كتاب " نهاية العالم على مذبح التغير المناخي " ، تأليف د. أيوب أبو دية ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب نهاية العالم على مذبح التغير المناخي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

نهاية العالم على مذبح التغير المناخي
أما إذا أخذنا كوكب المريخ، الذي هو أصغر حجماً من الأرض، كما ظهر سابقاً في صورة نظامنا الشمسي، فإن جاذبيته أقل مقارنة بكوكبنا، لأن كتلته أصغر من كتلة الأرض؛ وبناءً عليه، فإنه يجذب إليه الغازات الموجودة في الجو بقوة أقل، الأمر الذي ينجم عنه وجود غلاف جوي أصغر حجماً وأقل كثافة بكثير مقارنة بالغلاف الجوي الأرضي. فغلاف كوكب المريخ الجوي يحتوي على نحو واحد بالمئة من غاز ثاني أكسيد الكربون، ولكن درجة حرارة سطح الكوكب هي قرابة خمسين درجة سلسيوس تحت الصفر، الأمر الذي يعني أن أغلب ثاني أكسيد الكربون المتواجد في غلافه الحيوي يكون متجمداً على سطح الكوكب.
خلاصة القول، إن موقع الأرض المميز، من حيث بعده عن الشمس، هو الذي سمح ببزوغ الحياة على سطحه، فضلاً عن أن النسبة الضئيلة من غاز ثاني أكسيد الكربون الموجودة في غلافه الجوي، بالإضافة إلى بخار الماء وغازات أخرى، قد ساهمت بفاعلية في رفع معدل درجة حرارة سطح الكوكب إلى 15 درجة سلسيوس فوق الصفر، وذلك بعد انقضاء العصر الجليدي الأخير قبل نحو 12000 سنة خلت.
إن ظاهرة الانحباس الحراري المستفحلة الآن، بفعل الإضافات من الغازات الدفيئة التي وضعتها نشاطات الإنسان في البيئة، قد رفعت معدل درجة الحرارة إلى 16 درجة سلسيوس في مطلع الألفية الثالثة(8). وفي حال استمرار النشاط اللامسؤول للبشرية في نهاية الألفية الحالية، فإنه من المتوقع أن يرتفع معدل درجة الحرارة نحو ست درجات إضافية، ليقترب معدل درجة حرارة الغلاف الجوي من 22 درجة، الأمر الذي سوف ينجم عنه كوارث مناخية وبيئية هائلة سوف نناقشها بالتفصيل في الفصل الثالث من هذا الكتاب.
توقعات اللجنة الدولية للتغير المناخي IPCC التابعة للأمم المتحدة
وفي الشكل أعلاه يمكن ملاحظة توقعات اللجنة الدولية للتغير المناخي التابعة للأمم المتحدة IPCC بأن يتراوح معدل ارتفاع درجة الحرارة بين 1,4 إلى 5,8 درجة سلسيوس عند نهاية القرن الحادي والعشرين (مقارنة بعام 1990)، وذلك في ضوء تفاوت التقديرات لما سوف يكون عنده محتوى الغلاف الجوي من ثاني أكسيد الكربون عام 2100 (حيث تتراوح التوقعات بين 540-970 جزءاً بالمليون)(9). ولكن هناك توقعات أخرى لعدة مؤسسات علمية مرموقة تختلف الى حد ما، ويمكن عقد المقارنة بين توقعاتها وفقاً لما يلي:
توقعات أخرى لعدة مؤسسات علمية مرموقة في العالم
تختلف توقعات العلماء لمعدل درجة الحرارة التي يمكن أن يصلها الغلاف الجوي للأرض نحو نهاية القرن الحادي والعشرين؛ إذ يلاحظ في الشكل الأخير التوقعات المتباينة للمراكز العلمية المتنوعة، حيث تتراوح بين 2,2 إلى 4,8 درجات سلسيوس. أما دور البحث العلمي المشاركة في هذه الدراسة هي الآتي:-
Center for Climate System Research.
CCSRINIES
The Canadian Center for Climate Modelliny and Analysis.
CCCMA
The Commonwealth Scientific and Industrial Research Organization.
CSIRO
Hadley Center for Climate Prediction and Research.
Hadley center
Geophysical Fluid Dynamics Laboratory.
GFDL
Max Planck Institute for Mathematics.
MPIM
Parallel Climate Model.
NCAR PCM
Ocean Model.
NCAR CSM
صدر تقرير الأمم المتحدة في عام 2001 عن اللجنة الدولية للتغير المناخي IPCC، وهي المؤسسة التي فازت بجائزة نوبل لعام 2007 مناصفة مع آل غور (Al Gore)، الذي كاد أن يصل إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية عام 2000. وفي ضوء تقديرات العلماء باحتمالية تفاوت ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض من 1.4 درجة مئوية إلى 5.8 درجات مئوية عام 2100، فإن التوقع الأكثر تفاؤلاً، أي الرقم الأقل بين التوقعات وهو 1,4 درجة فقط، هو تغير يكفي لانحسار الثلوج في القطبين خلال القرن الحادي والعشرين، بل ربما يحدث ذلك في منتصف القرن على وجه التحديد، وسوف يؤدي إلى تغير كبير في المناخ وإغراق الشواطئ وانحسار المناطق الزراعية وتملـــح مياه الشرب ونحو ذلك من تبعات.
