أنت هنا

قراءة كتاب حياة على المتراس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حياة على المتراس

حياة على المتراس

كتاب " حياة على المتراس " ، تأليف أرتين مادويان ترجمه إلى العربية أرادشيس قيومجيان ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 2

مقدمة

ننحني خشوعاً أمام هؤلاء المناضلين

بقلم: جورج حاوي

لقد ترددت كثيراً قبل أن أكتب هذه المقدمة. وكان ترددي لسببين:

الأول فللعلاقات الخاصة التي تربطني بالرفيق العزيز أرتين مادويان فتجعل حكمي على ما يقوم به من أعمال مطبوعاً حتماً، وبشكل لاإرادي، بإعجابي الشديد بهذا الرفيق المناضل في جوانب حياته النضالية ومزاياه الشخصية على السواء.

أما السبب الثاني، فلخشيتي أن تفسر كتابتي من موقعي الحزبي الرسمي الراهن وكأنها موافقة على كل ما ورد في الكتاب، وتبنٍّ له، بما في ذلك ما يقرره من شؤون تاريخية تتناول الأحداث والأشخاص، لا أعطي لنفسي حق التقرير بشأنها. فهي شأن الحزب كله، الذي لا بدَّ له أن يستطيع يوماً ما، وفي ظروف أكثر ملاءمة، من أن يكتب النسخة الحقيقية لتاريخه النضالي بالاستناد إلى منطلقات العلم وقواعده، وإلى الحقيقة الموضوعية المجردة المعززة بالوثائق والشواهد الحية والحسية.

هذه المهمة، مهمة كتابة تاريخ الحزب تصبح اليوم أكثر إلحاحاً من السابق لكونها لم تعد قضية تاريخ حزبي محض، بل هي تتعلق بتاريخ شعب وبلاد وأمّة، بتاريخ طبقة عاملة وحركة ثورية شاملة في منطقتنا العربية، وفي إحدى أكثر ساحاتها أهمية، الساحة اللبنانية ـ السورية بخاصة. فكتابة تاريخ لبنان الحقيقي، في إطار علاقاته القومية، وبخاصة علاقته بالشقيقة سوريا، تصبح اليوم، كما هو معروف مهمة وطنية ذات أولوية استثنائية يستحيل دونها تأمين وحدة حقيقية للبلاد، شعباً وأرضاً ومؤسسات، على أسس وطنية، بعدما مضى المستعمرون، والصهاينة والرجعيون العرب والانعزاليون تشويهاً في تاريخنا، فَطُمِس دور الجماهير وأُنكر، وشُوّه دور الوطنيين وأهمل ومُجّدت الخيانة والتبعية والارتماء في أحضان الأجنبي، واستعداؤه على أبناء الوطن. فضاعت المقاييس في كثير من الأحيان حتى صارت الخيانة «وجهة نظر» وصارت الوطنية تهمة تقذف في وجه المناضلين، وجريمة يدفع مرتكبوها والمحرضون عليها ثمناً غالياً...

ولا شك أننا اليوم، إذ نخوض معركة الاستقلال الحقيقي للبلاد، وإذ نضع نصب أعيننا مهمة إعادة بنائها من جديد، بل إعادة تأسيسها، هوية وكياناً ونظاماً سياسياً ودستوراً وأنظمة وقوانين ومؤسسات...، نتطلع إلى ضرورة كتابة التاريخ بشكل صحيح ليكون الاتفاق بشأنه واحداً من أسس الاتفاق على الحل الوطني للأزمة اللبنانية، وليكون التثقيف به والتربية على أساسه، وتنشئة الأجيال الطالعة انطلاقاً من معطياته ضمانة وحدة الشعب ولحمته في المستقبل.

وعندما نقول كتابة تاريخ لبنان، في إطار انتمائه القومي، نقول حتماً: كتابة تاريخ الحزب الشيوعي اللبناني ـ السوري.

وفي هذا الإطار تبدو أهمية الجهد الذي بذله عدد من الرفاق لإلقاء الضوء على جوانب هامة من تاريخ الحزب عبر كتابة مذكراتهم وسيرة حياتهم. وإلى جانب الأهمية العلمية لكتاب المؤرخ الفرنسي الرفيق والصديق جاك كولان، «تاريخ الحركة النقابية في لبنان»، وإضافة إلى الجهد الذي يحظى بكل تقدير من قبل الرفيق العزيز محمد دكروب في كتابه «السنديانة الحمراء»، تأتي كتابات يوسف إبراهيم يزبك، ومذكرات يوسف خطّار الحلو، والياس البواري، ومصطفى العريس، وغيرهم من الرفاق لتشكل عناصر مهمة، ومواد أساسية في عملية كتابة التاريخ الحي لحزبنا وبلادنا.

ولعل أكثر المحاولات جدية تلك التي كان قد بدأها الرفيق العزيز والفقيد نقولا شاوي ولم يتمكن إلّا من إنجاز قسم ضئيل منها...

ونود أن نشير كذلك إلى أهمية مذكرات الرفيق «أبو داوود» محمود الأطرش، التي كتبها وسلّمها للحزب ولم تُنشر بعد.

وفي السياق نفسه تبدو أهمية هذا الإنجاز الكبير الذي حققه أرتين مادويان بكتابة مذكراته الشخصية. فهو أحد مؤسسي الحزب، وأحد روّاد وقادة النهضة الثورية المعاصرة في لبنان وسوريا والمنطقة. عاش الأحداث الكبيرة منذ بداية القرن، وشهد التحولات التاريخية العظيمة التي طبعت عصرنا بطابعها وفي مقدمتها ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى...

وساهم من موقع القيادة والتأثير في كل النضالات التي عرفتها البلاد منذ العشرينيات حتى هذه الساعة. جاب طوال أكثر من خمسة وستين عاماً كل شوارع وأزقة بيروت وطرابلس ودمشق وحلب وحمص... وكل مدن وقُرى لبنان وسوريا وفلسطين... ودخل بيوت ألوف العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين وسائر الكادحين، وزار كل سجون لبنان وسوريا والمنطقة المجاورة، فكان بين أول الشيوعيين الذين يحاكمون ويسجنون في لبنان، في عام 1926، كما كان آخر شيوعي يحاكم ويسجن في لبنان عام 1963 قبل أن يتمكن الحزب من انتزاع علنيته عام 1969. وبين عام 1926 وعام 1963 تتغير العهود، وتتغيّر الحدود، والسجن واحد، والسجان يلاحق أرتين مادويان فيظفر به حيناً، ويفلت منه أحياناً... وأرتين مادويان يلاحق السجان دائماً، فيحاصره، ويطوقه ويحطم بقبضته الفولاذية قضبان سجنه، ويكتب بعرق جبينه، وبدمه، وبفكره ونضاله تاريخ التحرر والحرية في بلادنا...

ولعل جملة من العوامل الموضوعية والذاتية، قد أسهمت في جعل أرتين مادويان قادراً على لعب هذا الدور الرائد، في الإسهام بتأسيس حزبنا الشيوعي في لبنان وسوريا، والنضال الدؤوب والدائم في صفوفه، وفي مختلف المواقع القيادية فيه حتى يومنا هذا.

الصفحات