أنت هنا

قراءة كتاب تذكيــر المسلمـين بتوحيـد الإلـه العظيـم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تذكيــر المسلمـين بتوحيـد الإلـه العظيـم

تذكيــر المسلمـين بتوحيـد الإلـه العظيـم

كتاب "تذكيــر المسلمـين بتوحيـد الإلـه العظيـم " ، تأليف محيي الدين محمد عطية ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

الله تعالى يدعُو عبادَه في القرآنِ إلى معرفتِه من طريقينِ:

أحدُهما: النظرُ في مخلوقاته ، والثاني: التفكُّرُ في آياتِه وتدبُّرُها.

فالنوعُ الأولُ: كقولِه تعالى: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ"[3]وهو كثيرٌ في القرآنِ.

والثاني: كقولِه تعالى: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ"[4]، وقوله:"أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ"[5]وقوله تعالى: "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ"[6] وهو كثيرٌ أيضًا.

فأمّا المخلوقات ، فإنها دالّة على الأفعال, والأفعال دالّة على الصفات، وذلك يستلزم وجوده وقدرته ومشيئته وعلمه لاستحالة صدور الفعل الاختياري من معدوم أو موجود لا قدرة له ولا حياة ولا علم ولا إرادة ، فمخلوقاته من أدلِّ شيءٍ على صفاتِه وصِدْقِ ما أخبرَتْ به رُسُلُه عنه.

أما آياتُه فشاهدةٌ بصدقِه، وهو شاهدٌ بصدقِ رسولِه بآياتِه، فهو الشاهدُ والمشهودُ له، وهو الدليلُ والمدلولُ عليه، فهو الدليلُ بنفسِه على نفسِه كما قالَ بعضُ العارفينَ: كيفَ أطلبُ الدليلَ على من هو دليلٌ لي على كلِّ شيءٍ ؟ فأيُّ دليلٍ طلبتَه عليه فوجودُه أظهرُ منه، ولهذا قال الرُّسُلُ لقومِهم: "أَفِي اللهِ شَكٌّ" ؟[7] فهو أعرفُ من كلِّ معروفٍ، وأبينُ من كلِّ دليلٍ. فالأشياءُ عُرِفَتْ به في الحقيقةِ، وإنْ كانَ عُرِفَ بها في النَّظَرِ، والاستدلالِ بأفعالِه وأحكامِه عليه.

ثمرات معرفة أسماء الله تعالى وصفاته

مما ينبغي أن يعلم:أن معرفة صفات الله والتعبد لله بمقتضاها يزيد في إيمان العبد، وكمال عبوديته، ويصل به إلى درجة اليقين.

والناس يتفاوتون في إيمانهم وعبادتهم بحسب معرفتهم لأسماء وصفات الله ، فكلما كان العبد بالله أعرف ازداد إيماناً وعبودية .

ويجب على المسلم أن يثبت الصفة التي أثبتها الله لنفسه أو أثبتها له رسولهصلى الله عليه وسلممن غير لم؟ ولا كيف؟ ولا مثل؟ ثم ينظر بعد دلك ما هو المقتضى من هده الصفة حتى يحقق العبودية لله جل وعلا به، فالله سبحانه وتعالى هو الإله الواحد الأحد، المنفـرد الذي لا مثـيل له، فـلا يستوي مع سائر خلقه، ولا يسري عليه قانون أو قياس أو قواعد تحكمه كما تحكمهم، فهو جل شأنه لم يلد ولم يولد، وهو الخالق، الغني عن اتخاذ ولد.

وهو سـبحانه وتعالى ليس له مكافئ أو ممـاثل، وقد جاء رسول اللهصلى الله عليه وسلمبتنزيه الله سبحانه وتعالى عن كل ما لا يليق به من أفعال وأقوال وصفات، وتنزيهه سبحانه وتعالى عن ما نُسِب إليه من قدح وعيب، ونقص وذمٍ... كأن يُنسب إليه اتخاذه صاحبة وولدًا مثلما افترت النصارى أو كأن يوصف بأنه إله طائفة معينة من البشر مثلما كذب اليهود وقالوا بأن الرب هو رب بني إسرائيل أو كأن يُنسب إليه العجز والضعف كادَّعاء المجوس أو إلى غير ذلك من افتراءات المخلوق على الخالق، تعالى الله عن كل ذلك علوًا كبيرًا[8].

لقد جاء رسول اللهصلى الله عليه وسلمبالقرآن الكريم مُتضمنًا قول الله تعالى: "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"[9].

ومن الثمرات التي تحصل من جراء الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته ما يلي:

العلم بأسماء الله وصفاته هو الطريق إلى معرفة الله: فالله خلق الخلق ليعرفوه، ويعبدوه، وهذا هو الغاية المطلوبة منهم؛ فالاشتغال بذلك اشتغال بما خُلق له العبد، وتركه وتضييعه إهمال لما خُلق له، وقبيح بعبد لم تزل نِعَمُ الله عليه متواترة أن يكون جاهلاً بربه، معرضاً عن معرفته.

وإذا شاء العباد أن يعرفوا ربهم فليس لهم سبيل إلى ذلك إلا بالتعرف عليه من خلال النصوص الواصفةِ له، المصرِّحةِ بأفعاله وأسمائه، كما في آية الكرسي، وآخر سورة الحشر، وسورة الصمد، وغيرها.

