أنت هنا

قراءة كتاب الإيمان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإيمان

الإيمان

كتاب " الإيمان " ، تأليف د. إبراهيم كوكباني ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4

2- الله يسكن القلوب

إن العقل البشري، رغم طاقاته الهائلة وإمكانية إشرافه من كوة المقارنات على الماورائيات، يظلّ عاجزاً عن فهم حقيقة الله، هذا، أن اتَّبعَ الطريق السوي ولم ينزلق نحو الجحود والنكران. لكن الله، سبحانه وتعالى، يعرف كيف يسكن القلوب ويحرّك المشاعر والعواطف، مضفياً على وجودنا معنى ذا قيمة إنسانية تهدف إلى تمجيده والاعتراف بفضله، دون أن نفقد حرية الفكر والعمل. وهكذا تبقى علاقتنا به التزاماً إخلاقياً نعمل بما يأمرنا، وننبذ ما عنه ينهي، يقول أفلاطون.
"يكمن الإيمان في النفس، لا في الفكر"، وقد جاراه في ذلك الفيلسوف الفرنسي باسكال.
إنَّ الإيمان المسيحي، النابع من إيحاءات الله وتعاليم الكنيسة، هو النهج الأكيد لكل مؤمن في مسيرته الحياتية: فبالإيمان ساح القديسون في الأرض، وقاوموا الجوع والضيق والاضطهاد، بالإيمان قهروا الأعداء والضواري وسدّوا أفواه الأسد، بالإيمان تحدّوا السيف والجلد، الصلب والموت... بالإيمان وحده ظلوا متمسكين ليبلغوا الخلاص، وكانوا يهتفون: "أبونا الحقيقي هو المسيح، وأمنا الإيمان الذي يدفعنا للاعتقاد به، لأن أهلنا الأرضيين قد ماتوا من زمان".
أخيراً، أن الإيمان عند بسطاء القلب والسذج، رغم مجانية اتلاده، يبقى ناجزاً تاماً لا يحتمل الجدل أو التأويل، فهو إيمان يُلهب القلب والمشاعر.. وقادر على تحريك الجبال من أماكنها، واجتراح العجائب.

3- علاقة الإنسان بالحجر

إنّ علاقة الإنسان بالحجر قديمة قدم نشوء المجتمعات البشرية التي ترقى بأصولها إلى الحقبات السابقة للتاريخ، والتي ما زالت حتى اليوم تحمل أسمه العلمي كالعصر الحجري القديم "Poléolithique" ، العصر الحجري الوسيط Mésolithique" والعصر الحجري الحديث "Néolithique" ، أي منذ الموجة الجليدية الأولى غونز Günz حتى الرابعة فورم Würm مروراً بالموجتين ريس Riss ومندل Mindel ، وذلك طوال عصور مظلمة تمتدّ من مليون سنة تقريباً حتى الألف الخامس قبل الميلاد.
كان الإنسان، في العصر الحجري القديم، يعيش عيشة بدائية لا يختلف بها كثيراً عن سائر المخلوقات الحية الباحثة في الطبيعة عن سبل تأمين عيشها وسلامتها، فلجأ إلى الكهوف والمغاور الطبيعية ليتّقي عوامل الطبيعة ويدرأ عنه خطر الوحوش المفترسة. تناول الحجر فبدأ بمعالجته مستخرجاً من الصوان أدوات يستعين بها على قضاء حاجاته، مُطوّراً صناعته هذه من حجر منحوت على وجه واحد إلى وجهَين، ومن المنجل والسكين إلى الأزميل والنصل والفأس، وذلك خلال فترة تمتدّ من الحقبة المسماة أشوليان Acheulien وأبفيليان Abbevillien حتى الميكوكيان Micoquien والسوليتريان Solutrien وهذه كلها مواقع أثرية وجدت فيها مثل هذه الأدوات التي تشهد على تطوّر الإنسان من مُصنّع بالفطرة "Homo Faber" إلى الإنسان العاقل Homo Sapiens" ، الذي يعتبر بحق جدّ الإنسان الحالي.
عندما بلغ الإنسان العاقل العصر الحجري الوسيط "Mésolithique" ، تطوّر بيولوجياً وفكرياً وروحياً، أي أن جمجمته الضخمة ذات الجبهة الضيّقة أصبحت معتدلة الحجم تعلوها جبهة عريضة تنمّ عن اتساع حجم دماغه الذي انبرى، وهو جنين بعد، إلى إرسال ومضات وعيه البكر التي ستتفاعل لتخرجه من شرنقة انحباسه الضيّقة إلى العالم الأوسع، عالم الوعي والإدراك.

الصفحات