أنت هنا

قراءة كتاب لقد خلق جميع البشر متساوون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
لقد خلق جميع البشر متساوون

لقد خلق جميع البشر متساوون

كتاب " لقد خلق جميع البشر متساوون " ، تأليف د.

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 5

الفصل الأول

حتى أولاد الفقراء يمكنهم أن يصبحوا أطباء

موت أخي الصغير دفعني إلى بناء تلك المستشفيات بكل ما أملك من عزم.

لماذا سأصبح طبيباً؟ ولماذا أبذل كل هذا المجهود لبناء المستشفيات؟ بالتأكيد هذه ليست مصادفة فأنا أريد أن أصبح طبيباً، لابد أن أصبح طبيباً، وهذا ما شغل فكري، فهناك أمر قد حدث لا يمكن أن ينسى. فكما ذكرت منذ قليل، إن أخي الصغير قد مات وهو في سن الثالثة، عندما كنتُ في المرحلة الابتدائية لقد ولدت في منزل قروي فقير في جزيرة "توكونوشيما".
كان لدي من الإخوة 8 من الذكور والإناث، مات منهم 3، أخي الصغير، وأختي الصغرى، وأختي الكبرى، وتبقى منهم أخت كبرى واحدة، وثلاثة من الإخوة الصغار. أنا لا أتذكر جيداً أخواتي اللاتي قد متن، ولكن ما لا أستطيع نسيانه هو فقدان أخي الصغير.
فقد حدث ذلك وأنا في المرحلة الثالثة الابتدائية. ففي منزل ذي سقف مصنوع من القش، ونوافذ منزلقة مليئة بالثقوب، كان أخي يعاني من حالة إسهال حاد، وتقيئ شديد ومتكرر. ففي حوالي الساعة الثالثة من منتصف الليل، أيقظتني أمي التي كانت تقوم بتمريض أخي وحدها وقالت لي " استدع الطبيب حالاً ". كانت القرية التي يسكنها الطبيب تبعد بمسافة 2 كم، فبالنسبة لطفل صغير مثلي وقتها كنت أشعر بالخوف لأنه كان طريقاً جبلياً به حقول القصب. كان صعباً علَّي أن أسلك الطريق ليلاً، وذهبت كي أتفقد حال أخي الصغير، فوجدت عينيه مقلوبتين، وفاقد الوعي وبعد أن رأيت هذا، خرجت من البيت مسرعاً كي أنقذ حياته، واختفى مني شعور الخوف تجاه ذلك الطريق الجبلي وشعور أنني لم أكن أريد أن أستدعي الطبيب.
لم يكن هناك حتى مصباح. فالطريق الجبلي كان حالك الظلمة، فكنت أتعثّر في أي شيء وأقع على عيدان الأشجار والصخور. وبالرغم من ذلك، مجرد أنني ذاهب كي أستدعي الطبيب إلى البيت، جعلني أكمل سيري بكل عزم. ذلك الطبيب في الغالب يأتي لإجراء الكشف المنزلي ممتطياً جواده. اعتقدت أن الطبيب سيعيدني إلى البيت معه حتى ولو على مؤخرة الجواد وأن الطبيب بالتأكيد سوف يعاملني بطيبة.
وأخيراً ها قد وصلت عند بوابة منزل الطبيب، وطلبت منه أن يأتي معي بسرعة، ولكن لسبب ما لم يأت معي الطبيب كي يجري الكشف المنزلي. يبدو وأنها ظروف ما قد منعته. فعدت أدراجي مرة أخرى من ذلك الطريق الجبلي. معاناة أخي الصغير ازدادت شيئاً فشيئاً، وفي الصباح التالي انطلقت مسرعاً إلى طبيبٍ آخر، فسألني عن حالة أخي، فأجبت " إن عينيه مقلوبتان ".
ذلك الطبيب أتى حوالي الساعة الواحدة والنصف ظهراً، ولكن وقتها كان أخي الصغير قد رحل. حتى إذا وصول الطبيب في الوقت المناسب ربما لم يكن يستطيع إنقاذ أخي الصغير. لكن كون أخي الأصغر مات دون فحص الطبيب جعلني أشعر بالحزن الشديد وعدم الرضا عما حدث، واصرخ واقسم: "سأصبح طبيباً، يجب أن أصبح طبيباً"
وهذا ما قد شغل فكري وقتها إن الطبيب يجب عليه أن يفحص المريض عند إصابته فجأة بمرض ما. إن الطبيب هو الوسيلة لفحص المرضى، وأنه يجب أن ينقذ الطبيب مرضاه. وقد قررت وبكل حماس في صغري، أنني عندما أصبح طبيباً، سأساعد كل متضرر. وفي تلك الليلة، رأيت حلماً أخي الصغير قد عاد للحياة مجدداً. فقفزت من فوق سريري وذهبت كي أرى أخي الصغير، ولكنه كان ميتًا، وجهه شاحب اللون، مستلقي على ظهره.
وفي اليوم التالي، وبعد أن انتهت مراسم العزاء، رأيت أخي الصغير مرة أخرى في منامي.
رأيت أنني أراه وأسحبه من يده، أنا وشخص آخر. نسحبه من نهر الموت العميق، فقد كنت أحاول أن أسحبه منه بيدي وبكل قوة، ولكن انفصلت يد أخي الصغير عن جسده.
يا لأخي المسكين. إذا كان ليس هناك مفر من أن يرحل فأريد أن أعيد له يده كما كانت، ثم توقفت عن جذبه. وأثناء تفكيري في ألا أسحبه مرة أخرى، استيقظت من النوم.
إنني مازلت أتذكر بوضوح ذلك الانطباع القوي الذي هز مشاعري في صغري، عندما أفكر في وفاة أخي الصغير وكيف أنني لا أستطيع أن أعيده، أريد أن أدرس الطب كما ينبغي، كي أساعد المتضررين"إن وفاة أخي الصغير دفعتني لبناء تلك المستشفيات مهما كلفني الأمر.

الصفحات