قراءة كتاب ليندا مطر - محطات من سيرة حياتي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ليندا مطر - محطات من سيرة حياتي

ليندا مطر - محطات من سيرة حياتي

كتاب " ليندا مطر - محطات من سيرة حياتي " ، تأليف ليندا مطر ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9

7 ـ لماذا بالخط العريض

في بداية الخمسينيات كان موعد الانتخابات النيابية والكل منهمك فيها. لم أكن أعلم بأن مشاركتي في مهرجان الشباب في برلين واعتقالي ومحاكمتي وتبرئتي ستكون حديث الحي، وإني أصبحت في نظر البعض جديرة بأن يكون لي رأي. زارني يوماً صحافي في جريدة le soir وهو من سكان عين الرمانة وقال لي: بأنه سينظم سهرة انتخابية في منزله دعماً للمرشح ديكران توسباط صاحب جريدة لو سوار، وسألني إذا كنت أقبل بإلقاء كلمة باسم المرأة اللبنانية. فكرت قليلاً في الموضوع واعتبرته مناسبة للتعبير عن رأيي. استشرت أحد الأصدقاء المقربين واستعنت به لتحضير الكلمة التي لم تتجاوز الصفحتين، لم تكن المرة الأولى التي أقف فيها أمام الجمهور، لقد سبق وقمت بأدوار رئيسة في عدد من المسرحيات التي كانت تقيمها مدرسة الناصرة في آخر كل سنة. الكلمة التي ألقيتها لم تتضمن التأييد المطلق للمرشح ـ الذي كان حاضراً ـ بل توجهت إليه بمجموعة من المطالب من ضمنها حق المرأة في الانتخاب.

وعد النائب المنتظر بالعمل على تحقيقها. بدأت أسهمي ترتفع بين اليساريين فطلبوا مني أن ألقي كلمة أيضاً في المهرجان الذي سيقام، كما قالوا لي في حينه، تأييداً للمرشح الشيوعي فرج الله الحلو.. فرحت بالخبر لكنني كنت مترددة لأني لم أكن أعرف أي شيء عن فرج الله الحلو. لم يدم ترددي كثيراً فجاءني أحد الشيوعيين ـ نقولا اللحام ـ ليقول لي بأنه سيساعدني على كتابة الكلمة، لكن عليّ فقط أن أطلعه على أفكاري وما هي المطالب التي أطلب من المرشح طرحها في المجلس النيابي والسعي إلى تحقيقها. كان مهرجاناً كبيراً في طابق علوي غير مسقوف آخر خط ترامواي في فرن الشباك بالقرب من مخفر الدرك الذي استضافني قبل فترة من الزمن، والمفارقة أنهم، أي الدرك، كانوا موجودين للحفاظ على الأمن.

في صباح يوم الأحد المقرر لاجراء الانتخابات النيابية واختيار «الأولياء» على مصيرنا، رأيت مشهداً جعلني أضيف إلى «لماذاتي» «لماذا كبيرة». في زاروب حينا مجموعة من المنازل المتواضعة بناها أصحابها بعرق جبينهم. نتعايش مع بعضنا كعائلة واحدة. أفراحنا مشتركة وكذلك أحزاننا. دخلت إلى هذا «الزاروب» سيارة أميركية الصنع ضخمة، وقفت على الشرفة مستوضحة الأمر، رأيت ابن الجيران جورج الشاب ـ الطفل الذي حرم من الصحة الجسدية والعقلية، يتأبط ذراعيه اثنان من قبضايات الانتخابات يضعونه في السيارة وعلى وجهيهما علامات النصر!! صعقت للمنظر وهرعت إلى والدته أسألها ما يجري، أجابتني: أعطوه ورقة ليضعها في الصندوق. عدت سنة إلى الوراء لأرى نفسي في ذلك المكان حيث يوجد صندوق الاقتراع الذي اعترفت فيه «بجريمتي» التي اقترفتها عندما سافرت إلى مهرجان الشباب في برلين والذي لم يبعد عن منزلي أكثر من خمس دقائق مشياً على الأقدام، لكنها تفصل بيني وبين هذا المكان مسافة كبيرة لا يسمح لي تجاوزها لأعطي رأيي بشخص أو أكثر، من الأرجح أنهم لن يصلوا إلى المجلس النيابي، ولكن أقلّه أشعر بأني قمت بما هو حقي وواجبي.

الصفحات