فمن المتوقع إذاً أن يرتفع منسوب مياه البحار في نهاية القرن الحادي والعشرين بمعدل عشرين سنتمتراً وربما أكثر، إذ تتباين التقديرات بحيث يضعها المحافظون عند عشرة سنتمترات فقط، فيما يجعلها المغالون تصل إلى نحو متر ونصف المتر.
ومهما تكن حقيقة ذلك فسوف يتم غمر مساحات كبيرة من الشواطئ بالمياه، كما يحدث اليوم في جزر المالديف التي باتت مهددة كلها بالغرق في غضون عقد واحد من الزمن؛ كذلك تزيد المخاطر شدة، وبخاصة في الأماكن المنخفضة في العالم، مثل ولاية فلوريدا في أمريكا وأراضي هولندا المنخفضة والكثير من أراضي إيطاليا وغيرها من الدول في أوروبا، كذلك الهند وبنغلاديش والصين في آسيا، ومصر في إفريقيا، وغيرها من المناطق المنخفضة المنتشرة في شتى أصقاع الأرض، وهي سوف تكون بشدة كافية لتهجير مئات الملايين من الناس وتدمير الصناعة والبنية التحتية والزراعة والغطاء النباتي والتنوع الحيوي وكل ما هو على سطح الأرض وتحتها.
لقد شرعنا في العقدين الأخيرين نشاهد التحولات المذهلة في المناخ واشتداد الأعاصير وذوبان الثلوج على نحو غير مسبوق، الأمر الذي سوف يؤدي إلى استفحال ظاهرة «الانحباس الحراري» نتيجة تسارع وتيرة تعرية الأرض من الغابات الممطرة نتيجة أحوال الطقس المدمرة، فضلاً عن فقدان الغطاء الثلجي الأبيض الذي يسهم في انعكاس أشعة الشمس وخفض درجة حرارة الغلاف الجوي في كوكب الأرض.
إن الكوارث المناخية والبيئية، الناجمة عن ارتفاع معدل درجة حرارة سطح الأرض واليابسة ومسطحاتها المائية وغلافها الجوي، سوف تسبب ذوبان الثلوج وارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات وهجرات قسرية تطال الإنسان والحيوان والفصائل النباتية وتؤدي إلى انقراض الكثير من الفصائل الحية في الطبيعة، ليتغير بالتالي وجه الأرض ولون غلافه الجوي ولون مياه بحاره ومحيطاته وأعداد التنوع الحيوي الموجودة في أرجائه كافة على نحو جداً خطير، بحيث ربما يصل إلى نقطة اللاعودة إلى الحاله الأصلية.
ربما يعود السبب في ذلك إلى أنه سوف يصبح من المستحيل أن تصحح الطبيعة نفسها لتواكب التحول السريع الطارئ في تركيبة الغلاف الجوي الجديدة، وبالتالي سوف تندثر الحياة بصورة تدرجية وتفقد استدامة مواردها، وربما تعود القهقرى إلى مراحل متأخرة من تاريخ البشرية المتقدم، وتدب الفوضى وتنتشر الحروب والأمراض وتسود شريعة الغاب من جديد. ألا ينبئ ذلك ببداية النهاية لكوكب الأرض؟
هذه ليست تصورات من نسج الخيال، بل هي حقيقة علمية يتوقعها العلماء اليوم ويظنون أنها سوف تحدث في نهايات هذا القرن، وربما قبل ذلك بقليل، إذا لم تبدأ الدول باتخاذ إجراءَات صارمة وملزمة للجميع وذلك للحيلولة دون حدوث ذلك. وينبغي أن تشمل هذه الإجراءَات إنهاء الاعتماد على الطاقة النووية لأن المواد المشعة الناجمة عن الحوادث النووية أو النفايات المشعة من شأنها أن تلوث المياه على سطح الأرض لملايين السنين، وبخاصة إذا تعرضت الأرض لكوارث مفاجئة.
وينبغي أن تتم تلك الإجراءَات بالتعاضد والاتفاق بين الدول جميعها، أو معظمها في أسوأ الأحوال، وذلك لتحديد نسبة انبعاثات الغازات الدفيئة والالتزام بذلك تمام الالتزام، وبخاصة فيما يتعلق بأهمية التزام الدول المتقدمة التي تساهم في إطلاق جل الغازات الدفيئة التي تسبب ظاهرة الانحباس الحراري. ولكن، سوف نلاحظ في الفصل الرابع والأخير كيف كانت البداية مبشرة بالخير في كيوتو عام 1997، ثم كيف تنصلت بعض الدول من التزاماتها، ولا يزال بعضها كذلك، كالولايات المتحدة الأمريكية والصين أكبر الملوثين للكرة الأرضية، ثم كيف انتهى الأمر في كوبنهاجن والمكسيك وديربان بتأجيل الحديث عن تمديد اتفاقية كيوتو التي تنتهي صلاحيتها عام 2012.
ومنذ اجتماع كوبنهاجن عام 2009 فقد غدا الحديث، في أروقة محافل الاتفاقيات الإطارية للتغير المناخي الواقعة تحت مظلة الأمم المتحدة، يتمحور حول «التكيف» مع التغير المناخي بالدرجة الأولى، وفي هذا السياق تم الاتفاق على تخصيص مليارات الدولارات لتحقيق ذلك التكيف عوضاً عن المواجهة المباشرة للحد من مشكلة تزايد الغازات التي تسبب ظاهرة الانحباس الحراري.