كتاب " حركة التحرير الفلسطيني فتح 1958م – 1968م " ، تأليف د. عصام عدوان ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب حركة التحرير الفلسطيني فتح 1958م – 1968م
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
3- حزب البعث العربي الاشتراكي:
تأسس حزب البعث عام 1943 في سوريا على يد ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار، وتمثلت أهدافه الرئيسية في تحقيق الوحدة والحرية والاشتراكية اللاطبقية، متبنيا شعار "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة"([40]).
ونصّت المادة الأولى من المبادئ العامة لحزب البعث والتي صيغت في مؤتمره القومي الأول 4-6/4/1947 على: "أن حزب البعث العربي:حزب عربي شامل تؤسس له فروع في سائر الأقطار العربية، وهو لا يعالج السياسة القطرية إلا من وجهة نظر المصلحة العربية العليا"([41]).
واهتم الحزب بالقضية الفلسطينية مبكراً، ووضح موقفه منها في جريدته (البعث) في عددها 24 في 6/8/1946: "ليس بين العرب من يجهل أن قضية فلسطين هي اليوم أخطر مشكلة في حياتهم القومية.. فالخطر الصهيوني ليس إذن مجرد غزو اقتصادي يحركه المال والطمع المادي، وإنما هو بالدرجة الأولى غزو ديني لا يشبهه في التاريخ إلا الحروب الصليبية"([42]). وفي نفس العدد، أشار الحزب إلى صيغة المقاومة المطلوبة لهذا الخطر الصهيوني بأنه:"لا تحبط مساعي هذه الحركة الإجرامية إلا متى أصبحت مقاومة العرب لها شعبية حقة"([43]).
وعلى الرغم من ذلك لم تتطرق المؤتمرات القومية الأولى للحزب والتي توضح سياسته الرسمية، إلى قضية فلسطين صراحة، ففي المؤتمر القومي الأول للحزب 4-6/4/1947 الذي أعلن دستور الحزب، أشار إليها ضمن حديثه عن "تقويض دعائم الاستعمار والاحتلال" وقراره بـ"دعوة الشعب العربي للتكتل استعداداً للنضال ضد هذه الدول المعتدية" مشيراً بذلك إلى بريطانيا التي تحتل فلسطين من جملة البلاد التي تحتلها([44]). ولم يتطرق لقضية فلسطين في مؤتمره القومي الثاني في حزيران 1954 على الرغم من مناقشة قضايا أقل شأناً([45]).
ومع ذلك نلمس اهتمام حزب البعث بالقضية الفلسطينية وبالخطر الصهيوني في غير المؤتمرات القومية، ففي بيانه في 19-20/9/1947، أشار إلى "أن خطر قيام الدولة اليهودية لا ينحصر في فلسطين بل يتعداها إلى الوطن العربي كله"([46]). وقد تأكدت مخاوفه تلك بعد قيام دولة اليهود في عام 1948 حيث اعتبر "اقتطاع فلسطين معناه تمزيق الوطن العربي وتعريض استقلال الأقطار العربية للخطر، لأن فلسطين في برنامج الصهيونية ماهي إلا البداية لإقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات"([47]).
شارك حزب البعث في حرب 1948 وأنشأ مكتب فلسطين الدائم لمتابعة ما يتفرع عن قضية فلسطين واعتبر الجهاد هو السبيل الوحيد لإنقاذ فلسطين كما قرر تجنيد جميع أعضائه وأرسل كتيبة إلى الجبهة بقيادة لجنة الحزب التنفيذية([48]). وأولى الحزب عرب فلسطين اهتماماً خاصاً، فقد طالب بتسليحهم ليكونوا طليعة النضال ضد الصهيونية([49])، ومع ذلك ظل الحزب ينظر إلى تحرير فلسطين ضمن إطار الوحدة القومية ومحاربة الإمبريالية وعملائها، خلال عقد كامل (1949-1959) ولم يبدأ في مناقشة دور فلسطيني فاعل في تحرير فلسطين إلا منذ عام 1959([50]). حيث أدرك الحزب هشاشة الوحدة بين مصر وسوريا، من خلال قمع الأجهزة المصرية في سوريا للحريات السياسية للمواطنين، فوقع خلاف بين عبد الناصر والبعثيين، انسحب على أثره الوزراء البعثيون من الحكم الوحدوي في سوريا في كانون أول/ديسمبر 1959، وبدأ العداء بين الطرفين([51]).
أما في قطاع غزة فقد تشكلت نواة الحزب عام 1953 من طلبة القطاع الذين درسوا في جامعات مصر واحتكوا بطلاب بعثيين من سوريا وأنشأوا تنظيماً نسائياً عام 1954([52])، وعندما وقع الاحتلال الإسرائيلي لغزة عام 1956، تحالف البعثيون مع الإخوان المسلمين لمقاومة الاحتلال ولم يتحالفوا مع الشيوعيين، وشاركوا في أسبوع المظاهرات 7-14/3/1957 الذي طالب بعودة الإدارة المصرية بدلاً من قوات الطوارئ الدولية([53])، وقد لقي البعثيون في قطاع غزة تعاطف الحكم المصري بعد تردي علاقته مع الإخوان([54]).
ويلاحظ على حزب البعث تبنيه لقضية فلسطين كقضية قومية عربية، ومع أن تركيزه على خصوصية فلسطين وضرورة قيام دور فاعل للفلسطينيين جاء متأخراً بعض الشيء بسبب إيمانه أن تحقيق الوحدة العربية هي الطريق إلى تحرير فلسطين، لكنه تراجع عن هذا المفهوم محتفظاً للفلسطينيين بدور طليعي في معركة التحرير وقد سبقته حركة فتح في ذلك([*])، إلا أن اهتماماته المبدئية شكلت عنصراً أساسيا في طرح ودعم فكرة إنشاء كيان فلسطيني مهدت للإعلان عن منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1964.