كتاب " أسس علم النفس الاجتماعي " ، تأليف د. أحمد محمد الزعبي ، والذي صدر عن دار زهران عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب أسس علم النفس الاجتماعي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أسس علم النفس الاجتماعي
أهمية علم النفس الاجتماعي
لعلم النفس الاجتماعي أهمية علمية كبيرة في الكثير من مجالات الحياة، فحيثما يوجد أفراد وجماعات تكون الحاجة ماسة لعلم النفس الاجتماعي. كما أن دارس علم النفس الاجتماعي يطبق ما تعلمه في ميادين الحياة الاجتماعية المختلفة سواء أكان ذلك في الأسرة فيما يخص التنشئة الاجتماعية، أو في المدرسة، وفي العلاقات العامة والخدمة الاجتماعية، وفي مجال العمل والصناعة، والإعلان والإعلام والدعاية، والتوجيه والإرشاد النفسي، وفي القوات المسلحة.. الخ. فعلم النفس الاجتماعي أصبح مهماً جداً في عصر كثر فيه النزاع والشقاق، وتقدمت فيه وسائل التخريب والدمار، كما أصبح التغير الاجتماعي سريعاً في كافة مجالات الحياة. ولهذا تتجلى أهمية علم النفس الاجتماعي في المجالات الآتية:
1- أهمية علم النفس الاجتماعي للإنسان في حياته الخاصة:
من خلال التعريفات السابقة لعلم النفس الاجتماعي نجد أنه محاولة علمية منظمة لدراسة سلوك الفرد متأثراً ومؤثراً بسلوك الآخرين.
لذا فإن علم النفس الاجتماعي يهتم بدراسة التفاعل، والعمليات النفسية المختلفة التي يمر بها الفرد والتي تنمو عن طريقها شخصية الفرد الاجتماعية، ثم أنه يهتم بالعلاقات التي تنشأ بين هذه الشخصية والشخصيات الأخرى، ويهتم بدراسة ديناميكية هذه العلاقات والتفاعل الذي يحدث بين الأفراد في مواقف الحياة المتعددة.
ولشعور الفرد بالأمن والسعادة أهمية كبرى في علاقاته الاجتماعية. فليس من شك أنه إذا قوبل الفرد بعنف ومعاملة سيئة وعدم تقدير من الآخرين فإن سلوك هذا الفرد قد يتحول إلى سلوك عدائي أو الانسحاب أو الشك أو غير ذلك من الأساليب السلوكية، وقد لا ينتج هذا الفرد الإنتاج الذي يناسب قدراته وقد لا يسلك السلوك الذي يرضاه المجتمع، وقد يحيى حياة نفسية سيئة، والاحتمال أنه سيصاب بأعراض نفسية مرضية.
أما إذا عومل الفرد معاملة حسنة واستجاب الآخرين نحو استجابات الود والحب والعطف فإنه يستجيب للآخرين استجابة الود والصداقة والحب، ويسلك السلوك الذي ترضاه الجماعة.
كذلك لا بد لدارس علم النفس الاجتماعي أن يدرك على أنه ينبغي أن نحكم على التفاعل الاجتماعي من وجهة نظر الشخص ذاته. ومن خلال إطاره المرجعي.
2- أهمية علم النفس الاجتماعي في مجال التربية والتعليم:
تهدف التربية الحديثة إلى إعداد الفرد للحياة. فالتربية لا يقتصر اهتمامها حالياً على الجانب العقلي- المعرفي فقط بل يمتد ليشمل كافة الجوانب الأخرى في الشخصية. والتربية من شأنها تسهيل عملية نمو الفرد في هذه الجوانب المختلفة، لتنمو شخصيته بشكل متكامل. فالتلاميذ في المدرسة يتعلمون في جماعات ضمن فصول دراسية يشرف عليهم ويقوم بتدريسهم مدرس، وتنشأ بين المدرس والتلاميذ علاقات اجتماعية وتفاعل اجتماعي كبير، مما يتوجب على هؤلاء المدرسين أن يكونوا على معرفة ودراية كاملة بما يجب عليهم عمله مع هؤلاء التلاميذ وأن يكونوا ملمين بمبادئ القيادة الديمقراطية والعلاقات الإنسانية.
وعلم النفس الاجتماعي هو الذي يزود المدرس بالمعلومات اللازمة عن النمو الاجتماعي للطفل، ولطبيعة العلاقات الاجتماعية التي تنشأ بين التلاميذ بعضهم مع بعض، وبينهم وبين المدرس، وكذلك العوامل المؤثرة فيها. كما يزودهم علم النفس الاجتماعي بمعلومات مهمة عن الاتجاهات وكيفية تكوينها وتعديلها أو تغييرها، وبمعلومات عن المعايير والقيم والأدوار الاجتماعية ليساعدهم في إكسابها للتلاميذ أو تعديلها عندهم. كما أن علم النفس الاجتماعي يزود المدرس بمعلومات مهمة عن التنشئة الاجتماعية للطفل، والعوامل المؤثرة فيها ونتائجها الإيجابية والسلبية التي تنعكس على شخصيته مستقبلاً.
