كتاب " موانع المسؤولية الجنائية في الشريعة والقانون " ، تأليف د. حامد جاسم الفهداوي ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، وما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب موانع المسؤولية الجنائية في الشريعة والقانون
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
موانع المسؤولية الجنائية في الشريعة والقانون
ثالثاً : قانون آيشنونا ([12]) .
يعد هذا القانون من أقدم القوانين المكتوبة باللغة الآكدية ، ويعود تاريخه إلى ما قبل حكم الملك حمورابي بحوالي نصف قرن ، وينسب هذا القانون إلى مملكة آشنونا إحدى الدويلات التي حكمت منطقة ديالى في بداية العهد البابلي القديم وعاصمتها ( آيشنونا ) ، ويضم هذا القانون حوالي مئة مادة قانونية ، ولكن الذي تم اكتشافه ستون مادة قانونية فقط .
وهذا القانون يضم أيضاً جرائم مختلفة ، مثل : جرائم القتل ، والجروح والإيذاء ، والسرقة ، والإتلاف ، وغيرها ، ويمتاز هذا القانون بوجود عقوبة الإعدام في جرائم القتل والسرقة وجرائم الاغتصاب ، فضلاً عن العقوبات الأخرى التي تتمثل بالغرامات المالية التي يعاقب بها الجاني في الجرائم الأخرى ، كما نصَّ هذا القانون على مسؤولية الإنسان التقصيرية ؛ ففرض عليه عقوبة مالية إذا أهمل واجبه ، كمن له ثور نطاح ولم يقطع قرنيه على الرغم من تبليغ السلطة له ، أو عنده كلب شرس ولم يحبسه وسبب أذى أو قتل إنساناً ، فإن صاحب الثور أو الكلب يعاقب مالياً ، أو كان لديه جدار آيل للسقوط وقد أخبرته السلطة بذلك لكنه لم يتخذ الاحتياطات اللازمة لتقوية جداره ؛ فسقط على أحد الأشخاص وقتله فإنه يكون مسؤولاً عن جريمة القتل ، ويترك أمره للملك ليقرر مصيره ([13]) .
أما موانع المسؤولية الجنائية فجاء ذكرها في المواد الآتية :
المادة ( 6 ) : (( إذا استولى رجل في محنه ( أي مضطراً ) على قارب لا يعود له فعليه أن يدفع عشرة شيقلات من الفضة ( غرامة ) )) ([14]) .
في هذه المادة أخذ المشرع بنظر الاعتبار حالة الضرورة التي يكون فيها الرجل في مثل هذه الظروف ، وبما أن حالة الضرورة من موانع المسؤولية الجنائية لم يفرض المشرع عقوبة قاسية مثل عقوبة الإعدام أو فرض عقوبة مالية كبيرة بل جعل عقوبته عقوبة بسيطة تتناسب مع الظرف الذي أجبره على ذلك الفعل وبالتأكيد لم يعد فعله جريمة سرقة ، والدليل على ذلك ، أن العقوبة المفروضة عليه عقوبة بسيطة إذا ما قورنت بالمواد الأخرى من هذا القانون أو القوانين الأخرى التي تفرض عقوبة قاسية على جريمة السرقة ([15]) .
أما المادة ( 27 ) فتنص على ما يلي : (( إذا أعطى رجل لابنة رجل مهراً ولكن رجلاً آخر خطفها ودخل بها ( افتضها ) من دون موافقة أبيها وأمها فهذه قضية ( قتل نفس ) ويجب أن يموت )) ([16]) .
في هذه المادة نلاحظ اهتمام المشرع وتركيزه على تحريم العلاقات الجنسية التي يصاحبها الإكراه ، وفرض عقوبة شديدة على مرتكبه تتناسب مع خطورة الفعل المرتكب ، فجعل عقوبة الموت للرجل الذي يمارس العملية الجنسية بالإكراه ، وبالمقابل فإنه لم يفرض أية عقوبة على الفتاة بوصفها كانت مكرهة على فعل الزنا ، ثم فهي غير مسؤولة جنائياً عن هذا الفعل .