أنت هنا

قراءة كتاب علم النفس الأدبي مع نصوص تطبيقية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
علم النفس الأدبي مع نصوص تطبيقية

علم النفس الأدبي مع نصوص تطبيقية

كتاب " علم النفس الأدبي مع نصوص تطبيقية " ، تأليف د. إبراهيم فضل الله ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7

ثانياً ـ العقد النفسيّة وسبل اكتشافها

أ ـ تعريف العقدة النفسيّة

العقدة النفسيّة هي مجموعة أجزاء مشحونة إلى حدّ قوي بالانفعال، وهي أجزاء قائمة في اللاوعي، وتوجّه من دون معرفة الفرد بعض أعماله، وتكون العقدة خزاناً صغيراً مستقلاً قوياً، وتدفن في هذا الخزان وهي حيّة بعض العواطف، والانفعالات التي لا يرضاها الأنا الأعلى، وتتشكّل العقدة من خلال كبت رغبة ما غالباً ما تكون محرّمة، وهذا الكبت الذي يستمر سنوات مديدة يجعل الأجزاء المكبوتة تزداد، وتتعمق حتى تشكّل كتلة صلدة، وهذه الكتلة هي العقدة النفسية المتمثلة في مجموعة مركبة من ذكريات، أو رغبات، أو عواطف، أو أحداث مكبوتة مشحونة بشحنة انفعالية قويّة من الذعر، أو الغضب، أو الاشمئزاز، أو الغيرة، أو الإحساس الخفي بالذنب.... (25).

تنشأ العقدة من صدمة انفعالية واحدة، أو من خبرات مؤلمة متكررة، أو من تربية خاطئة في عهد الطفولة تسرف في تدليله الزائد، أو في كبحه وتخويفه، أو تأثيمه من خلال إشعار الطفل بأنّه مذنب في كل ما يفعله، ومن شأن مثل هذه التربية أن تخلق في نفس الطفل مشاعر بغيضة بالنقص، والذنب، والقلق، والغيرة، أو عواطف هدامة، كالحقد والكراهية، وهي مشاعر وعواطف ثقيلة على النفس لا تلبث أن تكبت فتنشأ عنها عقدة أو أكثر، والعقدة استعداد مكبوت يجبر الفرد على ضروب شاذة من السلوك الظاهر، والشعور والتفكير في شخص، أو شيء، أو موقف، أو فكرة، وهي أيضاً استعداد لاشعوري لا يفطن الفرد إلى وجوده، ولا يعرف أصله، وكل ما يشعر به هو آثار العقدة في سلوكه، وشعوره، وجسمه، كالقلق، أو الشكوك التي تساوره، أو اضطرابات في وظائف المعدة، أو القلب، أو التنفس، أو غيرها، ويتسم السلوك الصادر عن العقدة النفسية بما يتسم به السلوك الصادر عن الدوافع المكبوتة (26).

تتنوع العقد النفسية، وسوف نستعرض أبرز العقد التي تحدث عنها التحليل النفسي، وهي:

1 ــ عقدة أوديب

يقتل أوديب ـ بطل الأسطورة اليونانية الشهيرة التي حفظت من خلال نص مسرحي ـ أباه ويتزوج بأمه من دون أن يعرف أنهما والداه، وهذا التحريف في القصة هو أمر لا يمكن تجنبه في تناولها تناولاً فنياً، وأما من ناحية التحليل النفسي فإن جهل أوديب بما فعله بأبويه هو تصوير للناحية اللاشعورية التي تتستر فيها هذه التجربة عند الكبار، وكونه بريئاً إنما هو إثبات لحكم القدر بأن كل طفل يجب عليه أن يمر بهذه التجربة (27).

وتواجه عقدة أوديب عند الأطفال طريقين هما:

1 ـ كبت العقدة، ويؤدي هذا الكبت في بعض الأحيان إلى العصاب.

