كتاب " اللغة العربية دراسات في علوم اللغة " ، تأليف د. كمال جبري عبهري د.توفيق أسعد حمارشة د.
أنت هنا
قراءة كتاب اللغة العربية دراسات في علوم اللغة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة إصطلاحية أم توقيفية:
بما أن اللغة من الظواهر الاجتماعية ولا يتصور مجتمع إنساني بدون لغة تكون رموزاً للتخاطب والتفاهم بين الناس فإن نشأة اللغة أحدثت إشكالاً بين علماء اللغة من جهة وعلماء العقائد من جهة أخرى.
فهل اللغة اصطلاحية أم توقيفية:
يرى بعض علماء العقائد أن اللغة توقيفية من الله بدليل قوله تعالى : (( وعلم آدم الأسماء كلها .. )). ويمثل هذا الاتجاه أبوالحسن الأشعري وابن فورك وغيرهم.
بينما يرى علماء الاعتزال أن اللغة اصطلاحية تواضع الناس عليها لتسيير أمور حياتهم اليومية ومخاطباتهم الحياتية([6]).
وإذا أمكن الجمع بين الاتجاهين بأن اللغة اصطلاحية توقيفية فذلك حسن يختصر الطريق إذ أن الأسماء هي التي علمت لآدم عليه السلام كما في الآية. فالأسماء تدل على مسميات معينة ثم ترك الأمر بعد ذلك لتواضع الناس عليها من اشتقاق الأفعال والمصادر والصيغ وغيرها من فنون القول.
ولقد أشار العالم الاسفراييني إلى أن الله علم آدم بعض الألفاظ ثم ترك للناس
مشابهتها ومحاكاتها والاشتقاق على منوالها حسب ما تقتضيه الضرورة الحياتية والمعيشية([7]).
وينقض هذا الرأي قوله تعالى: (( الأسماء كلها )) وليس بعض الأسماء. فإن الأسماء هي أمهات الأشياء هي أمهات الأشياء ومن الأسماء تشتق الأفعال والصيغ الأخرى فلربما تركت لتواضع الناس عليها.
يقول الرفعي:
وإذا تدبرت ما تقدم رأيت القول بأن اللغة وحي وتوقيف إنما هو من باب التقوى التاريخية لا أكثر. لأن الإناسن خلق مستعداً منفرداً ليصير بعد ذلك عالماً مجتمعاً ويجري في كماله المقسوم له على سنة الله التي لم تتبدل ولن تجد لها تبديلاً([8]).
إلا أن التوقيف والاصطلاح مسألة ترجع إلى نظر العلماء والأصح أن يكون منها ما هو توقيفي ومنها ما هو اصطلاحي.
كما نلحظ من اشتقاق أصحاب المهن والصناعات مسميات ومصطلحات تخص أدواتهم ومهنهم. وكما يلحظ كذلك في استخدام الأطفال لبعض الألفاظ من محاكات الطبيعة في أصواتها. وهكذا يرى علماء الآثار واللغويون أن الإنسان طفل تاريخي بدأ بمحاكات أصوات الطبيعة أولاً من هزيم الرعد ودوي الريح وأصوات بعض الحيوانات.