أنت هنا

قراءة كتاب موجز تاريخ العراق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
موجز تاريخ العراق

موجز تاريخ العراق

كتاب " موجز تاريخ العراق " ، تأليف د. كمال ديب ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
2
Average: 2 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

الاستعمار البريطاني

بدايات العراق الحديث نجدها في القرن التاسع عشر حيث توضّحت جغرافيته من جراء ارتباطه بالاقتصاد العالمي والتغلغل الأوروبي في مناطق الامبراطورية العثمانية(18). ولقد مرّت دول المشرق بتجارب مماثلة عبر نشر بنية تحتية في مناطق الانتاج في المدن الرئيسة المطلة على مرافىء بحريّة. وخلال فترة زمنية مختصرة في بداية القرن العشرين، انتقل العراق من نمط إنتاج بدائي زراعي إلى إنتاج بضائع صالحة للتصدير الى الهند البريطانية وأوروبا. وفي الخمسينيات من القرن العشرين تطوّرت العلاقات الاجتماعية داخل العراق من تلك التي تستند الى الولاء العشائري وشيخ القبيلة إلى الاقطاع الريفي وتجار المدن وموظفي القطاع العام.

أما الدولة العراقية الحديثة فقد ظهرت بشكلها الحاضر بعد انهيار الدولة العثمانية وانهزام تركيا في الحرب العالمية الأولى، إذ سعت بريطانيا (الدولة الانتدابية) الى دمج ثلاث ولايات عثمانية هي الموصل وبغداد والبصرة في دولة واحدة(19). ولم يكن لسبب هذا الدمج عامل توحيدي أو ديمغرافي بل كان الهدف تسهيل الربط الاداري لمناطق بلاد الرافدين بالخليج وبالشبكة التجارية للامبراطورية البريطانية. ذلك أن العراق كان دولة ـ فعليّاً ـ منذ القرن السابع الميلادي واستمر كبقعة جغرافية موحّدة تحكمها بغداد حتى قامت الدولة العثمانية في بداية القرن العشرين إلى تقسيمه إلى ولايات تسهل إدارتها. ولكن هذا لم يُضعف من دور بغداد كنقطة الثقل والسلطة في أرض الرافدين؛ فالعراق ليس وليد بريطانيا ولم يكن مجزءاً ليوحّده الانكليز اعتباطيّاً بقرار امبريالي، كما يحلو للتحليلات السطحيّة الكلام عن «جنوب شيعي» مركزه البصرة و«وسط سنّي عربي» مركزه بغداد و«شمال كردي» مركزه الموصل. والحقيقة أنّ الاختلاط أعمق من هذا التصنيف، إذ يقطن في الوسط ملايين الشيعة ويقطن إلى الشمال من بغداد ملايين العرب السنّة.

لا ينسى العراقيون دور بريطانيا وأميركا في تاريخهم الحديث منذ 1920:

أولاً، احتلال الانكليز للعراق بالقهر العسكري عام 1915 واستعمال الغاز السام ضد المدنيين لقمع ثورة العراق ضد الاحتلال عام 1920، ودعم بريطانيا للحكم الملَكي الهاشمي العميل للاستعمار والمنفذ لمشيئة البريطانيين منذ 1920 وحتى 1958.

ثانياً، سيطرة الانكليز على النفط، الثروة الرئيسة في البلاد لمدة عقود عبر «شركة النفط العراقية».

ثالثاً، دعم الولايات المتحدة لسلسلة انقلابات عسكرية دكتاتورية بطشت بالناس وبالكوادر العلمية والمثقفة بين 1963 و1968.

رابعاً، دعم أميركا العراق في حرب استمرت تسع سنوات ضد إيران دون المساهمة في حلحلتها سلميّاً، ومدّها نظام البعث بأسلحة تقليدية ومواد وآليات لتطوير الأسلحة الكيماوية والبيولوجية جنت منها الشركات الأميركية مليارات الدولارات، ثم صمتها فيما بعد عن استعمال النظام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب العراقي وضد إيران.

خامساً، اشتراك أميركا وبريطانيا في حرب انتقامية تدميرية ضد العراق عام 1991 قضت على بنيته التحتيّة وقتلت عشرات الألوف من شعبه.

سادساً، فرض الولايات المتحدة، تدعمها بريطانيا، عقوبات اقتصادية على العراق أصبحت مجازر جماعيّة بحق النساء والأطفال ذهب ضحيّتها مليون وخمسمائة ألف عراقي خلال 12 سنة (1991 حتى 2003).

سابعاً، دعمت الولايات المتحدة وصول حزب البعث الى الحكم عامي 1963 و1968 ليكون سداً ضد الشيوعية، ودعمت حرب النظام ضد ايران واستمرت في دعمه حتى غزوه للكويت عام 1990. وكان دعمها لحكم الحزب الواحد يمنع تطور عراق ديمقراطي،إضافة إلى سكوتها عن مجازر النظام بحق معارضيه والتغطية على استعماله أسلحة الدمار الشامل ضد الأكراد عام 1988.

ثامناً، استهتار أميركا وبريطانيا بالظلامات التاريخية التي عاناها الشيعة والأكراد وعدم الاكتراث بنضال الشعب العراقي نحو المساواة والعدالة.

تاسعاً، شن حرب استنزاف قاتلة ضد العراق في الفترة من 1991 حتى 2002.

قبل العام 1920 كان العراق جزءاً من الامبراطورية العثمانية التي شاركت في الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا ودول المحور وضد بريطانيا ودول الحلفاء. بدأت الحرب عام 1914 وسرعان ما رُسمت الجبهات في أوروبا والشرق الأوسط وباتت الامبراطورية العثمانية (التي ضمّت كل دول المشرق العربي ما عدا مصر التي وقعت تحت احتلال بريطاني عام 1882) هدفاً لهجمات بريطانية فرنسية روسية مشتركة. فبريطانيا هاجمتها من مصر ونجحت في خرق الولاء العربي للسلطنة في الجزيرة العربية، وفرنسا أسهمت في المعارك في ساحة سورية ولبنان عام 1918. أما روسيا القيصرية فقد شاركت في الحرب العالمية حتى سقط نظامها عام 1917 وأعلنت الحكومة البلشفية في موسكو خروج روسيا من الحرب.

عام 1914، وحتى قبل دخول السلطنة العثمانية الحرب، أمرت بريطانيا جيشها المرابط في الهند بمهاجمة العراق، وهو جزء من السلطنة في ذلك الوقت، لتأمين إمدادات النفط من إيران الواقعة تحت السيطرة البريطانية، وذلك بهدف استباق الأمور ومنع حليفتها فرنسا من الامتداد كثيراً داخل منطقة الهلال الخصيب من الساحل السوري-اللبناني إلى الموصل وحدود إيران. وكانت بعثة بريطانيّة قد اكتشفت النفط بكميات تجارية في إيران عام 1908، وتأسّست شركة «النفط البريطانية الفارسية» لاستثمار هذا الاكتشاف عام 1909. وتزامن هذا الأمر مع تطوّر تاريخي سيغيّر وجه العالم، إذ بدأت بريطانيا في العام ذاته بتحويل اعتمادها على الفحم الحجري إلى البترول في حاجياتها للطاقة(20)، وكانت خائفة من هجوم مباغت لجيش السلطنة الذي ضم جنوداً عرباً وأتراكاً على محطات البترول في عبادان الواقعة على شط العرب، النهر العراقي الذي يلتقي فيه نهرا دجلة والفرات قبل أن يصبّا في الخليج.

الصفحات