أنت هنا

قراءة كتاب جراح مغتربة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
جراح مغتربة

جراح مغتربة

كتاب " جراح مغتربة " ، تأليف يحانث ماء العينين ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9

3

يومان وتعود إلى وطنها. قلبها هذه المرة لا يبشر بهدوء ولا بأحوال جيدة. لا تلوح في الأفق سوى سحب ثقيلة تنذر بعواصف رعدية، وأعاصير مدمرة.

الإنسان لا يفكر في شيئين في الوقت نفسه. لن تقضي هذين اليومين في البكاء. ستودع هذه المدينة وتعود بالشهادة التي أتت من أجلها، وسينسيها النجاح فشلها في الحب. ستوضب أوجاعها في حقائب، مرتبة كتلك التي أعدتها لملابسها. ستحرص على إقفالها الآن، وستبعثر محتوياتها حين تصل.

كل عام وأنت مقيمة في قلبي. لم تكلف نفسها الرد عليه. يعاتبها قلبها لأنها لم تكلف نفسها الرد عليه.

محتارة هي.. أتغفر له فتهين نفسها. أم تتركه فتعذبها. ولأنها امرأة ترضى بالعذاب حتى لا تقبل الإهانة فقد قررت الرحيل. تمنت أن تتبع قلبها وتلغي سلطة العقل. هذا العقل الذي تجد نفسها في كل مرة مجبرة على التشاور معه.. ليملي عليها في كل مرة ما لاتحب.

خلدت إلى نوم عميق بعدما اطمئنت إلى أن فاطمة قد وصلت إلى إسبانيا. في الصباح قررت وضع أولى خطواتها عل طريق الوداع. ستزور جارتها المصرية جيهان ومن ثم تذهب للقاء صديقاتها في المقهى المعتاد.

كانت جيهان شاحبة، تهمي من عينيها دموع حائرة.لم تتوقع رؤيتها على تلك الحال في يوم مشرق كهذا. قبل أيام فقط تحقق نصرها الكبير، وحقق الثوار مطلبهم، وانتهى عهد حسني مبارك.

لم تكن لمنايا ثقافة سياسية واسعة، لكنها بحدسها تعلم أن العرب لا يعيشون ربيعاً.. كانت على يقين أنها باقة زهور مخضبة بالدم ألقاها الزمان على وجوههم، وسرعان ما ستذبل.

سـألتها:

- جيهان عزيزتي ما بك.

كانت تعلم أن وداعها ليس سبباً في خلق أسى كهذا في قلب جارتها، فعلاقتهما لم تتجاوز علاقة جار بجاره الطيب.

- ما بك ؟

أعاد السؤال جيهان إلى الأمس القريب حين اختلطت عليها الأمور كثيراً. تبددت قناعتها، وضاع الحق الذي لم يأتِ بعد.

تذكرت كيف كانت تتظاهر رفقة أبناء وطنها وقلة من العرب متضامنين معهم أمام السفارة المصرية بفرنسا ينددون بالنظام ويطالبون بسقوطه.

كانت تصرخ مع بقية المتظاهرين بصدق: «الشعب يريد إسقاط النظام»...

اقترب منها صحفي بعدما رأى حرصها على إتمام مراسيم التظاهرة حتى النهاية:

- لماذا تودون إسقاط النظام؟

أجابته جيهان بتردد:

- لأنها إرادة الشعب.

- وماذا بعد سقوط النظام؟

الصفحات