كتاب " موانع المسؤولية الجنائية في الشريعة والقانون " ، تأليف د. حامد جاسم الفهداوي ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، وما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب موانع المسؤولية الجنائية في الشريعة والقانون
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

موانع المسؤولية الجنائية في الشريعة والقانون
مراحل تطور الفقه الإسلامي
بحث الفقهاء المسلمون التشريع الجنائي الإسلامي في كتبهم الفقهية ، وأفردوا له أبواباً خاصة ضمن أبواب الفقه المختلفة ، وتحت عناوين مختلفة مثل : جرائم القصاص ، أو جرائم الحدود ، أو جرائم التعازير ، أو جريمة القتل أو الزنا أو السرقة وغيرها من المسميات الدالة عليه .
أما ما يخص موضوع موانع المسؤولية الجنائية فإن غالبية الكتب الفقهية لم تبحثه في أبواب خاصة ، وأصبح من الواجب علينا البحث عن هذا الموضوع وأحكامه في ثنايا مواضيع الفقه المختلفة ، مما يتطلب التعرف على مراحل التطور التي مرَّ بها الفقه الإسلامي في تاريخ الدولة العربية الإسلامية ، وهذه المراحل هي :
أولاً : ( عهد النبوة ) ([51]) ( 610 م – 632 م ) ( 1 للبعثة – 11هـ ) :
وهذا العهد يبدأ من تاريخ البعثة النبوية سنة ( 610 م ) إلى انتقال الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى الرفيق الأعلى سنة ( 11 هـ – 632 م ) وهو عهد الإنشاء والتكوين ، وفي هذا العهد انحصرت سلطة التشريع والقضاء والإفتاء في المدينة المنورة بالرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) والتي كانت تعتمد على الوحي غالباً ([52]) . وقد اجتهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) في مسائل لم يكن فيها وحي ، فأحياناً يقره الله سبحانه وتعالى على ذلك ، وأحياناً يبين له أن الأولى غير ما ذهب إليه ([53]) .
وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) في هذه الحقبة يمارس القضاء بنفسه في المدينة المنورة فيقضي بين المتنازعين ويحكم بين المتشاجرين ([54]) .
وإن تولية القضاء للرسول (صلى الله عليه وسلم) هي بأمر من الله سبحانه وتعالى ، وأمر المسلمين بالرضوخ لحكمه ؛ لقوله تعالى :
]فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ [ ([55]) .
ومن هنا يتبين أن هذا العهد لم يتأثر بفقه أجنبي من هنا أو هناك ؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) أمي ولم يجلس في يوم من الأيام إلى أي معلم ، ونشأ في أمة لا عهد لها بالقوانين الرومانية أو اليونانية أو غيرها .
وهذا العهد ينقسم على مرحلتين هما ([56]) :
- العهد المكي :
وهو العهد الذي اتجه فيه الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) في مكة المكرمة إلى بناء العقيدة ومكافحة الوثنية .
- والعهد المدني :
وهو العهد الذي اتجه فيه الإسلام إلى التشريعات العملية وذلك بعد الهجرة إلى المدينة المنورة ، إذ كان الفقه واقعياً لا نظرياً ، ويعالج القضايا التي تحصل في الواقع العملي بين الناس.
ودامت هذه الحقبة ( 22 سنة وبضعة أشهر ) منذ البعثة النبوية سنة (610 م) إلى حين التحاق الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالرفيق الأعلى سنة ( 11 هـ – 632 م ) .