أنت هنا

قراءة كتاب موجز تاريخ العراق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
موجز تاريخ العراق

موجز تاريخ العراق

كتاب " موجز تاريخ العراق " ، تأليف د. كمال ديب ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
2
Average: 2 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

مقدمة المؤلف

في العام 2003 غزت الولايات المتحدة أرض الرافدين، فكتبت مقالات نشرتها الصحف اللبنانية شكلت بذرة كتابي الصادر عن دار الفارابي بعنوان «زلزال في أرض الشقاق: العراق 1915 – 2015». ومضت تسع سنوات عجاف من الاحتلال الأميركي للعراق تخللتها مراحل مُشرقة من المقاومة العسكرية والثقافية والاقتصادية أبداها الشعب العراقي بكل أطيافه ضد الاحتلال إلى أن اكتمل الانسحاب الأميركي في كانون الأول/ديسمبر 2011. لقد كنتُ آنئذٍ في بيروت فشاهدت عبر التلفزيون احتفالاً رسمياً عراقياً يتقدّمه رئيس الوزراء نوري المالكي بمناسبة نهاية الاحتلال، والتقيت بالأستاذ جوزيف بو عقل، مدير دار الفارابي، لمراجعة حقوقي كمؤلف، فتطوّر حديثنا إلى إصدار طبعة جديدة من كتاب «زلزال في أرض الشقاق» مع إضافة المرحلة التي توقّف عندها، أي منذ 2003 وصولاً إلى الانسحاب عام 2011. وفي منزلي في كندا راجعت النص فارتأيت اختصار بعض فصوله واعادة تبويبها واضافة فصول جديدة ليصبح موجز تاريخ العراق: من ثورة العشرين إلى الغزو الأميركي، والمقاومة والتحرير وولادة الجمهورية الثانية.

إنَّ مرور تسع سنوات على الطبعة الأولى أتاح لي إعادة النظر في الفصول الأخيرة التي استعنت في كتابتها آنذاك بالمصادر المتوافرة لي ومعظمها إعلامي لم يمضِ عليه الزمن. فقد تلوّن جو 2003 بحملات إعلامية أميركية وغربية جبارة، موصوفة بلاموضوعيتها وانحيازها الفادح للإدارة الأميركية، وكانت وسائل الإعلام العربية من صحف وفضائيات، للأسف، امتداداً لهذا الإعلام المعادي الذي صوّر غزو العراق كأنّه صراع بين شخص واحد هو صدام حسين والإرادة الدولية. ولذلك رأيت أن أُبعد نص الطبعة الثانية عن شخصنة تاريخ العراق وهو داء يصيب الكتب التاريخية أحياناً.

لقد تنازل الإعلام منذ 25 عاماً عن التزامه المهني بتقديم المعلومات ونصرة الحق والحقيقة، فغاب عن تغطية الأحداث إلا إذا رغبت واشنطن في إسقاط دولة ما في العالم لا تسير وفق مصالحها، فتشخصن حربها ضدّها، يساعدها في ذلك جيش إعلامي ضخم من صحافة وتلفزة، فتتمّ تعبئة رأي عام منشغل أساساً ببرامج الرياضة والترفيه وألعاب الحظ والمسلسلات الاجتماعية؛ إذ بعد جرعات كثيفة على مدى الساعة ضد زعيم بلدٍ معيّن، ما أن تسأل هذا «الرأي العام» رأيه عبر استطلاع حتى يكون جاهزاً لدعم العمل العسكري بنسب عالية.

هذا الكتاب قد لا يكون نصاً محورياً عن تاريخ العراق خلال مائة عام، فثمّة كتب عظيمة صدرت عن تاريخ بلاد الرافدين في القرن العشرين لعل أبرزها كتاب البروفسور الفلسطيني حنّا بطاطو(1)، حتى إنّ كبار المؤرخين يتساءلون ماذا عساهم أن يكتبوا عن تاريخ العراق بعد بطاطو الذي شكل كتابه تحدّياً لا يُقهر لأي باحث جديد يحاول العمل على العراق. ولكن روجر أوين الاستاذ في جامعة هارفرد الأميركية حلّ المعضلة بقوله: «كتاب بطاطو إما يسحرنا فنقف عنده أو نحاول أن نعتبره قاعدة ننطلق منها لنطرح أسئلة جديدة»(2). ولقد عملت بنصيحة أوين، وانطلقت من عمل بطاطو وغيره من الأعمال المميّزة عن تاريخ العراق، وطرحت سؤالاً محدّداً جعلته أطروحة كتابي هذا: ما الذي جلب على الشعب العراقي الويل منذ 1980 حتى اليوم، وما هي شروط عودته في جمهورية ثانية ديمقراطية تعدّدية؟

