أنت هنا

قراءة كتاب نقد الفكر اليومي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نقد الفكر اليومي

نقد الفكر اليومي

كتاب " نقد الفكر اليومي " ، تأليف مهدي عامل ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

إشارات

لن نكتب مقدمة كان لمهدي عامل نفسه أن يكتبها. سنترك للورق بياضه علّه ينطق بقول صاحبه. وسنكتفي، للأمانة، بالكلام أولاً على المخطوطة التي تركها مهدي غير منجزة. ثانياً على الأمور الإجرائية التي كان لا بدَّ منها لطبع هذه المخطوطة وإعطائها شكل الكتاب.

أولاً: المخطوطة

في وصف المخطوطة: تتكوّن المخطوطة من 62 صفحة من الحجم الكبير، 61 صفحة منها كاملة. أما الصفحة رقم 62، والتي غدت، بعد اغتيال مهدي، الصفحة الأخيرة، فإن ما يعادل نصفها ما زال بياضاً.
يضاف إلى المخطوطة 18 صفحة ونصف الصفحة من الهوامش الخاصة بالمخطوطة نفسها.
ثم ورقة مسوّدة تبيَّن لنا، بعد قراءتها، أنها تكملة للصفحة 62 من المخطوطة لم يكن مهدي قد نقلها بعد إليها. فرأينا إضافتها إلى المخطوطة وتقديم صورة عنها إلى القارىء.
تملأ الكتابة صفحة مهدي، وكما هو مألوف عنده، من أول زاوية بياض فيها على اليمين، إلى آخر زاوية بياض فيها على اليسار. لا هامش من البياض يعلو الصفحة أو يذيّلها، ولا هامش من البياض يسوِّر يمينها أو يسارها، بل كتابة تبدو، بخطِّ مهدي المرصوف، كأنها لتمحو البياض، تغطّي حضوره وتقاوم، بالتمام، فراغَه.
كتب مهدي المخطوطة، كعادته في كل ما يكتب، مما كنا نطّلع عليه، أو مما كان هو نفسه يطلعنا عليه، بخطّ واضح، وبقلم يشدّ على الورق دون أن يجرحه. خطّ يُنبىء بالثقة، مقروء، منتظم ونظيف.. فلا خربشَة على الصفحة، ولا شطب ولا محو، بل كتابة نقيّة متقنة، تهتم بالنّفط وبالفواصل بين الكلمات والجُمل، وبوضع علامات التشديد والترقيم وحركات التحريك حيث يمكن لقراءة الكلمة أن تلتبس.
في سيرة المخطوطة: ترك مهدي عامل مخطوطة كتابه «نقد الفكر اليومي» مكتوبة بالحبر الأزرق، ولكنه ترك معها أوراقاً تخصّها، ومن حجم مختلف، مكتوبة بالحبر الأحمر. وكان مهدي حكى أمام أصدقائه عن أمر هذه الأوراق. كما أننا وجدنا علامات على هذه الأوراق توضح مواضع إضافتها إلى متن المخطوطة وإلى هوامشها. يمكننا إذن أن نوضح أمر هذه الأوراق، بالاستناد إلى ما عرفناه عنها من مهدي مباشرة، وبالاستناد إلى الأوراق نفسها، على النحو التالي:
كان مهدي عامل قد بدأ كتابه «نقد الفكر اليومي» في العام 1980. وكانت صفحات الدوريات اليومية قد راحت تنشر مواقف وآراء ونقاشات فكرية وثقافية مختلفة ولكتّاب مختلفين، رأى مهدي أنها تمثل، مما تقوله، فكراً يومياً، له طابع الاستحداث، وأنه من الضروري نقد هذا الفكر وكشف موقعه. هكذا أخذ يجمع العديد من هذه المقالات المنشورة على صفحات الدوريات اليومية، يوثّقها، ويجعل منها، بما تقول، موضوعاً للنقض.
بدأ مهدي عمله هذا مقتصراً على هذه القصاصات يتجاوزها أحياناً إلى ما يُلفت انتباهه من فكر يومي يُنشر أحياناً في بعض المجلات (وقد أشار هو نفسه إلى ذلك في متن نصّ مخطوطته). وهو في ذلك كان يعني كتابةً عناها العنوان تماماً: نقد فكر يومي . فالعنوان هو موضوع الكتاب. وكان ينوي إنهاء الكتاب خلال مدة، إن لم يحدّدها بتاريخ، فإنه على الأقل لم يكن يقدِّر أنها ستطول حتى العام 1987. لذا كان يبدو مهموماً بإنجاز الكتاب، وكان يؤكد أمامنا، وكمن يلحّ على نفسه، على ضرورة الإسراع في إنهائه.
