أنت هنا

قراءة كتاب تأملت فتعلمت فحمدت

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تأملت فتعلمت فحمدت

تأملت فتعلمت فحمدت

في هذا الكتاب دروس وعبر، يرى فيها القارئ خطوات مدروسة تتبعها الكاتب، استطاع بها أن يتخطّى مخاوفه من مرض عضال ألمّ به، وأن يُبعدَ عنه أتون الأدوية الفتاكة، التي أدرك المهندس كمال أنها تُعالج مكامن، وتُمرض مكامن أخرى.

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 6

كيفية الاسترخاء؟

على الإنسان أن يجلس وظهره مستقيمّ، بحيث تكون رجلاه ممددتين أمامه على السرير أو على الأرض، ومعدته خالية حتى لا يعمل الدماغ على إفرازات المعدة، وأن تكون جلسته في غرفة هادئة، ومن ثم يبدأ بترديد كلمة لا معنى لها ويغمض عينيه ويتخيل أي منظر طبيعي أو موج البحر أو أي شيء يشعره بالراحة في ذاكرته.. وقبل هذه الخطوات لا بد من ممارسة تمارين التنفس المنتظم والحركات الرياضية البسيطة، وبعد الانتهاء، عليه أن يستلقي على ظهره لمدة خمس دقائق قبل أن ينهض لمواصلة حياته الطبيعية.
الهدف من كل ذلك هو إراحة الدماغ، خاصة وأنه أثناء النوم ينام الوعي، في حين أن قوة الإنسان تكمن في اللاوعي. ولكن لذة تلك الجلسات التي يشعر بها الإنسان المتأمل التي يعيشها، وليس الإنسان العادي الذي لا يمارس التأمل، هي الحلم واليقظة والنوم. أما جلسات التأمل والاسترخاء "Meditation" فتجعل الإنسان يعيش الحالة الرابعة وهي التي تجمع الحالات الثلاث: النوم والحلم واليقظة، ولإثبات ذلك، فإن الإنسان عند النوم تكون درجة حرارته 36.5 درجة مئوية، أما في اليقظة فتكون درجة حرارته 37.5 درجة مئوية. ولوحظ أنه خلال ممارسة جلسات الاسترخاء تكون درجة حرارة الإنسان 36.5 درجة مئوية، مع العلم بأن خمس دقائق من الاسترخاء والتأمل تساوي ساعة واحدة من النوم العميق الذي من خلاله يمكن إزالة كم من الضغوط.
أنصحك، عزيزي القارئ، بتجربة التنفس العميق والتأمل لمدة أسبوع واحد، وسترى بأنك تغيرت إلى الأحسن، وأن صحتك أصبحت أفضل من ذي قبل، وستحب ممارسة التأمل، وستداوم عليها، لأنك أنت الوحيد المستفيد وستحس بالسلام الداخلي.

