كتاب " حركة التحرير الفلسطيني فتح 1958م – 1968م " ، تأليف د. عصام عدوان ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب حركة التحرير الفلسطيني فتح 1958م – 1968م
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
2- الإخوان المسلمون:
تأسست جماعة الإخوان المسلمين في آذار/ مارس 1928 بمدينة الإسماعيلية بمصر على يد حسن البنا ومجموعة صغيرة من إخوانه([13]). وهي "هيئة إسلامية جامعة تعمل لتحقيق الأغراض التي جاء من أجلها الإسلام الحنيف" ومنها "الغرض الوطني والقومي، وهو العمل على تحرير وادي النيل والبلاد العربية جميعاً والوطن الإسلامي بكل أجزائه من كل سلطان أجنبي"([14]).
بدأت علاقة الجماعة بفلسطين منذ عام 1935، عندما زار عبد الرحمن البنا - شقيق حسن البنا- فلسطين والتقى الحاج أمين الحسيني. ومع اشتعال ثورة عام 1936 في فلسطين قام الإخوان بمصر بحملة توعية شعبية في كافة أرجاء مصر بالقضية الفلسطينية والخطر الصهيوني، وجمعوا التبرعات لدعم الفلسطينيين([15])، كما وحّد الإخوان بين فرقتي (النجادة) و(الفتوة) شبه العسكريتين في فلسطين، وتشكلت منهما (منظمة الشباب العربي الفلسطيني) بقيادة الصاغ محمود لبيب وهو من الإخوان المسلمين في مصر([16]). وافتتح مقر الإخوان المسلمين في حي الشيخ جراح بالقدس في 6/5/1946. وكانت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا ولبنان قد عقدت مؤتمرها السادس في بيروت 7-11/10/1946 وكان من قراراته: تأليف لجان للعناية بقضية فلسطين في كل مراكز الجماعة وإنشاء لجنة عليا لذلك، تابعة للجنة المركزية العليا([17]). وأنشأ الإخوان المسلمون فروعاً في يافا واللد وحيفا وطولكرم، فضلاً عن نابلس والخليل وبيت لحم، وعقدوا مؤتمراً عاماً في حيفا في 18/10/1946 دعوا فيه إلى إنقاذ الأراضي العربية وعدم الاعتراف باليهود، كما عقدوا مؤتمراً ثانياً في حيفا في 17/10/1947 قرروا فيه الدفاع عن البلاد بجميع الوسائل والاستعداد للتعاون مع جميع الهيئات الوطنية في هذا المجال([18]).
وفي قطاع غزة: أنشأ الإخوان المسلمون شعبة لهم في عام 1948، لكنها أُغلقت في عام 1949 عندما ضُربت الجماعة في مصر([*])، وأعلنت قيادة التنظيم في قطاع غزة عن تشكيل إطار بديل (جمعية التوحيد) يرأسها ظافر الشوا، ومع قيام ثورة تموز/يوليو 1952 في مصر اعتُبر الإخوان المسلمون حزب السلطة، حتى وقع الخلاف مع الرئيس عبد الناصر في عام 1954 بسبب توقيعه لاتفاقية الجلاء التي تسمح للإنجليز باستخدام مصر كقاعدة عسكرية عند الطوارئ، وأصبحت الجماعة محظورة([19]).
وفي أوائل الخمسينات ضم قطاع غزة ثماني شعب للإخوان المسلمين([20])، شجعت التدريب العسكري والعمل ضد الكيان الصهيوني، وقد تم فعلاً تجنيد وتدريب الكثيرين منهم على يد الضابط المصري الإخواني عبد المنعم عبد الرؤوف أحد ضباط ثورة تموز/يوليو 1952، الذي سبق له العمل في قطاع غزة لفترة قصيرة (1948-1949) مع مجموعات الفلسطينيين الذين انضموا لكتائب الإخوان المسلمين المصريين أثناء حرب 1948، وشكلوا نواة العمل الفدائي الفلسطيني بعد الهدنة في عام 1949. وكانت معسكرات الإخوان المسلمين في قطاع غزة مكاناً لتدريب مجموعات العمل الفدائي في قطاع غزة([21])، التي زرعت الألغام ضد وسائل النقل المدنية والعسكرية الإسرائيلية ونسفت عدداً من المنشآت وخرّبت خطوط المياه والكهرباء، مما أدى إلى ردود فعل إسرائيلية عنيفة على قطاع غزة، دفعت بالإدارة المصرية إلى إدخال أعداد كبيرة من الحرس الوطني المصري إليه والشروع في تنظيم عمليات فدائية منذ عام 1955 بإشراف الضابط مصطفى حافظ([22]).
