كتاب " المعاهدات الدولية إلزامية تنفيذها في الفقه الإسلامي والقانون الدولي " ، تأليف صباح لطيف الكربولي ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب المعاهدات الدولية إلزامية تنفيذها في الفقه الإسلامي والقانون الدولي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
المعاهدات الدولية إلزامية تنفيذها في الفقه الإسلامي والقانون الدولي
المطلب الثاني :أهمية المعاهدات
تتجلى أهمية المعاهدات فيما يلي: -
1- أهمية المعاهدات في النظام القانوني الدولي.
تعدّ المعاهدات الأداة الطبيعية في العلاقات الدولية ولقد زادت هذه الأهمية حديثا نتيجة لظروف الثورتين الصناعية والتكنولوجية التي يمر بها المجتمع الدولي حديثا، الأمر الذي يستلزم العناية بدراسة مشاكلها والأحكام التي تنظمها . ولعل من أهم تلك المشاكل إن لم تكن أهمها جميعا، دراسة الوسيلة التي يمكن أن تجعل أحكامها متلائمة مع ما يستجد من الظروف في الحياة الدولية .
وتعدّ المعاهدات أداة لتحقيق نوع من الثبات في الحياة الدولية باعتبار أن الدول عندما تتعاقد تستهدف تنظيم مسائل معينة على نحو خاص يعبر عن مصالحها ولذا فمن الطبيعي أن يفرض القانون الدولي على المتعاقدين، أن يوفوا بما تعاهدوا عليه وأعطيت قاعدة الوفاء بالعهود على ذلك قدرا كبيرا من الأهمية وأصبحت الرمز المعبر عن الثبات في العلاقات الدولية، غير أن الحياة الدولية – بوصفها ميداناً للعلاقات البشرية - ليست ثابتة فهي ككل شيء طبيعي، متحركة ومِنْ ثَمّ فلابد من إيجاد الوسائل التي تكفل تحقيق قدر من التوازن بين تلك الحياة الدولية المتغيرة وما تنظمه تلك الأطراف في معاهدتها من أوضاع ومن سرعة الحركة. تلك غالبا ما تجعل ما عمل أمس غير كاف لمواجهة ما يجري اليوم. وهي المشكلة الأساسية التي يجري التكيف معها عن طريق عقد معاهدات مستمرة مع مستجدات الحياة. لذلك فإن القاعدة التي وضعها الرومان وهي قمة أفكارهم وأساس خالد للعلاقات بين البشر وهي قاعدة العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز لطرف بمقتضاها أن ينقض ما تعاقد عليه مع غيره على الرغم من أن الخلاف الفقهي الواسع حول تحديد العلاقة التي تربط بين القانون الدولي والقانون الداخلي وهل هي علاقة تقوم على الوحدة القانونية أم على ثنائيتها ؟ فإنه لا جدال في أن الظروف التي يقوم القانون عليها تختلف بوضوح في كلا النظامين عن الآخر ذلك أن القانون الدولي يحكم الدول في علاقاتها المتبادلة باعتبارها دولاً مستقلة ذات سيادة في حين أن القانون الداخلي يحكم الأفراد باعتبارهم أشخاصا عاديين يخضعون جميعا لسلطة عليا واحدة "وهذا الخلاف السياسي ينعكس أثره على طريقة التنظيم وأهدافه فإذا كان القانون يهدف إلى حكم العلاقات الاجتماعية في نطاق معين فإنه من المقرر أن كل نظام قانوني يعكس مبادئ النظام الاجتماعي الذي يقوم بتنظيمه ويتخذ الأهداف والوسائل التي تتفق مع هذه المبادئ"[54].
2 - أهمية المعاهدات في تنظيم العلاقات الدولية.
جاء في ديباجة اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات التي أقرها هذا المؤتمر ما يلي: إن دول الأطراف في هذه الاتفاقية اعتبارا منها للدور الأساسي للمعاهدات في تاريخ العلاقات الدولية، واعترافا منها بالدور الذي لا تتوقف أهميته لها بوصفه مصدراً للقانون الدولي و بوصفه أدواتٍ للتطوير السلمي وللتعاون بين الدول أيا كان تكوينها وأيا كانت نظمها الاجتماعية.
وتعدّ المعاهدات الصورة المثلى لتنظيم العلاقات بين الدول إذ أنها تتفق مع تكون المجتمع الدولي من مجموعة من الدول تتمتع كل منها بحقوق السيادة والمساواة في مواجهة الدول الأخرى، الأمر الذي يستبعد وجود تشريعات تفرض بإرادة واحدة كما هو متبع في القانون الداخلي. وقد حدثت تطورات بالغة في الحياة الدولية تركت بصماتها واضحة على القانون الدولي، وتجلت في توسع المعاهدات المتعددة الأطراف والثنائية.
كما أنها أصبحت الأداة الضرورية لتحقيق الرفاه الدولي كالتعاون الدولي في شؤون العلاقات الدولية المختلفة. . . فهذه وغيرها من وجهة نظر القانون الدولي لا يمكن تنظيمها إلا بالمعاهدات الدولية.
3- أهمية المعاهدات باعتبارها مصدرا للالتزام .
بالنظر إلى اطراد الزيادة في عدد المعاهدات الدولية بدرجة كبيرة فإن قواعد الاتفاقية تشغل بالنسبة إلى هذه الزيادة مكانة كبرى، الأمر الذي يعزز التأثير المباشر للمعاهدات على القانون الدولي العام.
والمعاهدة باعتبارها اتفاقا صريحا تتميز بين مصادر القانون الدولي العام بالدقة والضبط بالقياس إلى مصادره الأخرى بالنظر لما يكتنف عقدها وإبرامها وتصديقها وتنفيذها من إجراءات شكلية خاصة تجعلها بحق ليس المصدر الرئيس للالتزامات الدولية فحسب بل أسلوبا ميسورا ومهما لخلق قواعد القانون الدولي أو الكشف عنها.
كما تبرز أهمية المعاهدات العامة والخاصة في " تفضيلها من قبل محكمة العدل الدولية ووضعها في مكان الصدارة في تطبيق قواعد القانون الدولي في المنازعات التي تعرض عليها حينما نصت على ذلك في الفقرة 1 مادة38"[55] من نظام المحكمة.
ولقد ازدادت أهمية المعاهدات في القرن التاسع عشر والقرن العشرين والقرن الحالي وأصبحت الوسيلة المطلقة لإتمام التنظيم الدولي فالأمم المتحدة والجامعة العربية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ومنظمة حلف شمال الأطلسي وعشرات المنظـمات الدولـية الأخرى ما كانت قد تكونت لولا المعاهدات الدولية .