أنت هنا

قراءة كتاب عبد الرحمن البزاز فكره السياسي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عبد الرحمن البزاز فكره السياسي

عبد الرحمن البزاز فكره السياسي

عرف تاريخ العراق السياسي المعاصر الكثير من الشخصيات الوطنية التي كان لها دوراً بارزاً في أحداثه، وقد نال بعضهم العناية والدراسة الكافية أما البعض الأخر فلم ينل هذه العناية وذلك لأسباب مقصودة أو غير مقصودة ومن بين تلك الشخصيات عبد الرحمن البزّاز.

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
الصفحة رقم: 8

الأصول الفكرية للبزاز

لقـد تأثـر (البزّاز) بمجموعة من الأصول المؤثرة التي ساهمت وساعدت في تكوين وإنضاج فكــره ثم نشاطه السياسي فجاءت أفكاره تلبية وانعكاسا لتلك المؤثرات التي يمكن تصنيفها إلى ما يلي:

أ. الأصول الدينية:

ينتمي (البزّاز) الى عائلة عرفت بتدينها الشديد وتمسكها بالتعاليم الإسلامية فكان والده من الذين يلقون الخطب والأحاديث والمواعظ الدينية في المساجد وقد سار في تربية أولاده على هذا النهج فكان من الطبيعي أن يتأثر البزّاز بهذه التنشئة الدينية([116]) وكما تأثر البزّاز بخاله نجم الدين الواعظ([*]) مفتي الديار العراقية آنذاك حيث كان يصطحبه معه في المناسبات الدينية والوطنية فانعكس ذلك في بلورة شخصية البزّاز الفكرية وتهيئة فكرة السياسي، القومي والعقائدي، الديني([117]) كما اثر ذلك على أخلاقه وتربيته الشخصية فعرف بالخلق الرفيع وعفة اللسان لا يستغيب أحداً ولا يرضى أن يستغاب أحد في مجلسه، طويل البال، مسيطر على أعصابه، واسع الإطلاع خاصة في الشريعة الإسلامية وصادق التدين([118])، لذلك كان قومياً محافظاً وكان الالتصاق بالمبادئ الإسلامية مهماً له سواء كان في مجالسه الخاصة أو في المحافل العامة([119])، وبقي (البزّاز) متمسكاً بالدين الإسلامي وتعاليمه في كافة أمور العبادات والمعاملات حتى أيام سفره الى لندن لإكمال دراسته حتى أن أغلب زملائه ومن الإنكليز خاصة يستغربون ويعجبون بشخصيته الصادقة مع نفسه وربه والآخرين، فكانوا يحثونه على الملذات المادية الا انه رفضها باستمرار وسار على منهجه الديني دون تردد([120]).
وقد تعمق الاتجاه الديني للبزاز بعد عودته من لندن وإكمال دراسته فألقى العديد من الخطب والمقالات والأحاديث الدينية وبمناسبات عديدة (كمولد النبوي الشريف، ذكرى العام الهجري الجديد،ليلة الإسراء والمعراج، أحاديث بمناسبة شهر رمضان الكريم).
وكان (البزّاز) يلقى الخطب في الجمعيات الإسلامية كجمعية الآداب الإسلامية وجمعية الشبان المسلمين وكانت أول خطبة له فيها عام 1940م بعنوان (ذكرى المولد الشريف صلى الله عليه وسلم) ليلة الثاني عشر من ربيع الأول عام 1359هـ في جمعية الشبان المسلمين، وكذلك من خلال المساجد التي كانت تنقل أحاديثه وخطبه أيضا عبر الإذاعة([121]) فكانت تلك الأحاديث تدل على الموعظة الدينية والأخلاقية وتسعى إلى تهذيب النفس البشرية عن طريق الإقناع والاستشهاد بالآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة ومن خلال السيرة النبوية وسيرة الخلفاء الراشدين (رضي الله عنهم)([122]) ويمكن إن نعتبر كتاب الله (القران الكريم) والسنة النبوية والسيرة احد المصادر الدينية التي أثرت في التكوين الفكري للبزّاز فقد سار على هذا النهج في حياته الشخصية والعملية حتى لا تكاد تخلو نتاجاته الفكرية من أية من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، أو حدث من إحداث الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) والخلفاء الراشدين ويمكننا توضيح ذلك من خلال الجدول الأتي:

كما كان البزّاز معجبا بالسيد قطب المعروف باتجاهه الإسلامي فلقد وجد البزّاز في مؤلف السيد القطب (العدالة الاجتماعية) التي يدعو لها الإسلام خير ضامن لحقوق الإنسان. كما يرى البزّاز في مؤلف السيد قطب (التصوير الفني في القران ) الذي يبين الأسلوب الرفيع والأدب الرائع للقران الكريم خير ما مثل اللغة العربية فلم يكن كتاب دين فقط([134]).
ب. الأصول القومية:
لقد تأثر البزّاز بآراء وأفكار المفكر القومي ساطع ألحصري خاصة عندما كان طالبا في كلية الحقوق والحصري عميدها، فكان ألحصري منتبها لأراء ومناقشات البزّاز الفكرية فأوفده إلى إنكلترا لإكمال دراسته([135]) كما وجد البزّاز في أستاذه ألحصري رائدا من رواد القومية العربية ومؤمنا بالقضية العربية، وكان البزّاز كثير القراءة لكتابات ألحصري مثل (ما هي القومية، دفاع عن العروبة، ونشوء القومية العربية)([136]) وكان يشبه أستاذه ومكانته بالنسبة للعرب بمكانة ومنزلة المفكر الألماني فخته وأثره على الفكر القومي الألماني، ويصف البزّاز أسلوب ألحصري بالأسلوب (السهل الممتنع) أسلوب الأدباء، وبعمق تفكيره والاحاطة الشاملة بالبحث والطريقة المنطقية وتمتاز مؤلفاته كما يرى بالحجة البالغة والمنطق السليم والشواهد الصادقة وكذلك معالجته القضية بأسلوب علمي منطقي([137])، الا ان ما يجب أن نلحظه إن البزّاز لم يتوافق مع الاتجاه القومي العلماني في فكر ألحصري فكانت أفكاره تجمع مابين العروبة والإسلام([138]).
كما كان البزّاز من المعجبين والمتأثرين بجمال عبد الناصر بوصفه زعيما قوميا فكان دائم الاستماع إلى خطبه وأحاديثه في الوقت نفسه كان البزّاز يتمتع بثقة الرئيس عبد الناصر الشخصية ولكن الاخير لا يرغب ان يكون البزّاز رئيسا للجمهورية ([139]).
وعلى الرغم من انشغال البزّاز بدراسته في لندن إلا انه كان متحمسا للقضايا القومية فكان اتجاهه القومي غير مقتصر على الإطار النظري إنما ترجم أفكاره إلى واقع ملموس بعيد عن الخيال المثالي فساهم في تأسيس الجمعية العربية أو المؤتمر الأول للطلبة العرب في أوربا عام 1938م فكان البزّاز ممثلا عن العراق([140]) ومع كل من (عبد العزيز الدوري، قاسم البزركان، عبد الغني الدلي).

الصفحات