أنت هنا

قراءة كتاب الدعم وحماية المستهلك في ظل العولمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الدعم وحماية المستهلك في ظل العولمة

الدعم وحماية المستهلك في ظل العولمة

كتاب " الدعم وحماية المستهلك في ظل العولمة " ، تأليف إبراهيم الأخرس ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2008 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
2
Average: 2 (1 vote)
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 8

لذا يجب أن يتوفر لدينا سياسات وخطط توضع لعلاج وعبور الفجوة الغذائية من خلال الإسهام الحقيقى فى حل مختلف مشكلات العجز الاقتصادى والتخلف ، وهذا من شأنه الإنجاز الكفء على هذا الصعيد ، وهذا يؤدى إلى تمهيد الطريق لمطالبة الناس بتحمل مسئوليتها فى كافة الاتجاهات ، ومن هنا يجب مراجعة الدعم أو إعادة النظر فى هياكله وأساليبه من خلال تغيير أنماط الاستهلاك فى المجتمع وتحويل طاقاته المستهلكة السالبة العاطلة إلا خلايا منتجة .

ولقد وجهت تلك السياسات الانفتاحية ضربة قاصمة للطبقة المتوسطة فى المجتمع حيث أن هذه الطبقة تُعد هى المُحَافِظَة الدائمة على توازنه ، فلقد تعمق الخلل حتى انضمت أغلبية الطبقة المتوسطة إلى الطبقات الدنيا ، ومن ثم اتسعت الهوة بين سقف المجتمع الذى يضم قلة من الأثرياء الجدد أو الأمراء الجدد وبين قاعه الذى أصبح يعانى من الفقر بدرجات متفاوتة ، لذا فإننا مطالبون بأن نعقلها قبل أن نتوكل ، لأننا أصبحنا نعتمد على التواكل المخل حيث المصير متروك تماما لعناية القدر دون أن نبذل أى جهد كافى لكل المشكلة (10).

علينا أولا قبل كل شيء ( توفير الحد الأدنى من السلع والخدمات ) لكافة أفراد الشعب لإشباع احتياجاتهم حيث أن الغالبية العظمى فى بلادنا محدودة الدخل (85%) ، لا يصل أفضل طموحهم إلى درجة مجرد الحصول على كوب ماء نقى للشرب ، وغذاء أفضل ، وهذا ما قد تحقق فى السنوات الأخيرة فى مصر ولكن مع سيادة اقتصاد العولمة وثورة الاتصالات والمعلومات قد اطَّلع المواطن على أنماط جديدة من الاستهلاك وعدم القناعة فى ظل المضى قدما فى طريق إشباع الحاجات المتنامية التى لا يقنع الفرد بالنعمة التى رزقه الله بها ، بل بات يطمح أن يكون مثل هذا وذاك ، لكن الله تعالى قد قسم الأرزاق بين البشر وحدد إنفاقــها عندما قال ( لينفق ذو سعةٍ من سعته ) . لذا لا يجب علينا أن نهرول كثيرا وراء سراب للِّحاق بمستويات المعيشة فى البلاد المتقدمة حيث أن حجم الفجوة الزمنية بيننا وبينهم قد اتسعت ، ولا يمكن اللحاق بهم والعيش فى مستوياتهم ، فبالنظر لحجم الإنتاج أو معدل العمل الفعلى بين الفرد فى البلاد المتقدمة والفرد فى البلاد النامية ، كان الفرد فى البلاد المتقدمة يعمل بالجد ولاجتهاد لمدة ستة ساعات ، فى حين أن عدد ساعات العمل فى البلاد النامية لا يتجاوز 17 دقيقة فى اليوم .

إن الدول النامية ليس لديها استراتيجية خاصة بها تسير عليها ومن الســخف بعد ذلك أن تحدد هذه الدول الفقيرة لنفسها هدفا ، لأنها كلما قطعت نحو هذا الهدف شوطا ، أمعن هذا الهدف المنشود فى الابتعاد . لأن رفع شعار اللحاق بالدول المتقدمة من شأنه الشعور بالحرمان لدينا على نحو يسهل انقيادنا نحو نمط الحياة الغربية . لذلك فإن إلقاء الكرة فى مرمى الافراد خطأ فى التقدير والتوجيه لأن الكرة ستظل تعمل فى مرمى الحكومة التى يجب أن تنهض بمسئولياتها وواجباتها أولا وبعد أن تنهض بهذه المسئولية لن تجد صعوبة فى دعوى الشعوب إلى الالتزام بخطتها والاستجابة لقراراتها .

