أنت هنا

قراءة كتاب عبد الرحمن البزاز فكره السياسي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عبد الرحمن البزاز فكره السياسي

عبد الرحمن البزاز فكره السياسي

عرف تاريخ العراق السياسي المعاصر الكثير من الشخصيات الوطنية التي كان لها دوراً بارزاً في أحداثه، وقد نال بعضهم العناية والدراسة الكافية أما البعض الأخر فلم ينل هذه العناية وذلك لأسباب مقصودة أو غير مقصودة ومن بين تلك الشخصيات عبد الرحمن البزّاز.

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
الصفحة رقم: 10

د. تأثير البيئة العراقية السياسية على الفكر السياسي للبزّاز:
أن الفكر عبارة عن مجموعة من التأملات العقلية التي يصوغها الإنسان ليؤسس من خلالها المعادلة الفكرية التي تعالج ظاهرة من الظواهر المجتمعية المحيطة به وهذا الفكر ليس منقطع عن محيطه بل يتأثر به سلباً أو إيجاباً ويعكس مرحلة التطور التاريخي التي يمر بها الإنسان والمجتمع([168])، فالبيئة تشمل مجموع المؤثرات المادية والأدبية التي تحيط بالفرد والجماعة سواء كانت تلك المؤثرات طبيعية أم إقليمية، اجتماعية بكل ما تعنى وتشمل من مؤثرات دينية واقتصادية وسياسية وثقافية([169]).
ومن هنا كانت شخصية (البزّاز) وأفكاره انعكاساً للواقع السياسي العراقي فقد شهد البزّاز الكثير من أحداث العراق السياسية وكذلك الأحداث العربية المحيطة التي انعكست على أفكاره فجاءت مرة مناهضة ومرة مؤيدة لهذه الأحداث([170]) فقد ولد البزّاز في ظل ظروف كان الشعب العراقي قد استيقظ فيه على أصوات مدافع الحرب العالمية الأولى وخسارة الدولة العثمانية واحتلال بريطانيا للعراق وإعلانها الانتداب عليه بموجب مؤتمر سان ريمو عام 1920([171]) فما كان إعلان الانتداب حتى أعلنت جماهير الشعب العراقي الثورة التي بالرغم من فشلها وخسارتها عسكريا أمام بريطانيا الا إنها استطاعت ان تمهد لنوع من الاستقلال الذاتي متمثلة بإعلان الحكومة العراقية الأولى بقيادة عبد الرحمن النقيب وتنصيب الأمير فيصل بن حسين شريف الحجاز ملكا على العراق بعد مؤتمر القاهرة في 12 آذار عام 1921م([172]). إلا ان بريطانيا سعت الى حفظ مصالحها بصيغة أخرى غير الانتداب متمثلة بالمعاهدات التي تعكس جوهر الانتداب فعقدت معاهدة عام 1922م والتي لم يصدق عليها المجلس التأسيسي الا في عام 1924م ومعاهدة عام 1926م و1927م1930م التي نصت على استقلال العراق بدخوله عصبة الأمم عام 1932م([173]).
وفي عام 1933م توفي الملك فيصل وتولى العرش ابنه الأمير غازي فأصبح ملكا للعراق وكان معروفا بسياسته المعادية للإنكليز ومواقفه القومية المؤيدة للعرب ونظالهم ضد الاستعمار الفرنسي خاصة في سوريا ومحاولة ضم الكويت إلى العراق وعرف بمعارضته للادعاءات الصهيونية([174]).
لقد وجدت بريطانيا في سياسة الملك ما يعارض مصالحها فدبرت حادث اغتياله في الرابع من نيسان عام 1939م واتهم كذلك نوري السعيد بمحاولة اغتيال الملك([175]) وذلك في لرغبة نوري السعيد في هذا الاغتيال بعد مقتل صهره جعفر العسكري في انقلاب بكر صدقي بوصفه أول انقلاب عسكري في العراق والوطن العربي والذي اعتبر الملك غازي مشاركا فيها أدى الى دخول العراق في مرحلة سياسية جديدة تميزت بتدخل الجيش بالحياة السياسية حيث شهد العراق طيلة الفترة ما بين عامي 1936ـ1941م ما يقارب سبعة انقلابات عسكرية([176]) أولها انقلاب بكر صدقي الذي فسر بان أسباب شخصية دفعت صدقي للانقلاب لإقامة دولة كردية تضم أكراد العراق وتركيا وإيران([177]).
