كتاب " تداعي الإسلام السياسي " ، تأليف سليمان تقي الدين ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب تداعي الإسلام السياسي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
هو يشير إلى مأساة الشعب السوري الذي خسر ويخسر كل مقومات الحياة الحرة والكريمة والاستقرار ويصفّي ما راكمه من اندماج وطني ومن دور إقليمي فاعل، ويشير إلى الوجه الآخر وهو استدراج القوى الإقليمية إلى التورط المباشر في الأزمة إذا جنحت نحو انهيار النظام في المركز ونشأت أوضاع، وهي تتكوّن حالياً، تؤدي إلى تقسيم واقعي بصرف النظر عن احتمالات نشوء دول طائفية. ومن الواضح أن الروس والإيرانيين يدعمون عند ذاك وجود نوع من منطقة مستقلة لطرف طائفي حتى لو كان ذلك بهدف التفاوض عليها وليس بهدف جعلها دولة مستقلة.
وفي سوريا يختلف الوضع عن التجربة اللبنانية التي عرفت هذا النوع من التجاذب الإقليمي والدولي، حيث أن دول الجوار مع سوريا أكثر استجابة وأكثر تعدداً، وبالتالي أكثر قابلية لاستلحاق الجغرافيا السورية ولو بصورة نفوذ سياسي فيكون على سوريا أن تتلاشى تدريجياً كدولة ذات شخصية موحدة ومستقلة، ما يجعل هذا الخطر قائماً كون المصالح الخارجية غير معنية بآلام الشعب السوري ولا بمصالحه، وليس هناك ما يخسره اللاعبون من انهيار دولة كانت وظيفتها التاريخية أمنية وسياسية، وقد أصبحت غير ذات أهمية في نظر الروس والأميركيين. بالنسبة للأميركيين لم تعد تشكل تهديداً لنفوذهم ولا لإسرائيل، وبالنسبة للروس لم تعد واقعياً لاعباً إقليمياً يُراهَن على دوره في التأثير في السياسات الإقليمية. وربما يوافق الروس في نهاية المطاف على وجودهم على ساحل المتوسط.
يفسر ذلك عدم مبادرة الرئيس الأميركي بعد تجديد ولايته إلى ما كان ينتظره البعض في التعامل مع الأزمة. أما السعي الروسي للتعامل مع المعارضة «الخارجية» فهو يأتي متأخراً، وفي وقت لم يعد في إمكان المعارضة أن تقبل بتسوية سياسية لمجرد وجود خطر انفصال جزء من الشعب السوري ما دامت تقترب من بسط نفوذها على عدد من المحافظات أو على الأقل إسقاط دور النظام فيها. ربما كان هذا يكشف عن وهم آخر في إمكان بناء سلطة مستقرة موازية إزاء الحدود المفتوحة على الجهات الأربع. إنه المشهد السوريالي الذي صنعته القوى الفاعلة في الداخل والخارج، والأدهى أن يمتد في عموم المشرق العربي جراء رهانات على تغيير قواعد اللعبة وخاصة في لبنان.
فهل نكون رهينة «الجحيم» الذي نبّه منه الإبراهيمي كما في سوريا، أم يمكن أن نستدرك ذلك بخلاص أنفسنا حتى لا نندفع بلا جدوى في المحرقة الدولية الفاجرة؟
1/1/2013