أن معرفة الله تدعو إلى محبته وخشيته وخوفه ورجائه وإخلاص العمل له وهذا هو عين سعادة العبد، ولا سبيل إلى معرفة الله إلا بمعرفة أسمائه وصفاته والتفقه بمعانيها، وأحكامها، ومقتضياتها.

تزكية النفوس وإقامتها على منهج العبودية للواحد الأحد: وهذه الثمرة من أجل الثمرات التي تحصل بمعرفة أسماء الله وصفاته، فالشريعة المنزلة من عند الله تهدف إلى إصلاح الإنسان، وطريقُ الصلاح هو إقامة العباد على منهج العبودية لله وحده لا شريك له، والعلمُ بأسماء الله وصفاته، يعصم بإذن الله من الزلل، ويفتح للعباد أبواب الأمل، ويثبت الإيمان، ويعين على الصبر، فإذا عرف العبد ربه بأسمائه وصفاته، واستحضر معانيها، أثّر ذلك فيه أيما تأثير، وامتلأ قلبه بأجل المعارف والألطاف .

فمثلاً أسماء العظمة تملأ القلب تعظيماً وإجلالاً لله

وأسماء الجمال والبر والإحسان والرحمة والجود تملأ القلب محبة له، وشوقاً إليه، ورغبة بما عنده، وحمداً وشكراً له.

وأسماء العزة، والحكمة، والعلم، والقدرة تملأ القلب خضوعاً وخشوعاً وانكساراً بين يديه عز وجل.

وأسماء العلم، والخبرة، والإحاطة، والمراقبة، والمشاهدة، تملأ القلب مراقبةً لله في الحركات والسكنات في الجلوات والخلوات، وحراسةً للخواطر عن الأفكار الرديئة، والإرادات الفاسدة.

وأسماء الغنى، واللطف، تملأ القلب افتقاراً، واضطراراً، والتفاتاً إليه في كل وقت وحال.

4 – الانزجار عن المعاصي: ذلك أن النفوس قد تهفو إلى مقارفة المعاصي، فتذكر أن الله يبصرها، فتستحضر هذا المقام وتذكر وقوفها بين يديه، فتنزجر وترعوي[10]، وتجانب المعصية.

أن النفوس تتطلع وتتشوق إلى ما في أيدي الآخرين، وربما وقع فيها شيء من الاعتراض أو الحسد، فعندما تتذكر أن الله من أسمائه " الحكيم "، والحكيم هو الذي يضع الشيء في موضعه، عندئذٍ تكف عن حسدها، و شهواتها، و غيّها.

أن العبد يقع في المعصية ، فتضيق عليه الأرض بما رَحُبت، ويأتيه الشيطان؛ ليجعله يسيء ظنه بربه، فيتذكر أن من أسماء الله " الرحيم، التواب، الغفور " فلا يتمادى في خطيئته، بل ينزع عنها، ويتوب إلى ربه، ويستغفره فيجده غفوراً تواباً رحيماً.

أن العبد تتناوشه المصائب، والمكاره، فيلجأ إلى الركن الركين، والحصن الحصين، فيذهب عنه الجزع والهلع، وتنفتح له أبواب الأمل.

إن العبد يقارع الأشرار، وأعداء دين الله من الكفار والفجار، فيجدُّون في عداوته، وأذيته، ومنع الرزق عنه، وقصم عمره، فيعلم أن الأرزاق والأعمار بيد الله وحده، وذلك يُثمر له الشجاعة، وعبودية التوكل على الله ظاهراً وباطناً.

9 - أن العبد تصيبه الأمراض، وربما استعصت وعزَّ علاجها، وربما استبد به الألم، ودب اليأس إلى قلبه، وذهب به كل مذهب، حينئذٍ يتذكر أن الله هو الشافي ، فيرفع يديه إليه ويسأله الشفاء، فتنفتح له أبواب الأمل، وربما شفاه الله من مرضه، أو صرف عنه ما هو أعظم، أو عوضه عن ذلك صبراً وثباتاً ويقيناً هو عند العبد أفضل من الشفاء.

أن العلم بأسماء الله تعالى وصفاته أصل الأشياء كلها :حتى إن العارف به حقيقة المعرفة يستدل بما علم من صفاته وأفعاله على ما يفعله ويشرعه من الأحكام؛ لأنه لا يفعل إلا ما هو مقتضى أسمائه وصفاته؛ فأفعاله دائرة بين العدل، والفضل، والرحمة والحكمة.

1أن من انفتـح له باب الأسماء والصفات انفتح له باب التوحيد الخالص ، الذي لا يحصل إلا للكُمّل من الموحدين.

1 العلم بأسماء الله وصفاته من أعظم أسباب زيادة الإيمان، وذلك لما يورثه في قلوب العابدين من المحبة، والإنابة، والإخبات، والتقديس، والتعظيم للباري جل وعلا" وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ "[11].

1 أن من أحصى تسعة وتسعين اسماً من أسماء الله دخل الجنة، قالصلى الله عليه وسلم:" إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة"[12]، أي من حَفِظَها وفهمَ معانِيها ومدلولَها، وأثْنَى على اللهِ بها، وسأَلَهُ بها، واعْتَقَدَها دخلَ الجنةَ، والجنةُ لا يدخُلُها إلا المؤمنونَ، فعُلِمَ أنَّ ذلك أعظمُ ينبوعٍ ومادةٍ لحصولِ الإيمانِ وقوتِهِ وثباتِهِ[13].

الصفحات