أنت هنا

قراءة كتاب المعاهدات الدولية إلزامية تنفيذها في الفقه الإسلامي والقانون الدولي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المعاهدات الدولية إلزامية تنفيذها في الفقه الإسلامي والقانون الدولي

المعاهدات الدولية إلزامية تنفيذها في الفقه الإسلامي والقانون الدولي

كتاب " المعاهدات الدولية إلزامية تنفيذها في الفقه الإسلامي والقانون الدولي " ، تأليف صباح لطيف الكربولي ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10

المطلب الأول :مشروعية المعاهدات في الفقه الإسلامي

1- أدلة مشروعية المعاهدات من القران الكريم

لقد دلت النصوص التشريعية على مبدأ مشروعية المعاهدات مع الأعداء في السلم والحرب مثل قوله تعالى: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أن يُقَاتِلُوْكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً﴾[59] وكذلك قوله تعالى: ﴿وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾[60] ويبني الإمام محمد بن حسن الشيباني ((رضي الله عنه)) مشروعية المعاهدات مع أهل الكفر على تحقيق مصلحة المسلمين والحفاظ على عزتهم وكرامتهم التي تحققت بالقيام بفريضة الجهاد في سبيل الله تعالى لذلك يميز بين حالتين يمنع في أحدهما المعاهدات ويبيحها في الأخرى وهما كما يلي: -

1. فإذا كان بالمسلمين قوة على أهل الشرك فلا ينبغي موادعتهم؛ لأن فيه ترك الجهاد المأمور به صورة ومعنى أو تأخيره وذلك مما لا ينبغي للأمير أن يفعله من غير حاجة؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾[61].

2. إذا لم يكن بالمسلمين قوة على المشركين ولا قدرة على الجهاد والقتال "فلا بأس عندئذ بالموادعة؛ لأن الموادعة خير للمسلمين في هذه الحالة"[62] وما يدل على مشروعية هذه الموادعة في هذا الحال ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية ووقائع السيرة والمعقول وقد أشار الإمام محمد إلى ذلك واستشهد بقوله تعالى: ﴿وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم﴾[63].

2- أدلة مشروعية المعاهدات من السنة النبوية الشريفة

وإذا انتقلنا من المصدر الأول إلى المصدر الثاني فإننا نجد أن وقائع كثيرة تدل على مشروعية المعاهدات، فقد استدل الإمام محمد على جواز الموادعة بمباشرة النبي عليه الصلاة والسلام ذلك للمسلمين فقد قال محمد بن كعب القرضي لما قدم رسول e المدينة ودعته يهود كلها، كتب بينه وبينها كتابا وألحق كل قوم بحلفائهم و كان فيما شرط عليهم ألا يظاهروا عليه عدوا، ثم لما قدم إلى المدينة بعد وقعة بدر بغت يهود وقطعت ما كان بينها وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام من العهد، فأرسل إليهم وجمعهم وقال "يا معشر يهود أسلموا تسلموا فوالله إنكم تعلمون أني رسول الله"[64].

كما استدل أيضا أن النبي عليه الصلاة والسلام "صالح أهل مكة عام الحُدَيْبية على أن وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين، يأمن فيها الناس على أن بينهم عيبة مكفوفة وأنه لا إسلال ولا أغلال"[65].

مما يدل على مشروعية المعاهدة و الموادعة أن المقصود بها هو "الدعوة إلى الإسلام بأرفق الطرق وأسهلها والتزام بعض أحكام المسلمين وهي في هذا تشبه عقد الذمة. وشاهد ذلك أيضا أن صلح الحُدَيْبية كان سببا لاختلاط الكفار بالمسلمين وسماعهم للقرآن والدعوة، و دخل الإسلام في مدة الهدنة من شاء الله تعالى أن يدخله فيه"[66].

وتعدّ المعاهدات التي عقدت بين المسلمين والمشركين واليهود إبان وصول الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة أول معاهدة دولية في الإسلام لأنه لم تكن للمسلمين دولة بالمفهوم الحديث في مكة المكرمة أي قبل هجرته e "فاعتبرت هذه المعاهدة نبراسا للمسلمين في وصول العلاقات الدولية بينهم وبين مخالفيهم في الأديان. ولقد احتوت هذه المعاهدة على سبعة وأربعين بندا شملت تنظيما داخليا وخارجيا، وما يخص الموادعة منها هو من البند 24-47"[67] مما يدل على عدم حدوث التداخل بين بنود الوثيقتين بل ذكرت كل وثيقة مجتمعة ومتسلسلة وكانت معاهدة تحالف دفاعي وتعاون ضد العدوان الخارجي وتنظيم العلاقات الاقتصادية " وقد تم الاتفاق بين الموقعين عليها على نصرة بعضهم بعضا وحماية عقائدهم من يريد أوطانهم وجماعاتهم بسوء"[68]. إضافة إلى هذا فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أقر كل حلف أو معاهدة واضحة المعالم بينة الأهداف غير مخالفة للشريعة الإسلامية ومن ذلك إقراره e لحلف الفضول الذي كان لنصرة المظلوم والتعاون على الخير والبر.

الصفحات