كتاب " حياة على المتراس " ، تأليف أرتين مادويان ترجمه إلى العربية أرادشيس قيومجيان ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب حياة على المتراس
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

حياة على المتراس
انطباعات طفولتي الأولى
هناك ذكريات من طفولتي لا تزال مطبوعة في ذاكرتي بشكل واضح جداً.
خلال عام 1908-1909 ذهبت إلى روضة مدرسة ابكاريان في أضنة حيث سمعت للمرة الأولى في حياتي، الأناشيد الوطنية يؤدّيها التلاميذ بحماسة، ومن هذه الأغاني أتذكر:
«إرفع صوتك أيها الفدائي، لماذا أنت ساكت؟!».
و: «دوَّى صوت من جبال أرضروم الأرمنية».
وهي أناشيد لا تزال محفورة في ذهني لم تُمح حتى اليوم.
المجزرة
وفي مخيلتي عن الطفولة أيضاً، يتراءى مشهد ثان مطبوع فيَّ ولا يفارقني ألا وهو مجزرة الأرمن الرهيبة التي نفّذت ما بين 14 و17 نيسان عام 1909 (التقويم القديم 1ـ4 نيسان) ثم المجازر الرهيبة التي تكررت اعتباراً من 25 نيسان، أو ما حكاه أهلي من تفاصيل حول هذه المجازر الدموية آنذاك.
لقد كانت أياماً مرعبة حقاً.
كان بيتنا في وسط حديقة؛ أما الجيران فكانوا: خالي استيبان مع أهله، العربجي كريكور زوج خالتي مريام، كريكور الطحَّان، والميكانيكي البارع ابراهام وكان هذا الأخير أشورياً.
حركة غير عادية تدود في الحديقة. كان ذلك في الأول من نيسان، ونحن متكوّمون في البيت والنوافذ كلها مغلقة، ونراقب عبر شقوق الشبابيك، براميل من السمن تتدحرج في الشارع. إنها بعض ما يُسرق من المحالّ الأرمنية المجاورة. وبقينا على هذه الحال وبوّابة الحديقة محصّنة بما يجعلها منيعة.
وما إن انتصف النهار حتى ابتدأ الهجوم البربري. صراخ وضجيج في كل صوب. أنظر إنهم يقتربون! لقد ضربوا بوابة الحديقة بالفؤوس وفتحوها، ودخل العدو، واقتحم الرعب قلوبنا. نحن الصغار كنا تحت أوامر الكبار نركع ونتلو بصوت مرتفع: «أبانا الذي في السموات». أما الكبار فكانوا يرقبون الباب، يرتعدون ويتساءلون: تُرى، هل تصل القوات الفرنسية والإنكليزية لإنقاذ الأرمن من المجزرة؟
كريكور الطحان أطلق النار من بندقية صيد على المهاجمين فأصاب أحدهم وأرداه. أثار هذا خوف المهاجمين وتضعضعوا وعرف من صراخهم أنهم يتراجعون، على أمل الرجوع بقوة أكبر. استغل الموجودون في الحديقة هذه الفرصة وخرجوا من الباب الخلفي وذهبوا إلى منزل القاضي كيفورك أفندي الموجود على بعد 200 متر من بيتنا. ومن هناك رأينا المهاجمين يعودون، ويعملون في البيوت التي أخليناها، نهباً وحرقاً.
كان النجار هو؟سيب أفجيان يقوم بحماية مخبئنا ببارودة صيد. وبعد يومين من التصدي من جهتنا بدأ المهاجمون بشق حائط البناية من الخلف. وبدأت الحيرة في الداخل وأخذ الناس ينتقلون برعاية هو؟سيب افجيان إلى منزل تشيفجي باشي كيورك آغا (وكيل مزرعة) على بعد حوالى 200 متر وكان بيتاً كبيراً. وقد قتل على الطريق العربجي كريكور وجرح أخي الصغير هاكوب الذي توفي لاحقاً متأثراً بجراحه.