أنت هنا

قراءة كتاب عالم بلا قيادة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عالم بلا قيادة

عالم بلا قيادة

كتاب " عالم بلا قيادة " ، تأليف آيان بريمر ترجمه إلى العربية فاطمة الذهبي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

الفصل الأول:ما هي المجموعة الصفرية؟

«أن تكون وحدك أفضل بكثير من معاشرة السيئين»

(جورج واشنطن)

ما هي المجموعة الصفرية؟

احتفلت ملكة الدنمارك الملكة مارغريت في17/12/2009 بقمة المناخ المتوقعة جداً مع عشاء فاخر في قصر كرستيانسبورغ في كوبنهاغن، وقد تمتع القادة والضيوف البارزون من جميع أنحاء العالم بعشاء السمك المالح والسكالوب والحلوى والأداء الموسيقي لفرقة «الحرس الملكي».

وإذا لم يكن الحرس الملكي كافياً لتأكيد موضوع تغير المناخ، فإن هذا الحدث الكبير تضمن تسجيلات غنائية لفرانك سيناثرا «هنا اليوم الممطر» وأداء جورج هاريون لأغنية «هنا تشرق الشمس». وتمكنت الملكة من تجاهل التفاصيل الديبلوماسية الرسمية التي أجلستها قرب الشخص الرفيع المقام والزائر الأطول مدة في المساء الرئيس الزمبابوي روبرت موغابي المعروف جيداً بإنهاك اقتصاد بلده تماماً أكثر من معرفته بحديث العشاء الجميل أو التزامه بحل مشكلة التدفئة العولمية. وقد وضح موظف البروتوكولات الدنماركي للصحف قائلاً: «نحن نعرف جيداً، بأن بعض الناس يريدون الجلوس قرب الآخرين، فهذا العشاء شبيه بالعشاء العائلي حيث أنك لا ترغب في جلوس العم لويس قرب العم ايرني»(1). وإن مراوغة الملكة هي التي منحت القمة نجاحها الأول والوحيد.

وبعد أسبوع من انتهاء هذا المؤتمر، نشرت أكسنهوا (وكالة الأخبار الصينية) قصة تزعم بأن رئيس الوزراء الصيني وين جياباو (Wen Giabao) كان قد علم خلال العشاء أن الرئيس الأميركي باراك أوباما كان قد دعا الأصدقاء والحلفاء إلى اجتماع سري فيما بعد في ذلك المساء لمناقشة إستراتيجية التفاوض، ولم يتم شمول الوفد الصيني بذلك الاجتماع(2)، وبقي من غير الواضح هل اجتماع كهذا كان مخططاً له أم أن وين حصل على معلومات سيئة، وربما تكون كل القصة من تلفيق الحكومة الصينية لتبرير غياب وين عن اجتماع رئيسي في اليوم التالي ورفض وفده الموافقة على الصفقة النهائية، ومهما كانت الحقيقة فإن وين كان قد انسحب إلى مقر إقامته في فندق Radisson Blue Hotel ولم تصل القمة إلى الهدف المقصود.

ومعظم ما نعتقد معرفته حول مفاوضات الباب المغلق لليوم التالي يأتي من التسجيل السري (ملفات صوتية)1.2 جيغابايت التي خلفهـا الحـدث، وحصلت عليهـا المجلة الألمانية دير شبيغل(3) (Der Spiegel) الإخبارية، وفي18 كانون الأول/ ديسمبر؛ اجتمع12 رئيس دولة في مؤتمر آرن جاكوبسون ( Arne Jacobson) في بلّا سنتر (Bella Center) في كوبنهاغن لحل الخلافات حول المدخل المشترك لتغير المناخ، وانتظر كثير من قادة العالم خارج الغرفة للحصول على اتفـاق هـؤلاء المجتمعين وبقـي رئيس وزراء الصين فـي مـاديسون (Radisson).