3- أهمية علم النفس الاجتماعي في مجال الخدمة الاجتماعية:
تعتبر الخدمة الاجتماعية طريقة علمية لخدمة الإنسان، ونظاماً اجتماعياً يقوم بحل مشكلاته، وتنمية قدراته، ومعاونة النظم الاجتماعية الموجودة في المجتمع للقيام بدورها، وإيجاد نظم اجتماعية جديدة يحتاج إليها المجتمع لتحقيق رفاهية أفراده. ومن أهم أهداف الخدمة الاجتماعية تحقيق حياة أفضل عن طريق معاونتها للنظم الاجتماعية الأخرى، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل على الخدمة الاجتماعية أيضاً أن توجد من النظم الاجتماعية الجديدة ما يضمن للمجتمع التقدم والنهوض والنمو (مختار، 1982).
والأخصائي الاجتماعي يستعين بعلم النفس الاجتماعي في فهمه ودراسته وتوجيهه للتماسك الجماعي والقيادة والاتجاهات والتعصب، كما يمتد نشاطه ليشمل ميادين ومجالات عديدة في الحياة الاجتماعية (الجماعة، النمو الاجتماعي، الأمراض الاجتماعية... الخ). بالإضافة إلى ذلك يستعين الأخصائي الاجتماعي بهذا العلم لفهم دينامية العلاقة مع التلاميذ والمدرسين، ودراسة الحالات الخاصة ليتمكن من القيام بعمله بالشكل المطلوب. ويرى كرتش وكرتشفيلد وبالاشي أنه لفهم الدور الفعلي للأخصائي النفسي الاجتماعي لا بد من توضيح وبلورة المشكلات الاجتماعية التي يهتم بها.
فالمشكلات الاجتماعية مثل الجريمة والطلاق، والجنوح لا يمكن فهمها دون الرجوع إلى النواحي الأخرى في المجتمع. فالمشكلات الاجتماعية والاضطرابات السلوكية مرتبطة بالعمليات الاجتماعية السوية والسلوك الاجتماعي السوي. ولهذا يتمثل الدور الأساسي للأخصائي النفسي الاجتماعي في تقديم الحلول للمشكلات النفسية الاجتماعية في مجالات الحياة المختلفة (أبو النيل، 1985).
4- أهمية علم النفس الاجتماعي للقوات المسلحة:
يحتاج ضباط القوات المسلحة حاجة ماسة إلى علم النفس الاجتماعي وذلك من أجل فهم ودراسة وتوجيه سلوك الجنود وتدريبهم، ورفع مستوى الروح المعنوية، والإفادة من الشعور بالولاء والتبعية في بناء شخصية المقاتل.
بالإضافة إلى ذلك فإن علم النفس الاجتماعي يفيد في اختيار القادة العسكريين على أسس سليمة، ويزود القيادة بمعلومات عن كيفية التأثير في العدو من خلال أساليب الدعاية والإعلان والحرب النفسية.
5- أهمية علم النفس الاجتماعي في مجال الإعلام والعلاقات العامة:
يلعب الإعلام والعلاقات العامة والدعاية ودراسة الرأي العام دوراً كبيراً في التأثير على سلوك الفرد والجماعة، ويمكن أن تكون – إذا أحسن استخدامها – عاملاً هاماً من عوامل التقدم الإنساني. ولهذا يمكن لهذه الوسائل الاستفادة من علم النفس الاجتماعي من أجل تدعيم وعي المواطنين بمسؤولياتهم الاجتماعية وربط الإنسان الفرد بالمجتمع، وتكوين اتجاهات سليمة، وتعديل ما يحتاج إلى تعديل من اتجاهات مستخدمين أفضل الطرق العلمية.
6- أهمية على النفس الاجتماعي في مجال الصناعة:
يرى براون Brown 1963)) أن المصنع لا يقوم في الفضاء إنما ينهض في مجتمع له مقوماته وظروفه، ولذلك يجب أن يتحقق بينهما شيء من التعاون، وأن تعمل على توفير الديمقراطية الصناعية للعاملين في الصناعة على اختلاف فئاتهم.
ولا يتحقق ذلك إلا إذا جنبنا العاملين كل القيود والاستفزازات التي يكون من شأنها أن تنقص من احترام العامل لذاته. كما أن تحقق ذلك من شأنه أن يزيد العاملين إحساناً بمسؤولياتهم وتماسكهم، ورغبتهم في العمل.
وهناك دراسة أجريت في مصانع هوثرون Hawthorne لشركة ويسترن الكهربائية في الولايات المتحدة الأمريكية في الأعوام (1924-1932)، وكان هدف الدراسة الكشف عن العلاقة بين شدة الإضاءة والإنتاج في مجموعتين تجريبية وضابطة.
تعرضت المجموعة الضابط لظروف الإضاءة العادية، أما المجموعة التجريبية فكانت شدة الإضاءة غير ثابتة، ودهش القائمون بالبحث حيث أن الإنتاج يزداد بالرغم من خفض شدة الإضاءة، وقد زاد في الدهشة أيضاً أن إنتاج المجموعة المقارنة قد زاد أيضاً. وترتب على ذلك مزيداً من الدراسات الذي أدى في النهاية إلى معرفة أن زيادة الإنتاج لم يكن نتيجة تغير في حدوث شدة الإضاءة وإنما كان نتيجة شعور العمال بأنهم موضع اهتمام من قبل إدارة المصنع وموضع رعاية.