الطبيعة الخلاّقة

لو أدركنا فقط بالوعي العادي والبسيط، لماذا خلق الله سبحانه وتعالى كل هذا الكون، لأدركنا الإبداع والجمال والخلق المنظم والدقيق لكل ما يدور حولنا. لماذا نحن؟ وما هو الدور والسبب لكل هذا؟ وما هي الفائدة التي نجنيها؟ وكيف نستفيد منها؟ قد يصعب الإجابة على كل هذه الأسئلة وفهمها بالوعي الذي لدينا. لذا، علينا أن نبسّط الأمور لكي نستطيع أن ندرك ولو قليلاً مكنون كل هذه الأسئلة.
لدى الإنسان حالتان من الوعي: الوعي واللاوعي؛ الوعي هو الذي ندرك ونحس به وبكل ما يدور حولنا، وهو ما نحيا به في اليقظة، ونعايش فيه الأحداث التي تمر بنا وتصرفاتنا التي نحن مسؤولون عنها لسبب أو لآخر، وهو الذي يطبع كل المستجدات اليومية في ذاكرتنا غير المنتظمة، ونتصرف على هذا الأساس، وهو الذي يتعلق بالتربية والمفاهيم التي نتعلمها في حياتنا منذ الصغر، وقد تكون في بعض الأحيان مشوشة أو بسيطة أو متطرفة إلى ما هنالك من الحوادث التي نمر بها في حياتنا.
والوعي لا يختزن كل المعلومات، ولكن فوق الوعي يوجد المنظم الأكبر وهو اللاوعي، الذي يختزن وينظم كل معلومة وحادثة ومشاعر تحدث لنا في حياتنا وفي كل الأوقات، حيث أن الإنسان يعيش اليقظة والنوم والحلم (البعد الثلاثي)، فمثلاً في الليل ينام الإنسان وينام معه الوعي، إنما اللاوعي والحلم لا يعرفان الراحة أو التعب؛ وهذه الأبعاد الثلاثة مسؤولة عن الحركة الدائمة للإنسان منذ نشأته إلى يوم مماته دون كلل.
في بعض الأحيان، ينظم اللاوعي الملفات بطريقة غير دقيقة لأسباب يجهلها الإنسان بوعيه العادي، فتحصل عنده مشاكل نفسية أو صحية، وتسبب له متاعب مع الآخرين، إذ أن اللاوعي هو المسؤول عن تصرفاتنا. وفي بعض الأحيان يأخذنا إلى المجهول ويتصرف بطريقة لا إرادية قد تسبب لنا المتاعب والمشاكل التي قد لا نرغب فيها، ولا ندرك أسباب تصرفنا بطريقة معينة.
إن للكون المنظم والدقيق تأثيراً إيجابياً جداً على اللاوعي، وهنا علينا أن ندرك ونتعلم ونفهم بهدوء وروية كيف نتعامل مع كل هذا، ولماذا نحن، وليس الخالق، مَنْ خلق كل هذا، وما هو دورنا نحن؟
لا يمكن للوعي البشري أن يفهم الأسباب، وهي أكبر من أن يدركه العقل، وهنا يأتي السؤال، كيف يمكن لنا أن نتلمس بعضاً من القدرات التي وضعها فينا رب الكون؟
العقل مثل الطفل، يُخلق بطاقات كبيرة جداً ولكن دون تنظيم، ودورنا أن ننظم ملفات حياتنا لما هو خير وطمأنينة لنا ولسائر الناس الذين يحيطون بنا. فكيف بالأم تربـي طفلها أحسن تربية وهي تعتقد خطأ بأنها ربته أفضل وأحسن تربية، كما تعتقد كل الأمهات، وعندما يصبح شاباً يواجه الكثير من المشاكل الاجتماعية والنفسية والصحية. وهنا يأتي الجواب وهو أن الأم تستعمل في تربيتها الوعي فقط، وما اكتسبته من أهلها ومحيطها دون مراجعته أو دراسته، وتستخدم أسلوب النسخ واللصق (Copy & Paste)، وهذا هو حال السواد الأعظم من الأمهات.
هنا يأتي دور الإنسان، فمن واجبه أن يتمعن بكل شاردة وواردة من حوله، ويستعمل الميزان الذي وضعه له الخالق في عقله، وبالذات داخل اللاوعي، كما أن العقل بموازينه وحاسباته، بالاضافة إلى بقية أجهزتنا فكلها مسّخرة لخدمة الإنسان لو عرف كيف يستعملها، وهذه الأجهزة ليست مثل الأجهزة التي اخترعها البشر، تنطلق عند الإشارة وتتوقف عند تفريغ البطارية، إنها أجهزة أدق وأرقى وأكثر تطوراً لأنها صنعت بجمال وعظمة الكون. فعلينا يا إخوتي الأعزاء أن نشعر بالاعتزاز والفخر لأننا خلقنا بشراً، وننعم بكل هذا الكم من التقنيات المتجددة والدقيقة التي وُضِعت فينا لخير البشرية وسعادتها الدائمة.

الصفحات