السؤال وضع أمامي مهمة شرح وتحليل عوامل انهيار العراق وشروط نهضته الجديدة بعد زوال الاحتلال الأميركي، فاستجمعت مراجعي وأفكاري ووضعت مشروع الكتابة: يجب ربط الاحداث التاريخية والاجتماعية في العراق بسياق يتكامل مع الاقتصاد. ولذلك بدلاً من استعادة عمل بطاطو في تحليل الطبقات الاجتماعية ودور الأرياف، فإنّي أقدّم هنا نظرة اقتصادية/اجتماعية منحازة إلى الجانب الانساني من معاناة الشعب العراقي تغطي نقصاً هاماً في الأعمال المتوافرة عن العراق. هكذا رأيت ودرست ما حدث، وهكذا سكبتُ القصة على الورق: نهب الأمم وضرب مصالح الدول النامية بمشاركة مصاصي الدماء المحليين والإضاءة على الويلات التي حلّت بشعب العراق.

لقد سعيت في الكتاب إلى المعلومة الصحيحة أكانت رقماً أم اسماً، تاريخاً أم حدثاً، وكان دوري، بعد ذلك، التحليل والربط والاستنتاج عبر منهج موضوعي، ولذلك أتوقّع التفهم ممن يخالفني الرؤية، وأكون ممتناً لمن يصحح معلومة؛ ولئن توقّف كتاب بطاطو وغيره من الأعمال الهامة عن العراق عند السبعينيات، فإنني اخترت أن اختصر فترة ما قبل 1970 بفصلين اثنين، وأن تكون تتمّة الكتاب عن المراحل التالية، وخصوصاً بعد 1980، وهذا ما استغرق ثلثي عدد الصفحات.

يقع الكتاب في أربعة أجزاء من خمسة عشرة فصلاً، وفي كل فصل عرض وتحليل للأحداث السياسية والاجتماعية، تتخللها دوماً الأبعاد الكردية والشيعية المهمة لفهم أزمة العراق، وعرض الوضع الاقتصادي وتحليله. فالجزء الأوّل يختصر في فصلين مراحل صعود العراق من العهد الملَكي وثورة 1958 وحتى 1968 وفي الجزء الثاني دولة البعث في أربعة فصول تغطي مراحل صعود الدولة العراقية على الصعيدين الداخلي والاقتصادي كقوة مهمة في الشرق الأوسط، مروراً بالحرب العراقية-الايرانية ودور العراق في الحرب اللبنانية. ويغطي الجزء الثالث الحروب الأميركية على العراق بدءاً بحرب الخليج وحرب الاستنزاف وحرب الحصار وصولاً إلى الغزو وسقوط بغداد عام 2003. أما الجزء الرابع والأخير فهو يبحث في كيفية نهوض الجمهورية الثانية في العراق ومراحل المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي والتحرير في نهاية 2011، وذلك ضمن نظرة متفائلة بعودة العراق إلى مكانته الطبيعية.

وأخيراً تجدر الملاحظة إلى أنّ هذا الكتاب يختلف كثيراً عن «زلزال في أرض الشقاق». فهناك إضافات على ضوء الأبحاث التي صدرت في السنوات الماضية، وهناك ثلاثة فصول جديدة، ولكني حذفت ملاحق الجداول الاحصائية وقرارات مجلس الأمن الدولي عن العراق، والصور في مطلع الفصول، حتى تصدر هذه الطبعة بعدد صفحات مقبول. ولذلك أتمنى على القارىء أن يحتفظ بنسخته من كتاب «زلزال» الذي يحتوي تلك الملاحق، فهو يقرأ الآن كتاباً جديداً ومختلفاً نسبيّاً.

الصفحات