أنت هنا

قراءة كتاب أسس علم النفس الاجتماعي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أسس علم النفس الاجتماعي

أسس علم النفس الاجتماعي

كتاب " أسس علم النفس الاجتماعي " ، تأليف د. أحمد محمد الزعبي ، والذي صدر عن دار زهران عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
4.333335
Average: 4.3 (3 votes)
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 9

النشأة الفلسفية لعلم النفس الاجتماعي

يعتبر علم النفس الاجتماعي كغيره من العلوم الإنسانية الأخرى وليد الفلسفة اليونانية القديمة، وقد كان جوهر الطبيعة البشرية هو المحور الرئيسي للنشأة الفلسفية لعلم النفس الاجتماعي. ويمكن إرجاع الفضل في نشأة هذا العلم إلى أفلاطون وأرسطو. فقد حاول أفلاطون (429-347 Platon ق.م) تفسير السلوك الإنساني على أساس أنه النتاج العام لمؤثرات المجتمع المختلفة، سواء أكانت مؤثرات تربوية أم اجتماعية أم مهنية وما شابه ذلك، حيث يمكن لهذه المؤسسات أن تغير الطبيعة البشرية وتوجهها كما تشاء.

وحاول منع حدوث الأزمات الاجتماعية والحروب كما تمثل ذلك في كتاباته في كتابي الجمهورية والقوانين؛ حيث عرض في كتابه الأول (الجمهورية) المبادئ والنظم التي تقوم عليها المدينة الفاضلة. فقد قسم المجتمع إلى ثلاثة طبقات هي الطبقة العاملة (العامة)، وتقابل النفس الشهوانية، وطبقة الجند وتقابل النفس الغاضبة، وطبقة الحكام وتقابل النفس العاقلة.

ويرى أفلاطون بأنه من الممكن التعرف على قابليات الأفراد عن طريق التربية الخاصة وإجراء الاختبارات في المراحل العمرية المختلفة لتصنيفهم بشكل يساعد ذوي القدرات المتميزة في الارتقاء إلى المراكز العليا، أما الأقل قدرة فيوضعون في المراكز الأدنى، وهذا التصنيف يتيح لهم الدخول في مؤسسات تربوية خاصة بكل طبقة من طبقات المجتمع.

أما أرسطو384-322 Aristotel) ق.م) فقد اهتم بدراسة الحقيقة الاجتماعية وحاول أن يكون أكثر واقعية من أفلاطون، وحاول الاهتمام بإصلاح المحكومين قبل الحكام، وفسر سلوك الإنسان على أساس الوراثة البيولوجية حيث يمكن فهم طبيعته من خلال دراسة استعداداته الوراثية التي يتم توارثها من الأجداد ويصعب تغييرها مما يجعل السلوك الإنساني مطبوعاً بها. وهذه الاستعدادات الوراثية هي التي تكّون السلوك الجمعي. كما يؤكد على أهمية الدولة والمجتمع من جهة، وأهمية الجماعة مثل العائلة من جهة أخرى. وقد حاول أرسطو في كتابه (الخطابة) معرفة كيف يؤثر الخطيب على مستمعيه وذلك من خلال معرفته لميول المستمعين. كما يرى أيضاً أن كل فرد منا يفضل الأشياء التي تتفق مع ميوله واستعداداته.

كما حاول أرسطو أيضاً في كتابه (الأخلاق) أن يبين بأن انسجام الأفراد وتعاونهم يتوقف على مدى اتفاقهم في وجهات النظر السلوكية، وقسم المجتمع إلى مجموعتين: المتمدنين والبربر، وكان يعتقد بتأثير المناخ في نفسية الجماعة والمجتمع.

بالإضافة إلى ذلك ذكر أرسطو في كتابه الأخلاق الشروط التى يجب توافرها لقيام الصداقة – مثل تقارب المكانة الاجتماعية، وأن الشخص كلما ارتقى في المركز الاجتماعي قلت نسبة ما يفقده من صداقات.. الخ.

