كتاب " نهاية العالم على مذبح التغير المناخي " ، تأليف د. أيوب أبو دية ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب نهاية العالم على مذبح التغير المناخي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
نهاية العالم على مذبح التغير المناخي
2) هل تتعرض الأرض وحدها للانحباس الحراري؟
تقاس ظاهرة الانحباس الحراري من خلال معدل ارتفاع درجة حرارة الهواء الواقع في نطاق الكيلومترات الثمانية الأولى للغلاف الجوي، أي في طبقة التروبوسفير (Troposphere)؛ فما هي التغييرات في معدل درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض منذ الثورة الصناعية الكبرى التي بدأت نحو نهاية القرن الثامن عشر؟
طبقات الغلاف الجوي للأرض
من المعلوم اليوم أن معدل درجة حرارة الأرض قد ازداد بمقدار Cْ0.2 في القرن التاسع عشر عن القرن الذي سبقه، كما زاد المعدل بمقدار Cْ0.6 خلال القرن العشرين مقارنة بالمرجعية ذاتها. ومن المتوقع مع نهاية القرن الحادي والعشرين، أن ترتفع درجة الحرارة عدة درجات سلسيوس، تتراوح ما بين درجة واحدة - على أقل تقدير- وترتفع لتصل إلى 5-7 درجات في حدها الأقصى(7)، هذا إذا لم تحدث كوارث طبيعية عظيمة كثوران البراكين الضخمة، وسقوط نيازك كبيرة على الأرض، أو ربما تغير مفاجئ في نشاط الشمس أو تغير في مدار الأرض حول الشمس ونحو ذلك من نشاطات وظواهر طبيعية يصعب التنبؤ بها.
إذا نظرنا إلى الكواكب القريبة من حولنا في نظامنا الشمسي، فإننا نجد كوكب الزهرة (Venus)، بوصفه الكوكب الأقرب منا إلى الشمس، والذي يساوي في حجمه حجم الأرض تقريباً؛ وعندما نتساءَل عن مدى ارتفاع درجة حرارته لقربه من الشمس، فإننا نجد أن درجة حرارته السطحية هي نحو 460 درجة سلسيوس فوق الصفر، فما السبب في ذلك؟
نظامنا الشمسي، حيث تتموضع الشمس في المركز وتحيط بها الكواكب
يتمثل السبب في قرب كوكب الزهرة من الشمس، كما يظهر في الصورة أعلاه، وأيضاً نتيجة ارتفاع كثافة الهواء في الغلاف الجوي الذي يحيط بالكوكب، وذلك نسبة إلى كثافة الغلاف الجوي الأرضي، فضلاً عن احتواء غلاف الزهرة الجوي على نسبة نحو 96 بالمئة من غاز ثاني أكسيد الكربون.
إلى هذا الحد يمكن أن تصل درجة الحرارة على سطح كوكب ما نتيجة تواجد غاز ثاني أكسيد الكربون بتلك النسبة العالية في أجوائه؛ وهذا درس لنا ينبغي أن نتعلمه في حال كوكبنا الأرضي، حيث إن نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون تزيد بشكل مضطرد عقداً بعد آخر.
أما كوكبنا الأرضي، فإن ما يحتويه غلافه الجوي هو نسبة نحو 78 بالمئة نيتروجين، فضلاً عن نسبة 21 بالمئة أكسجين، أما الواحد بالمئة المتبقي فتضم اليوم غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 0,038%، فيما يشتمل الباقي على خليط من غازات أخرى.
وبناءً على هذه النسبة الضئيلة من غاز ثاني أكسيد الكربون، ونتيجة تموضع الأرض عند مسافة أبعد من الشمس مقارنة بكوكب الزهرة، فإن معدل درجة حرارة الغلاف الجوي هي 15 – 16 درجة سلسيوس فقط، وهذا ما جعل الحياة ممكنة على سطحه على النحو الذي نراه اليوم، وهذه ما جعلها تزخر بالتنوع الحيوي الهائل الذي يضم ملايين الفصائل الحية في الطبيعة.
وتتغير درجة حرارة غلاف كوكب الأرض بضع درجات صعوداً وهبوطاً، وفقاً لتغير مسار الأرض حول الشمس؛ فكلما ابتعد مدار الأرض عن الشمس انخفضت درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض، وكلما اقترب مدارها من الشمس ارتفعت درجة حرارة الغلاف الجوي المحيط بسطح الأرض.
كذلك تتغير درجة الحرارة وفقاً لنشاطات الشمس من جهة الانفجارات النووية على سطحها وشدة الإشعاعات الشمسية التي تصلنا بفعلها. وأيضاً تتغير درجة الحرارة وفقاً لتغير محور دوران الأرض حول نفسها خلال مسارها البيضاوي حول الشمس، كما يمكن أن يلاحظ في الصورة اللاحقة.