2 ـ تحلّ نهائياً وحينها يسير الطفل على الطريق السليم.

يسجل فرويد أفول هذه العقدة في مرحلة الكمون ثم عودتها إلى الظهور مع فترة المراهقة، ويتم تجاوزها بدرجات متفاوتة (28).

تلعب عقدة أوديب دوراً فعّالاً في بناء الشخصيّة من خلال الأنا المثالي الذي يحلّ محلها، ويستدل على إنسانيتها بمعنى وجودها عند كل الناس، ومختلف الثقافات من خلال رسوم الأطفال ذات الدلالة، وتدل أحاديث الأطفال مع أمهاتهم على وجود هذه العقدة عند عموم البشر، ومن هذه الأحاديث نجد قول الطفل لأمه:

ـ عندما أكبر سوف أتزوجك يا ماما.

وعندما تجيبه أمه:

ـ ولكن ماذا يقول أبوك؟

يجيب الطفل:

ـ حينها يكون قد مات.

يدل هذا الحديث على رغبة الطفل في قتل والده، وتنزاح هذه الرغبة إلى تمني الموت له، وتكمن أهمية هذه العقدة في دور الوالدين المساهم في تصفية عقدة أوديب تصفية سوية، وفي تكوين السلوك المستقبلي لابنهما (29).

2 ـ عقدة الخصاء

تقوم عقدة الخصاء على وهم متعلق بقلق أو خوف من فقدان الإحليل، وهذا القلق ناتج عن خوف من عقاب يراه الطفل واقعاً عليه بسبب ذنب اقترفه، وذاك الإحساس بالذنب متولد من رغبة جنسيّة محرّمة عند الطفل، وهذه الرغبة تهدف إلى امتلاك الأم وقتل الأب، كما أن القلق بشأن القضيب يزداد عندما يرى الطفل الفرق بين عضوه الجنسي وعضو أخته، ويعتقد حينها أن أخته قد عوقبت بقطع قضيبها لأنها وقعت في ذنب ما، أو ارتكبت محرّماً، أو اقترفت إثماً (30).

ويمتد الخوف من الخصاء إلى الشعور بالعجز عن إثبات الذات، وتوكيد قدراتها إزاء العالم الخارجي، وينصبّ الخصاء على الذهن فيصبح الخصاء هنا تعبيراً مجازياً للدلالة على أن الذهن مواز لعضو الذكورة، ومن ثم فإن ما يصير عليه الأول يوازي أو هو الشكل المجازي لما يقع على الثاني وما يصيبه، وبتعبير آخر فإن الخصاء الذهني هو ضعف النشاط، والعجز عن أداء الوظيفة المخصصة للذهن مثل التغلب، والتحكم، والاقتدار... إلخ، والوظيفة المخصصة للذهن هي موازية لوظيفة الإحليل رمزياً (31).

3 ـ عقد نفسية متنوعة

تتنوع العقد النفسية المرضية، كعقدة النقص، أو عقدة الشعور بالدونيّة، أو عقدة الخوف من شيء ما إلى آخر ما هنالك من عقد، وكلها يمكن أن تفكك وتحلّ إذا استطاع التحليل النفسي استعادة الذكريات المؤلمة، أو أسباب هذه الذكريات، ويقوم التحليل النفسي برفع هذه الذكريات المكبوتة من مستوى الشعور إلى مستوى الإدراك، وبالتالي إن ما كان مخجلاً للطفل أو محرماً لم يعد هناك مبرر لأن يراه بالصورة التي كان يراها سابقاً، وبدل أن تعمل العقد في اللاشعور، وتنشط بصورة شاذة ومرضية تفسر هذه العقد على حقيقتها السوية، ولا يعود الشخص بعدها يستشعر آثارها السيئة، فالذكريات عندما تُعاد إلى الذهن تشبع في كل مرة بالظروف الراهنة لعودتها، وبألوان الموقف الذي استعيدت به (32).

الصفحات