كما أثر المفكرون العرب في نشأة علم النفس الاجتماعي حيث نجد أن المعلم الثاني أبو نصر الفارابي (873-951م) في كتابه (آراء أهل المدينة الفاضلة) يتحدث عن خصائص الزعامة الفاضلة، وعن تماسك الجماعة وأسبابها. ثم يحصي سمات الزعيم ويرى أن ما يعود إلى الجانب الوراثي (النظري) 12 سمة، أما ما هو مكتسب فهي سمات: سلامة الجسم، وحسن الفهم والقدرة على الحفظ، والفطنة وحسن العبادة، والتعبير وحب التعليم والقصد في طلب الملذات، وحب الصدق والمصارحة وحب الكرامة والعدل وكره الظلم.

كما أكد الفارابي على الجانب النفسي – الاجتماعي في اختيار الحاكم، حيث يرى أن الحاكم يجب أن ينشأ نشأة سليمة في ظل رعاية اجتماعية خاصة توفر له تكويناً نفسياً سليماً. أما عوامل تماسك الجماعة فيرى أنها الاشتراك في اللغة واللسان، والاشتراك في المنزل، والاشتراك في طعام يؤكل وشراب يشرب، والإحساس بخطر مشترك، والآلفة، وهول التلاقي.

ويعتبر ابن خلدون (1332-1406) المؤسس الأول لعلم الاجتماع، وصاحب فضل كبير على الدراسات النفسية - الاجتماعية، فقد أوضح أن الحياة الاجتماعية ظاهرة طبيعية، أما ظروف الحياة الاجتماعية فهي تتحدد في ضوء العوامل والمؤثرات الجغرافية والمناخية، وبين أثر العوامل النفسية والاقتصادية في حياة المجتمعات البشرية. ويؤكد أيضاً أن الإنسان هو الكائن الاجتماعي الوحيد الذي يحتاج إلى السلطة، لأن انعدامها يؤدي إلى سيطرة الغرائز الطبيعية. والسلطة ترتكز على القوة والشجاعة والتلاحم الاجتماعي (العصبية القبلية). وقد شبه ابن خلدون المجتمع البشري بالإنسان حيث يمر بأطوار ثلاثة هي طور النشأة والتكوين وتغلب فيه البداوة وخشونتها (يكون هنا السلطان تابعاً)، وطور النضج والاكتمال حيث يتبلور مركز الحاكم والسلطان، ثم طور الهرم والشيخوخة ويكون المجتمع ضعيفاً في تماسكه الداخلي وفي وقوفه ضد الأخطار.

ويخصص ابن خلدون فصلاً في مقدمته عن التنشئة الاجتماعية موضوعه تعلم الولدان واختلاف مذاهب الأمصار الإسلامية في طرقه. حيث يرى أنه من الضروري أن يكون تعلم القرآن يوصل الصبي إلى مستوى من التفكير الذهني الذي يمكنه من التفكير لفهم معاني القرآن الكريم. كما يرى ابن خلدون أن القسوة في معاملة الأطفال الصغار يؤدي بهم إلى اللجوء إلى المكر والخبث والخديعة.

أما ابن سينا فقد اهتم بشكل واضح بالكثير من الموضوعات التي تدخل في نطاق علم النفس الاجتماعي، مثل الأساس الاجتماعي للمرض النفسي، والتنشئة الاجتماعية.

فابن سينا يرى أن الاضطراب النفسي له علاقة بتفاعل الفرد مع الجماعة. فقد جاء في كتاب ابن سينا (الأصل والعودة) عام 98م أن أحد جواري الملك كانت منحنية للأسفل لرفع أدوات المائدة، وكان ضيوف الملك جالسين حوله، فأصيبت بمرض الروماتيزم المفاجئ في المفاصل لدرجة أنها أصبحت غير قادرة على أن تأخذ الوضع الطبيعي لجسمها، وحار أطباء الملك بأمرها فعادوا إلى ابن سينا ليعالجها نفسياً. ركز ابن سينا في علاجه للجارية على انفعال الخجل وأثره في المرض، فقد بدأ برفع ملابسها بادئاً بالبرقع ثم الخمار وهكذا... وذلك ليشكل عند المريضة انفعالاً مضاداً (الإشراط المضاد) مما أوقف المرض عند الجارية فشفيت وعادت إلى حالتها الطبيعية.

الصفحات