وبـدلاً مـن الاتفاق مع زميلـه رئيس الـدولـة ويـن جيابـاو (Wen Jiabao) وجد رئيس الولايات المتحدة نفسه يتفاوض مع السيد هي يافي (He Yafei) نائب وزير الخارجية الصيني الشهير لإتقانه اللغة الإنكليزية واستعداده لاستخدامها من أجل تقدم الرؤية العالمية لبلده بنقاشات استفزازية أحياناً. وكان نيكولاس ساركوزي قد أصر على التزام الصين والهند بالأهداف الرامية إلى تخفيف إشعاعات غاز البيوت الزجاجية وأعلنت الصين والهند عدم تمكنهما من دعم الوثيقة التي فرضت أهدافاً عديدة محددة حتى على الأميركيين والأوروبيين.

وســأل رئـيس الـوزراء النـرويـجـي جنـز ستولتنبـرغ (Jens Stolten Berg) المسؤولين الهنود كيف يمكنهم شجب الخطة التي اقترحوها قبل ساعات قلائل؟ وطلب الرئيس المالديفي محمد نشيد ورئيس سلسلة الجزر الواقعة في المحيط الهندي بحوالى7 أقدام فوق مستوى سطح البحر، أن يوضح الوفد الصيني كيف يطلب من بلده الانقراض، واتهم ساركوزي الصينيين بالرياء وألقى يافي محاضرة على المجموعة الخاصة بالتدهور البيئي من الثورة الصناعية واتهمت العديد من المنظمات غير الحكومية المسؤولين الغربيين بإعاقة الاتفاق، واتهم القليل من الصحفيين الرئيس أوباما بالبيع لأوروبا وجعل الصين خارج الصنارة، وكان الرئيس الفنزويلي شافيز قد أطلق على الرئيس أوباما اسم الشيطان، وكان التجمع الذي قال عنه رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون بأنه أهم مؤتمر منذ الحرب العالمية الثانية قد انتهى بفظاظة وتعليقات متنازعة حول ما حدث ومن دون أي تقدم نحو أي اتفاق هادف. ولكن النقطة الأساسية هنا هي أن القمة لم تفشل بسبب إهمال الصين أو عدم وصول الهند إلى قرار أو عناد الأوروبيين، أو لأن أوباما هو رئيس العالم، بل فشلت لأنها لم تكن هناك أرض مشتركة بين المتبارين الرئيسيين والجدد للوصول إلى الاتفاق الذي تُضحي له كل الجوانب، وكذلك عدم وجود البلد الواحد أو كتلة البلدان التي لها قدرة على فرض الحل، وهذا النقاش يبين لنا الـG - Zero ومن أين أتت.

حيث تدعي القوى الصاعدة مثل الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا بأن150 سنة من التصنيع في الغرب كانت قد صبت كل الضرر الذي جعل علماء المناخ في حالة من الذعر، وقد أصروا على أن الأميركيين والأوروبيين ليس لهم حق توقع من البلدان النامية تحديد نموها لإزالة فوضى العالم الغني، ورد السلطات المستقرة في أن الدول النامية ستقوم بكل الضرر البيئي في العقود المقبلة، وأضافت بأن تغير المناخ هو مشكلة عولمية، المشكلة التي لا يمكن حلها من دون مساعدة مادية من البلدان النامية حتى لو خفضت أميركا وأوروبا الإشعاعات إلى الصفر، ولاسيما أن القضية الملحة هي أن العالم بحاجة إلى مشاركة القوى المستقرة والجديدة للمشاركة في الفوائد والأعباء كما هي الحالة مع العديد من القضايا الاقتصادية والسياسية اليوم، وعدم القيام بأي شيء يزيد الأمر سوءاً، وهذا هو تحدي الـG - Zero، ولمنع الصراع إذاً، يجب تنمية الاقتصاد العالمي، وإدارة حاجاتنا للطاقة وتنفيذ السياسات التجارية والاستثمارية الحكومية ومواجهة التهديدات عبر الوطنية للصحة العامة وإجراء كثير من الاختبارات الأخرى، فالعالم بحاجة إلى القادة المستعدين لتحمل الأعباء والقيام بالتسوية؛ وللتأكد فإن العديد من البلدان قوية جداً الآن لمنع المجتمع الدولي من القيام بأي فعل ولكن لا واحدة منها تمتلك القوة السياسية والاقتصادية لإعادة صوغ الوضع الراهن.

الصفحات