أنت هنا

قراءة كتاب حياة على المتراس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حياة على المتراس

حياة على المتراس

كتاب " حياة على المتراس " ، تأليف أرتين مادويان ترجمه إلى العربية أرادشيس قيومجيان ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 6

ولنعد إلى البداية..

... قلت، إنني ترددت كثيراً قبل أن أكتب هذه المقدمة... إلى أن وجدتني أستيقظ باكراً، في صبيحة يوم الرابع والعشرين من تشرين الأول من العام الحالي 1985، في الذكرى الواحدة والستين لنشوء حزبنا الشيوعي اللبناني، فأبدأ بالكتابة، وقد تغلبت عندي الرغبة في الكتابة على كل تردد. فبالأمس عدت من مهرجان «الميناء» الذي أقيم إحياءً للذكرى الواحدة والستين، وتحية لطرابلس المحررة، وتكريماً لأبطال الحزب، وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، أبطال تفجير وتدمير إذاعة العميل أنطوان لحد التي تشرف عليها المخابرات المركزية الأميركية والصهيونية.

إن الحزب الذي أسهم أرتين مادويان إسهاماً كبيراً في تأسيسه، والذي ما زال يعطيه حتى اليوم كل ما يملك، هو اليوم مالئ الدنيا وشاغل الناس. تتحدث عنه الإذاعات المحلية والدولية بإعجاب، ويمجد الكل بطولة مناضليه ودورهم في المقاومة الوطنية اللبنانية، هذه المفخرة التي تشكِّل أنبل ظاهرة ثورية في تاريخنا العربي المعاصر. أستمع إلى ما يُقال، وأقرأ ما يكتب... فلا أستطيع إلّا أن أزهو وأن أسترسل في النشوة... فترتسم فجأة أمامي صورة أرتين مادويان أمام المحكمة عام (1932)، وأسمع بأذني صوت المدعي الفرنسي يطلب العقوبة القصوى لأرتين مادويان، ويلح في استئصال شأفته، هو ورفاقه، قبل أن يصبحوا قادرين على فعل ما بدأه رفاق لهم في فيتنام، ألهبوا تلك البلاد ثورة تحت أقدام الاستعمار الفرنسي وأرى على وجه أرتين مادويان، الشاب آنذاك، علامات الغضب والثورة مشفوعة بابتسامة تكشف عن الثقة غير المحدودة بالشعب، بالطبقة العاملة، وبالحزب... ذلك الحزب الذي كان يشق بصعوبة خطواته الأولى آنذاك... وأرتين مادويان يفكِّر في الثورة، ويعمل من أجل الثورة، ويثق بنجاح الثورة ثقة مطلقة...

في مثل هذا اليوم المجيد من تاريخ حزبنا، يتوجَّب علينا، نحن الشيوعيين اللبنانيين، أن ننحني خشوعاً أمام هؤلاء المناضلين الأوائل أرتين مادويان ورفاقه كما ننحني خشوعاً أمام ذكرى شهدائنا الأبطال. فهم قد شقوا الطريق الذي يبدو اليوم أمامنا عريضاً وفسيحاً. وهم قد صنعوا الراية الأولى ورفعوها وحموها بدمائهم، وبعرق جبينهم، وبآلامهم، إلى أن وصلت إلى الأيدي التي ترفعها اليوم فوق المناطق اللبنانية المحررة بإباء واعتزاز. هم قد كتبوا بالنضال هذا التاريخ المضيء لشعبنا ولحركتنا الوطنية ولحزبنا. وإذ يكتب أرتين مادويان اليوم بعضاً من سيرة حياة قضاها «وراء المتراس» فهو يضعنا أمام ضرورات الوفاء لهذا التاريخ من جهة، وأمام العهد على متابعة النضال من وراء هذا المتراس دون كلال، إلى أن تنتصر القضية التي رفع هؤلاء المناضلون لواءها عالياً، قضية التحرر الناجز لبلادنا، قضية الديموقراطية والاشتراكية والسلم.

كلمتان عوضاً عن مقدمة

أيّ إنسان لا يتمنّى أن تبقى ذكراه، بعد وفاته، وأن تعيش في الناس على هذا النحو أو ذاك؟

إنّه شعور بديهي، ملاصق لطبيعة بني البشر.

إلّا أنني، على الرغم من هذه الحقيقة، لم أشرع في تدوين مذكراتي هذه، ولا سيّما في الجانب السياسي والحزبي، إلّا بعد إلحاح وإصرار متكرّرين من جانب الرفاق في الحزب، علّني أسهم بقسطي المتواضع، مع رفاق آخرين، في إنجاز تاريخ الحزب المتكامل مسهماً في الوقت عينه في تحضير المادة الأساسية لكتابة التاريخ الوطني والسياسي للأرمن في لبنان، وفي سوريا إلى حدّ بعيد، ذلك أن تاريخ الأرمن جزء من تاريخ الشعبين لا يتجزأ.

لقد كتبتُ هذه المذكرات في بيروت الغربية، خلال الحرب الأهلية. وبالأحرى خلال الاجتياح الإسرائيلي، وفي ظل الاحتلال بالذات:

أزمة متفاقمة؛ قصف متواصل؛ حالة عصبيّة مرهقة... إنها الظروف التي أتيح لي خلالها أن أمسك بالقلم وأشحذ ذاكرتي وأشرع في الكتابة!

بل أكثر من ذلك: في تلك الظروف القاسية اضطرّ الحزب، لدواعٍ أمنيّة، إلى إخفاء أرشيف الحزب وكنتُ في أمسّ الحاجة إليه لإنجاز مذكراتي: أوليست هذه المذكرات على خصوصيَّتها وتنُّوعها، جزءاً من تاريخ الحزب؟

وبالرغم من هذا الواقع فلقد سعيتُ إلى قول الحقيقة، بتجرّد وبساطة، وبصراحة قد لا تخلو من القساوة حول هذا الحدث أو ذاك. لكنني حاولتُ أن أعبّر بصدق، معطياً الصورة الحقيقية التي أراها منسجمة مع معطياتي عن الواقع التاريخي.

أعتقدُ أن ذاكرتي خانتني في بعض الأحداث والمشاهد. ويخالجني شعور بأنني نسيتُ أسماء غالية لرفاق وأصدقاء وطنيين عملوا معنا في مراحل معيّنة.

يتملّكني أسف عميق على ما غاب عن ذهني من صوَر.. ومن أسماء، وهذا هو الشيء الأساسي.

وأتمنّى على كلّ ذي مقدرة، أن يساعدني في المستقبل على تغطية هذا النقص، بل أكون له شاكراً وبه فخوراً.

الصفحات