كتاب " أسس علم النفس الاجتماعي " ، تأليف د. أحمد محمد الزعبي ، والذي صدر عن دار زهران عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب أسس علم النفس الاجتماعي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أسس علم النفس الاجتماعي
المصادر الرئيسية والفرعية لعلم النفس الاجتماعي
أ- المصادر الرئيسية:
وهي علم النفس، وعلم الاجتماع، والإنثروبيولوجيا (علم البشر): وهو العلم الذي يهتم بدراسة أصول الحياة الاجتماعية البدائية، ومظاهر الثقافة في تطورها من تلك العصور إلى المجتمعات الحديثة.
فعلم النفس يهتم بدراسة السلوك عامة بهدف التوصل إلى القوانين العامة التي تحكم هذا السلوك. فالسلوك الذي يصدر عن الأفراد ليس إلا ثمرة للتفاعل الحاصل بين الفرد وبيئته الداخلية والخارجية (الاجتماعية)، سواء أكان هذا السلوك معبراً عن نشاط جسمي أم عقلي أم انفعالي أم اجتماعي.
وأهم موضوعات علم النفس دراسة التعلم، والإدراك، والتذكر والتفكير، والدوافع.. الخ. فعلم النفس يدرس أثر الدوافع النفسية على السلوك الاجتماعي للأفراد، كما يدرس الاتجاهات والتعصب على أساس أنها دوافع اجتماعية مكتسبة، بالإضافة إلى أنه يدرس التعلم والإدراك من حيث كيفية تأثير المنبهات والمواقف الاجتماعية عليها.
بالإضافة إلى ذلك فإن دراسات علم النفس الفسيولوجي تهتم في مدى تأثير الغدد على الشخصية والسلوك، والتعرف على تأثير الجهاز العصبي على السلوك الإرادي الذي يشرف عليه لحاء المخ والمراكز العصبية العليا. ومن أهم الظواهر هنا ظاهرة الكف (أي كف السلوك) وتداخل ذلك وارتباطه باستخدام العقاقير والمنبهات والمخدات وما يكون له من تأثير على انطواء و انبساط الشخصية.
وهذا يرى "آيزنك" أن الكف في اللحاء إذا زاد عن حد معين – وقد يزيد نتيجة لخلل فسيولوجي في الجهاز العصبي أو نتيجة لعوامل اجتماعية بسبب كثرة التفكير أو الضغوط الاجتماعية، أو لكثرة تعاطي المخدرات مما من شأنه أن يقلل من عملية الإثارة وهذا يؤدي إلى ظهور انطوائية في حين أن انخفاض الكف نتيجة لخلل فسيولوجي أو تناول المنبهات يؤدي إلى زيادة إثارة الجهاز العصبي وحاسيته ويخلق شخصية انبساطية ومن المعروف أن التفكير والضغوط الاجتماعية، والإقبال على تناول المخدرات هي موضوعات يتناولها علم النفس الاجتماعي في الوقت الحاضر بمزيد من الاهتمام حيث تتداخل آثارها بين علم النفس الفسيولوجي وعلم النفس الاجتماعي.
كما أن اهتمام علم النفس التطوري ينصب على دراسة مظاهر النمو الإنساني دراسة علمية في مراحله المختلفة منذ بدء التكوين وحتى الوفاة. كما يهتم أيضاً بمعرفة أثر وأهمية العمر الزمني والخبرات السابقة في تشكيل السلوك، والتعرف على الخصائص العامة لأنماط السلوك الشائعة في كل مرحلة عمرية.
ولهذا فإن السلوك النفسي – الاجتماعي لا ينجم عن الوراثة فحسب بل إن مواقف التنشئة الاجتماعية تتداخل معها في إيجاد هذا السلوك.
ولهذا نجد أن موضوعات علم النفس الاجتماعي وعلم النفس التطوري تتداخل بعضها مع بعض وتظهر مدى العلاقة الوثيقة بين العلمين.
كما لعب علماء الاجتماع مثلاً دوراً فعالاً بصفة خاصة في تطوير أساليبنا، فعملية التعارف تعتمد مثلاً على أبنية اجتماعية تساعد على حدوثها وتسهلها. فمن الصعب أن يتمكن رجل من مرتبة اجتماعية دنيا التعرف على رجل رفيع المكانة. ولكي ندرس الموقف الاجتماعي بالتفصيل لا بد من معرفة النظريات وأساليب القياس التي يقدمها لنا علماء الاجتماع، وأن نكون قادرين على استخدامها. لذا فكثيراً ما يشار إلى علم النفس الاجتماعي بأنه "علم الاجتماع المصغر" (لامبرت،1989). بالإضافة إلى ذلك فإن لعلم الاجتماع دوراً في توجيه بعض أبحاث علم النفس الاجتماعي وذلك لدراسة سيكولوجية الجماعة الصغيرة، وديناميات الجماعة والمجتمع، والرأي العام والإشاعات.... إلخ لذا فإن الفرد في تفاعله الاجتماعي هو جوهر البحث في علم النفس الاجتماعي.
