أنت هنا

قراءة كتاب الجامعة اللبنانية - ثمرة نضال الطلاب والأساتذة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الجامعة اللبنانية - ثمرة نضال الطلاب والأساتذة

الجامعة اللبنانية - ثمرة نضال الطلاب والأساتذة

كتاب " الجامعة اللبنانية - ثمرة نضال الطلاب والأساتذة " ، تأليف إميل شاهين ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

توطئة

من مدرسة خوري الضيعة
إلى الجامعة اللبنانية
ولدت في دار شمزين وهي قرية صغيرة على تلة، تحيطها الوديان من كل الجهات. لا منفس لها سوى على بلدة أميون عاصمة الكورة التي تبعد عنها ثلاثة كيلومترات لجهة الشرق. آنذاك لم تكن طريقها معبدة. بدأت دراستي عند خوري الضيعة الكاهن الياس الطيسون، وهو، رسمياً، كاهن أميون. كان رجلاً فاضلاً يحب العلم ويشجع عليه. انتقلت للدراسة في مدرسة أميون الرسمية ابتداء من الصف الثالث الابتدائي، وكان علينا مع أتراب لي أن نمشي سبعة كيلومترات ذهاباً وإياباً كل يوم. لم تكن لدينا وسيلة للنقل سوى أرجلنا. كنا نقضي فصل الشتاء بالرشح والسعال نتيجة أمطار السماء والأرض وفي المدرسة الرسمية توقع لي أستاذ الحساب مخائيل الحاج عبيد مستقبلاً واعداً.
باكراً بدأت أشارك في توزيع بيانات وصحف الحزب الشيوعي. كنت أطالع وبكثرة منذ أن تعلمت تهجئة الكلمات. كنت أقرأ كل ما أستطيع الحصول عليه من قصص ومجلات وجرائد.
كنت من تلامذة الرعيل الأول في تأسيس تكميلية أميون الرسمية، وكان لي زملاء أذكياء وجدّيون قمنا بنشاطات ثقافية وسياسية. أسسنا في المدرسة نادياً ثقافياً. كنا نجتمع كل يوم سبت بعد الظهر تحت إشراف أستاذ اللغة العربية (قومي سوري) أو أستاذ التاريخ (شيوعي). كنت أكتب مقالات لبعض الزملاء ليقرأوها في النادي. ولما جاء دوري كتبت مقالاً قارنت فيه بين المدرستين الوطنية والأجنبية. احتج الزملاء القوميون لتحيزي ضد المدرسة الأجنبية (تخرج مواطنين غرباء عن وطنهم). قد يكون احتجاجهم مقصوداً لأن نقاشات النادي تجري في غير صالحهم. وقع اشتباك بالأيدي والكراسي. وكان قبل ذلك بنحو أسبوعين قد صادر أستاذ العربي دفتري الإنشاء من إحدى الزميلات ودخل الصف يزبد ويتوعد: (أفكارك تسمم عقول التلاميذ). توجه نحوي بعصا. تدخل أحد الزملاء للدفاع عني وبدأ الخبيط. الأستاذ (الرياضي) رفض الشكوى. ولكن مدير المدرسة الخاضع لنفوذ القوميين أخذ يضايقني ويتقصدني. ذات مرة كنا ندخل الصف. استدعاني: لماذا تضحك، وأخذ يتوعد، ولما استدرت لمتابعة طريقي لحقني وضربني ضربة قوية على رقبتي أضاعت صوابي، مما استوجب (تأديبه). النتيجة طردي من المدرسة ومنعي من الترشّح لامتحانات شهادة البروفيه، وكان ذلك قبل أسابيع من موعد الامتحان.
في بداية كل عام دراسي (تشرين) كنا نتوقف عن الدراسة لمساعدة الأهل في جمع موسم الزيتون والعفار. هذا ما كان يؤمن لنا ثمن الكتب والثياب والمصروف. وفي أواخر السنة (أيار وبداية حزيران) كنا نستيقظ باكراً جداً لحلاشة (حصاد) الكرسنة والباقية والشعير، ومن ثم نعود إلى المنزل لتبديل ثيابنا وسريعاً إلى المدرسة قبل أن يدق الجرس. هذه كانت حال أكثرية تلاميذ ضيعتنا تلك الأيام. عندما طردت من مدرسة المعارف وحرمت من شهادة البروفيه عوَّض جدي عليَّ بمنحي (شهادة) أفضل حاصود قمح عرفه في حياته.
في العام الثاني لطردي دخلت المدرسة الوطنية الكورانية (مدرسة خاصة ومهمّة كانت قائمة في أميون آنذاك) في الصف الأول بكالوريا. قبلت من دون شهادة البروفيه نظراً لتفوقي خاصة في مادة الرياضيات. في هذه السنة تمكنت من حل مسألة رياضية كانت مطروحة على كل الأساتذة والطلاب في العالم الفرنكوفوني من خلال الكتاب السنوي (أنّال). في العام الثاني نشر الحل كما وضعته مع ذكر اسمي وفي امتحانات البكالوريا الفرع الأول علمي أكملت بمادة الأدب الفرنسي، ولم تنقذني علامة 60/60 بالرياضيات وعلامة 200/136 مع أن النجاح بعد علامة المساعدة 200/94. هكذا ضاعت سنة من عمري بسبب اللغة الفرنسية. شهادة الرياضيات درستها (في ثانوية الحدادين الرسمية) في طرابلس.
بعد القسم الثاني تقدمت إلى المدرسة الحربية. كانت علاماتي في الذكاء وسرعة الخاطر والرياضة كاملة غير مفجومة، أما في المواد العلمية فكنت الأول. غير أن تقرير الأمن العام كان يشير إلى انتمائي الحزبي. أحد أعضاء اللجنة الفاحصة وهو صديق لقريب لي أخبره بأنه مع هكذا تقرير للأمن العام لا يمكن قبولي، مما دفع الأهل لزيارة وجيه أميوني ليتوسط مع صهره مدير الأمن العام. هكذا أصبح سجلي نظيفاً وقبلت في المدرسة الحربية.غير أن (المحبين) الكثر سارعوا إلى الوشاية، فتمّ طردي وأضعت سنة ثانية من عمري. العام التالي تقدمت إلى مباراة في التخصص الهندسي. حالفني الحظ بالمرتبة الأولى، ولكنني أبعدت بحجة التوازن الطائفي. وأخيراً تقدمت إلى امتحانات معهد المعلمين العالي قسم الرياضيات حيث لا مكان للواسطة ولا للتوازن الطائفي ولا للانتماء السياسي. المرتبة الأولى خولتني حق الحصول على بطاقة طالب في الجامعة اللبنانية. كان ذلك في العام الدراسي 1961 - 1962.

الصفحات