أنت هنا

قراءة كتاب تداعي الإسلام السياسي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تداعي الإسلام السياسي

تداعي الإسلام السياسي

كتاب " تداعي الإسلام السياسي " ، تأليف سليمان تقي الدين ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

سوريا رهينة التسوية أم الجحيم؟

كرّر المبعوث العربي والأممي الأخضر الإبراهيمي اختصار الموقف في سوريا: إما التسوية السياسية وإما الجحيم. ورداً عن سؤال قال: ليس هناك اتفاق أميركي روسي على حل المسألة السورية. لعله كان بديبلوماسية يخبرنا أن جحيم سوريا مستمر والمخاطر الإقليمية والدولية كبيرة.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يردد كما مسؤولون آخرون بأن نجاح المعارضة المسلحة لن ينهي المشكلة، بل ربما ينقلها إلى طابع آخر، فيتحول «النظام» أو قوى النظام إلى المعارضة المسلحة، كما يحذر من خطر التقسيم. ليس هذا كله تكهنات ورغبات وتوهمات عندما يكون كل من الروسي والإيراني متمسكاً بصيغة حل تحفظ لهما مصالحهما في سوريا.

هذه المصالح التي تبدو غير مضمونة من خلال نظام حكم مركزي يأتي بالمعارضة بطبيعتها وتكوينها وثقافتها إلى السلطة. هذا المأزق يؤدي إلى تقاسم النفوذ والمصالح من خلال الجغرافيا السياسية وليس من خلال الشراكة في السلطة. ولقد راهن النظام منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأزمة على هذا «البديل» أو على الخيار الثاني بعد خيار الحسم العسكري، وهو التهديد بعدم إمكان قيام سلطة مركزية من دونه. انعكس ذلك أولاً في طبيعة انقسام الجماعات الأهلية ومواقفها حيث اتسم موقف «الأقليات» بالتردد والميل إلى الحفاظ على الوضع القائم، وموقف «الأكثرية» المتشدد بطلب السلطة أو الأرجحية الكاسحة فيها، وبالتالي تنحية كل مراكز قوى النظام.

لكن الأمر الأكثر أهمية يكمن في طبيعة المواجهات العسكرية التي حملت في طياتها نوعاً من المؤشرات القوية على رسم حدود جغرافية وديموغرافية لمناطق النفوذ. وكانت هناك محاولة للاحتفاظ بساحل سوريا الغربي ووسطها وجنوبها وهي المحاذية للبنان، بينما كان ثقل المعارضة وتركيزها على الجزء الشمالي والشرقي المتصل بتركيا والعراق. وإذا ما جرى تهديد دمشق كما تحاول المعارضة مؤخراً يبقى للنظام أن يتمسك بالجزء المتصل بالبقاع الشمالي من لبنان عبر عقدة «حمص»، التي وصفها أحدهم مع بدء الأزمة بـ«ستالينغراد» لإدراك أهميتها في التوازنات العسكرية الاستراتيجية. ويتصرف فريقا النزاع اللبناني كذلك بوحي من هذه الصورة، ويعتقدان بأن وجودهما ودورهما على الحدود يمكن أن يؤثر في المشهد السياسي والعسكري السوري سواء بحماية خاصرة هذا الطرف أو ذاك أو تداركاً للأسوأ حيث يمكن أن تتشكل تجمعات طائفية متواصلة بين لبنان وسوريا.

على أي حال، ليس في كل هذا المشهد أو ما يمكن أن يتدحرج إليه ما ينبئ باحتمال وجود حلول سياسية في المدى المنظور. وما يصفه الأخضر الإبراهيمي بالجحيم لم يسبق له أن استخدمه في التفاوضات التي شارك فيها خلال الحرب الأهلية اللبنانية.

الصفحات