لقد كان أجدادنا فى الماضى ينعمون فى ظل الفقر ، وسعداء رغم ندرة الدخل ، لأنهم كانوا ينفقون دخولهم على ضرورات الحياة فقط كالماء والغذاء والملبس والمسكن ، وهى أشياء كان يسهل فى الماضى على الإنسان تحديد صفاتها المادية كما كان يسهل عليه أن يتنبأ بمقدار المـنفعة أو الإشباع الذى سوف يعود عليه من استهلاكها ، لكننا ونحن الآن فى ( زمن العولمة ) ومجتمعات الرخاء فلقد ذهبنا ننفق دخولنا على سلع وخدمات لا يمكن اعتبارها من قبيل الضروريات ، فى حين أن كثيرا منها يتميز بدرجة عالية من التعقيد سواء فى صنعها أو استخدامها واستهلاكها ، وهذه السلع يصعب على المواطن العادى الذى يمثل اليوم الأغلبية من الشعب أن يحيط بصفاتها المادية وقدرتها النفعية على تلبية احتياجاته ، وهذه السلع باتت تتطلب سلعا جديدة وخدمات محملة لا يمكن الاستمتاع بالأولى إلا بوجود الثانية ، وهذه السلع هى التى أرهقت الأسرة المصرية محدودة الدخل.

إن من أكبر أسباب قلق الإنسان تركيز تفكيره على ما يريد أن يمتلك ، لا على ما يمتلكه بالفعل ، فى حين أن رغبات الإنسان من متع الدنيا لا منتهى لها ، ما لم يحاول الإنسان الوقوف عند حد معين من هذه الرغبات المشتهاة . ولقد بين الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، ذلك فى طبيعة الإنسان الذى لا يشبع من متاع الحياة الدنيا ومتعها بقوله :(" لو كان لابن آدم وادٍ من مال لابتغى إليه ثانيا، ولو كان له واديان لابتغى لهما ثالث ورابع ، ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب " (11) ) .

وهذه الطبيعة التى تريد وتريد وتريد من غير أن تشبع أو تقنع تجعل صاحبها لا يستريح فى الحياة مهما أعطى من النعم ، كونه دائما يتطلع إلى غيرها، أو لما هو أسمى منها ، وهذا التطلع الدائم وهذه الرغبة الجامحة دائما ما تنغص عليه حياته وتنكد حاضره وتضر بمستقبله ، وتجعله لا يستقبل نعم الله عليه بالشكر والحمد والرضا ، بل يتقبلها بالجحود والنكران ، وعندئذ تزول النعمة ولو بعد حين، ويبقى هو فى شقاء دائم ، هذا الذى دام معه وصاحبه منذ حضور النعمة ولم يفارقه عند زوالها .

ولو أدرك الناس ما تحت أيديهم من نعم لأدركوا أنها وإن قلت أو شحت فى أعينهم وأنفسهم أعظم من أن تُعد أو تُحصى ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) " النحل 18 " . إذن فإن هناك تطلع مشروع لمزيد من النعم يطلبه أصحاب الهمم العالية الذين يواجهون الصعاب ويتحملون الأخطار والأهوال ويقتحمون الأخطار ، والذين عندهم من المصابرة والمثابرة على الأعمال النافعة بما يحققون به لأنفسهم شيئا زائدا من متاع الدنيا وطيباتها .

ولقد أمر الله سبحانه وتعالى المشــى فى الأرض والسير فيها ، فلا بأس إذن من الســعى المشروع لتحقيق المزيد من المتع ، لكن على الشعوب أن تعلم أن القــدرات متفاوتة وأن طاقات البشرية ليست متعادلة والناس ليســوا سواسية فى هذا الجانب ، فمن ليس له جهدا دؤوب وسعى وهمة عالية ونشاط موصول ، لذا عليه أن يرضى بحظه فى الحياة مع استمراره فى السعى والعمل وأن يقنع بما عنده ، وما عليه إلا القناعة لأنه قد يكون أفضل من غيره .

لقد أضحت الأسر الفقيرة أو محدودة الدخل اليوم فى الدول النامية هى التى تسعى إلى امتلاك الكماليات وسلع المفاخرة والتباهى ولننظر إلى التليفون المحمول ( الجوال ) سنجد أن محدودى الدخل الذين يعيشون تحت مستوى حد الكفاف هم الذى يسعون إلى الحصول عليه بالرغم من ندرة الدخل ، فى حين أن أفراد هذه الأسر يمتلكون أكثر من جهاز محمول بين أفرادها .

الصفحات