أنت هنا

قراءة كتاب موانع المسؤولية الجنائية في الشريعة والقانون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
موانع المسؤولية الجنائية في الشريعة والقانون

موانع المسؤولية الجنائية في الشريعة والقانون

كتاب " موانع المسؤولية الجنائية في الشريعة والقانون " ، تأليف د. حامد جاسم الفهداوي ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، وما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 8

الفرع الثاني

الجرائم والعقوبات في القوانين المصرية القديمة

في كل مجتمع إنساني سليم هناك ظاهرة طبيعية ، وهي وجود الجريمة والعقاب اللازم لمرتكبها ، وقد عرف القانون المصري القديم أنواعاً متعددة من الجرائم والعقوبات ([40]) ، ويرتبط مفهوم الجريمة في أي مجتمع إنساني بمدى أخلاقيات المجتمع وعاداته وعقيدته ، وباتجاه الحاكم وفلسفته في إدارة وتنظيم الحكم في البلاد ، وكان القانون الفرعوني قد اتخذ من الأخلاق أساساً لوجوده وهذا ما نلمسه في كثير من مواده القانونية ([41]) .

وقد تميز القانون المصري القديم بعدم وجود فكرة الانتقام الشخصي ، كما إن العقوبات فيه كانت أقل قسوة مقارنة بالعقوبات التي كانت سائدة في الحضارات القديمة ، كما في قانون حمورابي في العراق القديم .

فكانت الجرائم المعاقب عليها بالإعدام محصورة في أنواع معينة من الجرائم مثل : جريمة التزوير في الاسم والجيش ، ونهب المعابد والاعتداء على حرمتها وقتل الحيوانات المقدسة ([42]) ، ومن يرتكب أخطاء فاحشة في الطب تؤدي إلى موت المريض ، وكذلك للمرأة الزانية ، ومن يكسب قوته بطرق غير شريفة وغيرها ([43]) ، ومن العقوبات الأخرى : الجلد ، وقطع أعضاء معينة من الجسم والنفي ، والتجويع ، والإيذاء النفسي ([44]) .

ومن خلال ملاحظة القوانين المصرية القديمة نستطيع أن نتعرف على ملامح المسؤولية الجنائية فيها ، فقد كان الإنسان وحده أهلاً لتحمل المسؤولية الجنائية وما يترتب عنها من جزاء ([45]) ، وإن كانت بعض القوانين القديمة [*] تعاقب الحيوان والجماد والميت .

وعرف المصريون القدماء مبدأ المساواة أمام القانون فلم يكن للطبقة الاجتماعية أو المكانة التي يحتلها الفرد في المجتمع أي أثر في نوع العقوبة التي يعاقب بها ، إنما يرجع ذلك إلى الجريمة التي ارتكبها .

كما عرف المصريون القدماء في قانونهم الجنائي فكرة العمد والخطأ ، فكانوا يميزون بين مسؤولية وعقوبة من يرتكب الجريمة عمداً ، وبين من يرتكبها خطأ ([46]) .

كما إن إجراءات تنفيذ حكم الإعدام بالمرأة الحامل كان يؤجل إلى ما بعد الولادة تطبيقاً لمبدأ شخصية العقوبة ([47]) .

أما المواد القانونية التي ذكرت فيها حالات من موانع المسؤولية الجنائية فنذكر على سبيل المثال ما جاء في تشريع حور محب من نصوص قانونية تشير إلى ذلك .

فوردت نصوص تدل على حالة الإكراه وحالة الضرورة وأثرهما في رفع المسؤولية الجنائية عن المكره والمضطر .

فتشير الأسطر من ( 14 – 17 ) من المادة الأولى من تشريع حور محب إلى عدم معاقبة المزارع الذي لا يتمكن من توريد الضرائب المفروضة عليه إذا سُلِبت السفينة التي صنعها من أجل نقل البضاعة المراد توريدها للفرعون ([48]) .

فهنا يكون المزارع مكرهاً على عدم تسليم الضريبة الواجبة عليه للملك ثم يكون غير مسؤول جنائياً عن فعله ويعفى من العقوبة .

كما يشير السطر ( 18 ) من المادة الثانية إلى حالة المزارع الذي لا يملك سفينة لينقل فيها الأخشاب المستحقة للفرعون كضريبة عليه ؛ فيجوز له في حالة الضرورة هذه أن يستولي على سفينة رجل آخر ليتمكن من نقل الخشب للفرعون ([49]) وهذا يعني عدم معاقبته على جريمة سرقة أو غصب ؛ لأنه في حالة اضطرار .

كما جاء في الأسطر ( 19، 20 ) من المادة الثالثة من ذلك التشريع ما يأتي :

السطر ( 19 و 20 ) : (( إذا وجد موظف مزارعاً صاحب سفينة قد أُغتُصِبَ حمولتها واقفاً يعلن إخلاء مسؤوليته لأنه ليس لديه شيء ، فهذا ليس بحسن ولكنه عمل سيئ جداً ، ويأمر جلالته أن يعتبر معفياً )) .

وهذا يعني إعفاء الشخص من الوفاء بالضريبة المستحقة عليه إذا سلبت منه بسبب خارج عن إرادته أي كان مكرهاً على ذلك ([50]) .

الصفحات