائها وليس إلى مناقشة ضرورتها ، وإذا كان دور الدولة ضروريا لاستمرار حياة المجتمع ، فإن التعرف على الشكل الأمثل لدورها هو شرط تقدمها ونجاحها .
وكما قال المسلمون الأوائل " السلطان الجائر خير من الفتنة " ( سلطان غشوم ولا فتنة تدوم ) .
إن القاعدة العريضة من الشعب تتكلم بدون مقابلة هذا الكم من الكلام بواقع عملى وإنتاج فعلى فى ظل غياب القاعدة الأخلاقية التى تقوم على يقظة الضمير والخوف من الله وليس الخوف من القانون ، لذلك اتسم السلوك الخاص بالحكومة والقــطاع العام ، وكذلك سلوك الأفراد بالسلوك السلبى نتيجة الإحساس بضياع عنصر الردع والثواب والعقاب ، فى ظل زيادة مساحة الفساد اتساعا حتى استشرى السلوك الاتكالى فى مجتمعنا ، وأصبح من المستحيل إعادة تقويم هذا الإنسان لكى يرتقى بمسئوليته .
لذلك فإننا نرى أن طــريق الإصلاح الحقيقى لابد أن يبدأ أولا وقبل كل شيء من إعادة بناء الإنسان لأنه أهم عناصر الإصلاح على الإطــلاق ولا يمكن أن يتم هذا الإصلاح إلا من خلال منهجين :-
الأول فى الأجل القصير ، وهو يكون عن طريق وسائل الإعلام الهادف الذى يمكن أن يعيد بناء الإنسان وليس العمل على بث التيه والانحلال .
أما فى الأجل الطويل ، فيكون عن طريق التعليم منذ نعومة أظافر الأطفال فى دور الحضانة لبناء سلوكيات جديدة فى الإنسان لإعادة تقويم البناء منذ الطفولة إلى الجامعة بعد أن غاب دور الأسرة فى معركة الحياة فى مشوار البحث عن رغيف الخبز لإسكات صراخ البطون .
إن على الدولة إعادة تهيئة الإنسان بشجاعة لكى يواجه معركة الحياة والتنمية والتقدم وهذه هى الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الهدف المنشود ، فقبل أن نأخذ .. لابد أن نعــطى .. فلن نقطف ثمرا حتى نزرع شجرا .. فى ظل التوازن بين ما نعطى وما نأخذ ، وهذا لن يحدث إلا فى ظل أسلوب المشاركة فى عملية التخطيط واتخاذ القرار وليس الانعزال بين متخذ القرار والمطبق عليه القرار داخل مؤسسات الأعمال .
إن بداية الإصلاح الحقــيقى تكمن فى إشراك الشعب فى اتخاذ القرارات فى ظل المصارحة والشفافية واطلاع الشعب على حقيقة المشكلة لكى يتحمل الشعب مسئولياته فلا أقل من أن يشارك الشعب فى اتخاذ القرار والاطلاع على نتائجه . ولا يجب أن يقتصر دور الشعب بالمتفرج الذى لا يهمه فى النهاية غير النتائج ولا يعنيه سوى الزيادة فى دخله الخاص وقدرته على توفير احتياجاته لإشباع رغباتها .
لقد زاد عدد السكان فى مصر ، فبعد أن كان عدد السكان عام 1984 يقدر بـ 56 مليون نسمة أصبح 70 مليون نسمة عام 2005 ، ومن المحتمل أن يصل عدد السكان عام 2025 إلى 97.4 مليون نسمة وهذا يتطلب جهد أكبر لكى يتم توفير احتياجاتهم فى المستقبل ، حيث أن توفير الخدمات الأساسية للمجتمع يُعد مبرراً لوجود الدولة فى كافة المجتمعات الإنسانية ، فلابد من أن تقوم الدولة بتوفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية اللازمة للحفاظ على الهوية وصيانة المجتمع سواء تعلق ذلك بتوفير الأمن والعدالة فى الداخل أو المخاطر فى الخارج .