كما نعد الأنثروبيولوجيا أحد فروع الدراسات الاجتماعية، فقد ساهمت إلى حد كبير في تفهم السلوك النفسي الاجتماعي، وفي مراجعة بعض الحقائق والنظريات في هذا المجال.
من جهة أخرى فإن الأنثربولوجيا تستفيد من علم النفس الاجتماعي، حيث أن من شروط إجراء الدراسات الانثربولوجية أن يعيش الباحث في إطار المجتمع الذي يدرسه في مرحلة معينة من دراسته، ومن أجل أن يعيش داخل هذا المجتمع لا بد له من فهم أنماط سلوكه الاجتماعي المختلفة وعاداته، وأن يتعلم هذه العادات. ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بفهم علم النفس الاجتماعي (الشيخ، 1992).
ب- المصادر الفرعية:
من أهم المصادر الفرعية لعلم النفس الاجتماعي علم الاقتصاد، وعلم السياسة.
فعلم الاقتصاد يهتم بوسائل العرض والطلب للسلع والبضائع الاستهلاكية وبتسويق هذه السلع بدءاً من الوقت الذي يتم فيه إنتاج السلعة، وانتهاءً بوصول هذه السلعة إلى المستهلك. ويتضمن التسويق كل أساليب النشاط التي تتوسط هاتين النقطتين مثل حركة انتقال السلع، وتخزينها، وتزويد الزبائن بالمعلومات عن هذه السلع... الخ.
أما علم النفس الاجتماعي فيدرس سيكولوجية المستهلك، وسيكولوجية الإعلان، وسيكولوجية البائع. فهو يعالج هذه النواحي بصفتها أنماطاً من السلوك صادرة عن أنماط من البشر.
أما علم السياسة فقد أصبح موضع اهتمام علم النفس الاجتماعي في السنوات الأخيرة، حيث ركز علماء النفس الاجتماعي على نواحي التقارب والتباعد والتفاعل التي تسود بين الأمم والشعوب، فقد وجدوا أن الدول كالجماعات يحدث فيها صراعات وتوترات، وسلام ووئام. والموضوع الرئيسي الذي أعاره علماء النفس الاجتماعي اهتماماً كبيراً هو الاتجاهات نحو الشعوب، وذلك لمعرفة التأييد والرفض لهذه الشعوب. كما اهتموا أيضاً بدراسة الطابع القومي، أي الخصائص التي تميز شعباً عن شعب آخر، من حيث العادات والتقاليد في الحرب والسلم. كما أن السياسيين يعتمدون في علاقاتهم الدولية على استخدام كافة الأساليب السيكولوجية للوصول إلى أهدافهم.
بالإضافة إلى ذلك فقد اهتم علم النفس الاجتماعي بدراسة خصائص الشخصية لقادة الشعوب الذين يصنعون القرار الذي يترتب عليه السلام أو الحرب بين الشعوب، فقد بينت البحوث أن هناك علاقة قوية بين الحالة النفسية للقادة وبين اتخاذ القرار في السياسة الخارجية. ففي المواقف التي يكون فيها الضغط شديداً، يحدث ضيق واضطراب في عملية الإدراك، ويفقد الفرد القدرة على الرؤية الموضوعية لأبعاد المواقف الأساسية. كما أن التشاور مع الجماعة لها علاقة كبيرة باتخاذ القرارات السياسية الهامة. ويرى وليم دافيدسون William Davidson في مجلة السياسة الخارجية الأمريكية في يناير 1982، أنه في عصر الذرة لا بد من التحكم في تصرفات الزعماء الذين يملكون قرار استعمال السلاح النووي، وأن علم النفس سيكون فعالاً في تقليص الخلافات التي تدعمها أجهزة الإعلام. (أبو النيل، 1985).
ولهذا يهتم علم النفس الاجتماعي بكل مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية للإنسان، وبالتفاعل الذي يحدث بين الإنسان وغيره من الأفراد الآخرين باعتباره عضواً في الجماعة التي ينتمي إليها أو يواجهها.