وقد أكد كامل الشريف أن العمل الفدائي في الفترة من 1949-1955 في قطاع غزة لم يكن إخوانياً صرفاً، وإنما كان نشاطاً محلياً فلسطينياً شارك فيه الإخوان المسلمون وأنه كان يدير هذا النشاط الفدائي بعد خروج عبد المنعم عبد الرؤوف من قطاع غزة إلى مصر دون أن يُكلّف رسمياً من قيادات الإخوان المسلمين ودون أن يجد أي معارضة منهم لهذا العمل. فقيادته للإخوان المسلمين في معسكر البريج في قطاع غزة في عام 1948 هيأت له فرصة الاستمرار في العمل الفدائي مع من أرادوا ذلك من الإخوان المسلمين ومن غيرهم([23]).
وفي عام 1954 نظم الإخوان المسلمون في قطاع غزة مظاهرة طالبوا فيها الإدارة المصرية بالتجنيد وتشكيل كتيبة فلسطينية، فاستجابت لهم السلطات المصرية وشكلت الكتيبة رقم (11)، وذلك قبل حظر نشاطهم إثر خلافهم مع الرئيس عبد الناصر عام 1954([24]). وبعد هذه الأزمة عام 1954 نظم الإخوان المسلمون عملهم بشكل سري، وشكلوا في الفترة ما بين 1954-1956 مجموعتين خططتا لعمل مسلح: مجموعة (شباب الثأر) ومجموعة (كتيبة الحق) ([25])، على الرغم من تعرض الإخوان في القطاع للملاحقة من قبل أجهزة المخابرات والمباحث المصرية، وتعرض بعض نشطيهم للحجز والاستجواب والمنع من السفر والطرد من الوظيفة في كثير من الحالات([26]). مما شكل أحد دوافع مؤسسي فتح لإنشاء حركتهم، تجنباً لهذه المضايقات وفتحاً لمجال أرحب لعمل سياسي بدلاً من القيود التي يعانيها الإخوان المسلمون في مصر وغيرها([27]). إبان الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة في عام 1956، قرر الإخوان المسلمون التعاون مع الأحزاب الأخرى فشكلوا بالاتفاق مع البعثيين والقوميين وبعض المستقلين جبهة (أو حركة) المقاومة الشعبية([28]).
رفض الإخوان المسلمون قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة (998-1001) الرامية لإخضاع قطاع غزة لقوات الطوارئ الدولية، وطالبوا بعودة الإدارة المصرية، وأشعلوا المظاهرات (7-14/3/1957)، مما ساهم في موافقة الأمم المتحدة على عودة الإدارة المصرية([29]).
وفي الضفة الغربية: عقدت جماعة الإخوان المسلمين اجتماعاً في القدس في ليلة الإسراء والمعراج 27 رجب 1373 هـ الموافق 4/10/1953 دعت إليه زعماء دينيين من عدة أقطار عربية، وقررت تأسيس مكتب دائم باسم (مكتب الإسراء والمعراج) وتأسيس (الجمعية الخيرية الإسلامية لتعمير القدس)، ودعت لعقد مؤتمر سنوي لمناقشة القضية الفلسطينية، كما قررت عقد مؤتمر إسلامي عالمي بالقدس، (تم عقده ما بين 4-10/12/1953) وتقرر فيه إنشاء صندوق لإعادة بناء فلسطين وبخاصة القدس والأماكن المقدسة، وتكوين المكتب الدائم للهيئة الإسلامية العامة، كما تقرر عقده سنوياً، لكنه لم يُعقد في القدس قبل عام 1959 بسبب موقف السلطات الأردنية منه، وقد استخدمت أموال الصندوق في تمويل تحصينات عدة قرى في الضفة الغربية([30]). كما أقام الإخوان المسلمون جمعية البر بأبناء الشهداء في مخيم عقبة جبر قرب أريحا لرعاية أبناء الشهداء ومثلها في الخليل أقامتها الجمعية الخيرية الإسلامية. ([31])
وأرسلت جماعة الإخوان المسلمين مشرفين عسكريين إلى القرى الحدودية في الضفة الغربية وحاولوا إنشاء قوات عسكرية خاصة بهم([32])، حيث ذكر عبد العزيز علي([*]) أن كامل الشريف استدعاه من مصر إلى القدس لتدريب الإخوان المسلمين في القدس على العمل العسكري الفدائي، في تموز/يوليو 1954، وقام بتدريب عدة دفعات بأعداد لا بأس بها من الإخوان، قاموا بعمليات فدائية ضد الكيان الإسرائيلي، واستمر في تدريباته حتى ضربة الإخوان الثانية في كانون أول/ديسمبر 1954. ([33])