ظروف شتى أعاقت استمرار مهدي في كتابة هذا الكتاب. نذكر منها الواضح:
ـ حصار بيروت صيف 1982، علماً بأن أشهر الصيف في لبنان كانت بالنسبة لمهدي فترة إنتاج مخصب، إذ يعزل نفسه ويتوحَّد مستغرقاً في العمل بشكل كثيف.
ـ إنشغال مهدي بكتابة كتاب آخر هو «في الدولة الطائفية».
وقد يسأل القارىء ما الذي دفع مهدي لإعطاء الأولية لكتابه «في الدولة الطائفية»، فترك «نقد الفكر اليومي» وأنجز «في الدولة الطائفية»؟. نحن لا نملك، طبعاً، جواباً واضحاً على هذا السؤال. وربما كان مهدي نفسه لا يملك جواباً تماماً واضحاً على سؤال كهذا. لكن ما نعلمه هو أن مهدي كان متحمساً لكتابة «في الدولة الطائفية». ربما لضرورته التي برزت ملحّة بعد استفحال الاقتتال وتعمّق الطابع الأهلي والشكل الطائفي للحرب في لبنان (في السنوات 1983 ـ 1986) بعد خروج جيش الاحتلال الاسرائيلي من بيروت وفشل جيش السلطة في اقتحامه الضاحية وبيروت الوطنية.
وما نعلمه أيضاً هو أن مهدي لم يترك تماماً صلته ـ خلال هذه السنوات، سنوات انشغاله في كتابه «في الدولة الطائفية» ـ بموضوع كتابه «نقد الفكر اليومي»، بل كان يعود إليه كتابةً، وبشكل خاص، توثيقاً. وكان من جراء ذلك أمران:
الأول هو أن مهدي ارتأى على نفسه، في ضوء إعادة قراءته لما كتب في نقد الفكر اليومي، توسيع بعض الأفكار وتدعيمها. هكذا كتب هذه الأوراق الاضافية باللون الأحمر تمييزاً لها، وبهدف إدراج بعضها في متن نص المخطوطة/ الكتاب، وإدراج بعضها الآخر في هوامش هذا المتن، بعد أن أوضح ذلك بعلامات وضعها في الأماكن المناسبة. وقد كان علينا أن ندقِّق في هذه العلامات لنُدرج هذه الإضافات، وفق إشارات مهدي ودون خطأ. ولئن كان هذا الأمر قد كلّفنا جهداً إضافياً في إعداد المخطوطة للطبع، فإنه جهد ضروري اقتضته الأمانة لصاحب المخطوطة والدقة في عمل كهذا.
الثاني يتعلّق بمنحى الكتاب الذي كان ينمو باتجاه تجاوزه نقد ما كُتِب على صفحات الدوريات اليومية، أو المجلات، إلى الكتب. والنمو في هذا الاتجاه لم يكن مسألة شكلية، أي مسألة تجاوز الجريدة أو المجلة إلى الكتاب، بل كان نمواً يقتضيه بحث مهدي نفسه. فالفصل الأخير من الكتاب ينتهي، كما يمكن للقارىء أن يلاحظ، بالتوقف عند مناقشة مسألة وجود نمط إنتاج إسلامي. وهي مسألة استدعت عند مهدي النظر في ما كتبه القائلون بذلك في كتب لهم. فراح يتابع بحثه قراءة وتوثيقاً وتسجيل أفكار.
هكذا ترك مهدي ـ إضافة إلى مخطوطة الكتاب والأوراق التي أضافها (والتي ميّزها بكتابتها باللون الأحمر) وحدّد مواضع إدراجها في المخطوطة (وقمنا كما ذكرنا بإدراجها) ـ مجموعة من الملاحظات التوثيقية ومن الأفكار التي توضح قراءتها أن قسماً كبيراً منها يخصّ ما تبقى على مهدي كتابته في كتابه «نقد الفكر اليومي»، كما تؤكد هذه القراءة المنحى الذي أشرنا إليه والذي كان الكتاب ينمو باتجاهه فظهرت معالمه واضحة في الصفحات الأخيرة التي توقف عندها كتاب نقد الفكر اليومي.
وقد أرتأينا عدم نشر هذه الملاحظات بهدف استكمال جمعها، وأخْذ الوقت الكافي للعمل عليها فرزاً وتدقيقاً وترتيباً يعطيها الشكل المناسب ويُظهر الأهمية التي لها، فيفسح في المجال أمام القارىء لتلمّس ما كان يمكن أن يكون عليه كتاب مهدي عامل غير المنجَز والأخير (1).

الصفحات