أنت هنا

قراءة كتاب سؤال الهوية الكردية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سؤال الهوية الكردية

سؤال الهوية الكردية

كتاب " سؤال الهوية الكردية " ، تأليف عبد الكريم يحيى الزيباري ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

مكوِّنات الهوية بحسب هنتغتون (1- شخصية: العمر، الاسم. 2- ثقافية: اللغة، الدين، الطائفة، العشيرة، القومية. 3- إقليمية: الجوار، البلدة، المدينة، الإقليم. 4- سياسية: الزمرة، الحزب. 5- اقتصادية: الوظيفة، الطبقة. اجتماعية: الأصدقاء، النادي، المكانة الاجتماعية). وبالإضافةإلى كلِّ ذلك، فللهوية مكوِّن رئيس فات هنتغتون، هذا المكوِّن هو الذي جعل (فراكلين بنجامين يفتخر عام 1760 لانتصار بريطانيا على فرنسا، ويقول: "أنا بريطاني" وفي تموز 1776 شجب فراكلين وألغى هويته البريطانية ووقع إعلان الاستقلال الأميركي) (9).

هذا المكوِّن هو مجموعة كبيرة من الشكوك والأخطاء والمخاوف، التي تثقل كاهل الإنسان، تجعله أكثر تمسكاً بهويتهِ، أو تجبره على إلغائها، وهو بالتالي يعاني صراعاً من جرَّاء التغير المستمر في هويته، والنابع من عجزه عن الإجابة عن (مَـنْ أنا؟ ماذا أريد؟ لماذا أنا هنا؟ أينَ كنتُ قبل مائة سنة؟ أين سوف أكون بعدها؟... الخ). هذه الأسئلة تقضُّ الفكر الإنساني، ولأنَّ بعض العلوم الإنسانية، قد خرجت عن السيطرة، وصارت لا إنسانية، لا تجد حرجاً من تبرير العنف، ومحاولات إلغاء الآخر، منذ العرض الأول لمسرحية شيلر "اللصوص" إلى مقولة الجنرال الأميركي باتون (الأسلحة الأكثر دماراً، هي الأكثر إنسانية، لأنَّها تؤدي إلى نهاية سريعة للحرب). لا يمكنُ لشعبٍ ينقادُ وراء المحافظين، أنْ ينجو من تأثيرات خارجية ناتجة من محاولات غزو ثقافي، من السهل احتواؤها وتحجيمها، لأنَّ الوقوف ضدَّها سوف يزيد من خطورتها، فلكلِّ جديدٍ لذَّة، والإنسان بطبعهِ يعاني صِراعاً بخصوص هويته المفقودة، وهي غير مفقودة، ولكنَّها تنفلتُ منه كلما حاول الإمساك بها، لأنَّها متغيِّرة، وبقاء الحال من المُحال، فالضحيَّة تصير أقسى من جلادها حين تواتيها الفرصة، والأكوان في تغيُّرٍ مستمر، وجوهر كينونة الإنسان في تغيره المستمر، وإنسانيته كامنة في (لن نصبر على طعامٍ واحد) حتى لو كان طعاماً من الجنَّة، ماذا يفعل الإنسان في بحثه عن هويته المفقودة، إذا كان يعرف أنَّهُ يقفُ عاجزاً أمام أسئلة تتعلق بهويته: مَـنْ أنا؟ وأنْ نُشخِّص ونتأمَّل ونعيد صياغة الأسئلة التي نتحدَّث عنها.

وعَوْدًا عَلَى بَدْءٍ، تجاهلنا لأسئلة الهوية من نوع: مَـنْ نحنُ؟ ماذا نريد؟ قد يؤدي إلى عزل الشعب الكردي عن قضيته الرئيسة، ومحو هويتهِ الثقافية، وخلخلة انتمائه، وقطع جذور الموروث الشعبي، مما يهدِّد الأمن الاجتماعي، ويُحقِّق قطيعة بين هويات أديان وقوميات مختلفة، كانت متجاورة ومتعايشة، لكنَّ كلاً منها يعيش في عالمٍ مختلف من الحقائق المختارة بانتقائية عالية، وتأويلات مُغْرِضة، من التاريخ المشترك عينه، لكلِّ قوميةٍ رؤيةٌ مختلفة، ومفاهيم متناقضة، لكن مَـن يقرأ أسئلة الهوية الكردية، اليوم، سيدرك أنَّ ثَمَّـة صورة خارجية جديرة بالتأمُّل:

كيف يمكننا تحقيق مصالحنا العامة بصورة موثوقة؟

في أربيل عاصمة إقليم كردستان أكثر من عشرين قنصلية أو مكاتب رسمية لدول العالم، من بينها أربع دول أعضاء في مجلس الأمن الدولي، تتعامل مع الإقليم بشكل رسمي وبموافقة بغداد، هذا النشاط الدبلوماسي الذي يقوم به إقليم كردستان عربياً ودولياً، بموازاة سياسة الاعتدال والتزام الحياد السياسي الإيجابي غير السلبي، يستلزم وجود خبراء في علم السياسة، يحللون المواقف والتصريحات ويستنتجون ويعملون بصمت تام لدفع العجلة إلى الأمام، لأنَّ الحياد السلبي المزعوم والاكتفاء بمراقبة التطورات، ربما يخفيان موقفاً خائناً أهْوَج، لدولةٍ أو كتلةٍ ما، تُحَرِّضُ جزءاً ضد الآخر، لِحَاجةٍ تُحاولُ إخفاءها، كمن يحاول حجبَ شَمْسِ الضُّحَى بغربال، فأيُّ طريقٍ يؤدِّي إلى فَشَلٍ أميركيٍّ، هو الذي تسلكهُ وتؤيدهُ بعض الدول، حتى وإنْ كان بازدياد عدد القتلى من العراقيين، أو فشلٍ سياسيٍّ أو كارثةٍ أخرى، ومصائبُ العراق عند قومٍ فوائدُ.

الحياد الإيجابي قد يمَنَحُ أربيل ثقلاً إستراتيجياً، يجعلها محط أنظار العالم، لتصير كتلة التحالف الكردستاني الورقة الرابحة، في مجلس النواب العراقي في دورته الثانية، رغمَ أنَّها لم تنل غير 57 مقعداً من مجموع 275 مقعداً، أيْ خُمس المقاعد تقريباً، لكن الكتل السياسية الأخرى، تسعى مُعَنَّاةً إليها، ورغمَ ذلك لَمْ يَصْدُر عن الإقليم تصريحٌ واحدٌ معادٍ لأيَّة كتلة نيابية أو شخصية سياسية، وأبقت الأبواب مُشرعة للحوار مع الجميع، وسارعت إلى الترحيب بأية بادرة لانفراج أزمة تشكيل الحكومة التي استمرت ثمانية شهور بدءاً من آذار 2010، واقترحت استضافة الفرقاء في أربيل، لدفعِ العجلة إلى الأمام، ولكن العجلة لم تتقدَّم، النيات الحسنة وَحْدَها غير كافية، التغير الإيجابي في الموقف الكردي جاءَ عن فهمٍ تام، بأنَّهُ ليس بمقدورِ أحدٍ الرقص في الظلام، وتبديل التحالفات، وتغيير المواقف، فالعالم كله، فَضَلاً عن الشعب العراقي يسمع ويراقب العملية السياسية التي لم تتقدَّم، حتى تدخلت المحكمة الاتحادية بقرارٍ بات غير قابل للتمييز، وليته كان قابلاً، ليرى الجميع ويسمعَ حجج الذي يريد التمييز، بغية تأخير تشكيل الحكومة أكثر من تسعة شهور، وذلك لارتباط إرادةِ بعض الكتل بأطراف خارجية، تعترف عَلَناً بنفوذها في بغداد، وبأنَّ لها مصالح لا يمكن أنْ تتخلى عنها في بغداد، والمصالح هي كِنايَة عن الأطماع، فتشكيل الحكومة العراقية هو في جانبٍ آخر أزمة دولية، قبل أنْ يكون أزمة عراقية، وأمريكا لا تريد معارضة قوية في بغداد، قريبة من نصف مقاعد مجلس النواب، بل تريد حكومة شَرَاكة وطنية، وبمعنىً أصحّ حكومة مُحَاصَصَة، كالحكومات السابقة، تشترك فيها الأطراف كافة لأنَّ وجود معارضة قوية، يعني وجود رقابة، ووجود رقابة قوية يبدو أنَّهُ لا يخدم المصالح الأمريكية، كما أنَّ الشراكة الوطنية الظاهرة في حكومة مؤلفة من جميع الأطراف، تخفي بركاناً من الأحقاد والاتهامات المتبادلة بتهميش الآخر.

الصفحات