بينما يذكر البعض ان تدخل الجيش في الحياة السياسية يعود للأسباب التالية([178]):
1- ضعف وفساد الحكومات المتعاقبة وغياب الشخصية السياسية القوية القادرة على قيادة البلد خاصة بعد غياب الملك فيصل الأول.
2- تنافس السياسيين العراقيين لملى الفراغ السياسي ولجوءهم لوسائل غير شرعية كتحريض العشائر ضد الحكومة.
3- حب السلطة والانتهازية من بعض قادة الجيش وتأثرهم بالأحداث العربيـة والعالمية.
وفي 11اب عام 1937م رد على انقلاب بكر صدقي بانقلاب ثاني حيث اغتيل صدقي في الموصل مع آمر القوة الجوية أثناء تهيئتهما للسفر الى تركيا وبذلك حلت حكومة حكمت سليمان وشكلت حكومة جميل المدفعي([179]). أما الانقلاب الثالث فقد جاء نتيجة ضغط قادة الجيش القوميون للإطاحة بحكومة جميل المدفعي فاستقالت في 25 كانون الاول عام 1938م وطلب قادة الجيش من الملك غازي ان يعهد بتشكيل الوزارة إلى نوري السعيد والذي اعتقد الكتلة القومية ان ذلك من حقهم ([180]) وتم تشكيل حكومة نوري السعيد الى انها اتسمت بالضعف خاصة بعد مقتل وزير المالية (رستم حيدر) وقد قدم نوري السعيد استقالة حكومته في 18 فبراير عام 1940م وبعدها استقالت الحكومة([181]) فوجد العقداء الأربعة (كامل شبيب، محمود سلمان، فهمي سعيد، صلاح الدين الصباغ ) انه لابد من اخذ رأيهم في تشكيل الحكومة الجديدة ورشحوا السعيد لتشكيل الحكومة وهو ما تم فعلا([182]) الا ان الوزارة استقالت في 28مارس عام 1940م وشكلت وزارة جديدة بقيادة رشيد عالي الكيلاني التي ما لبثت ان استقالت في 31يناير عام 1941م نتيجة الضغوط او طلب الوصي منها([183]) وشكلت حكومة جديدة برئاسة طه الهاشمي والتي لم تستمر طويلا بسبب انقلاب الكيلاني ضد حكومة الهاشمي مع العقداء الأربعة وفي ابريل عام 1941م شكلت حكومة رشيد عالي الكيلاني التي سميت بحكومة الدفاع الوطني واختير الشريف شرف وصيا على العراق([184]).
لقد جاءت حكومة الكيلاني بالانقلاب كرد فعل على سياسة نوري السعيد لإدخال العراق في الحرب العالمية الثانية الى جانب بريطانيا، وبعد تشكيل حكومة الكيلاني أعلنت التزامها بمعاهدة 1930م ووقوفها على الحياد من الحرب العالمية الثانية([185]) إلا ان بريطانيا لم تكتف بذلك فأرسلت جواسيسها وقواتها العسكرية وأمرت بفتح الطريق ولو بالقوة مخترقة نصوص المعاهدة مما أدى الى قيام الحرب العراقية البريطانية([*]) ([186]) والتي تمكنت فيها بريطانيا من إسقاط حكومة الكيلاني وإعادة الوصي عبد الإله وتشكيل حكومة برئاسة جميل المدفعي([187]).
لقد وصفت حركة الكيلاني بالانتفاضة القومية التي تهدف الى تحقيق الاستقلال السياسي للعراق وأبعاد النفوذ الأجنبي عن أراضيه فكانت تمثل عند البعض نتيجة حتمية لنضوج الفكر القومي التحرري في العراق و الشعور بوطأة النفوذ الأجنبي البريطاني على الاقتصاد العراقي ومنعهُ من التقدم الاجتماعي([188]).

الصفحات