أنت هنا

قراءة كتاب حقوق الانسان والحريات الاكاديمية في التعليم العالي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حقوق الانسان والحريات الاكاديمية في التعليم العالي

حقوق الانسان والحريات الاكاديمية في التعليم العالي

كتاب " حقوق الانسان والحريات الاكاديمية في التعليم العالي " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار غيداء
الصفحة رقم: 7

وتعد موسوعة (أكسفورد) الإنكليزية أول من استخدمت الحرية الأكاديمية في عام (1901)في انكلترا، بينما يشير( مايكل باك)في مجلة الحرية الأكاديمية ضمن بحثه عام (2007)بأن مفهوم الحرية الأكاديمية استخدم قبل هذه الفترة في الولايات المتحدة عام (1885) في مقال (الشمال الأمريكي)بقلم للكاتب(أندرو وست)، وان المفهوم قد استعير بالأصل من الفكرة الألمانية المكونين من شقين هما:حرية التعلم وحرية البحث العلمي التي وجدت جذورها في الدستور البروسي لعام (1850) وهي فكرة مبتكرة لاقت رواجا وشعبية في الوسط الأكاديمي الأمريكي في نهاية القرن التاسع عشر حول جعل البحث العلمي المحور الأساسي للعمل الجامعي، حيث تزامنت مع الشروع بالتنظيمات النقابية والمهنية للدفاع عن حقوق المدرسين.

وقد شهدت تلك الفترة كذلك توسيع مهام ومسؤوليات جمعية المعلمين الأمريكية وتحويلها إلى منظمة التعليم الوطني الأميركية عام(1915)وكنتيجة للنهوض بحقوق الأكاديميين تميزت تلك الفترة بإطلاق حرية البحوث والاستكشافات العلمية وتوسيع نطاقها وتزايد استقلال المدرسين فيما يتعلق بوضع المناهج وصياغة فلسفة التعليم وتخطيط اتجاهاته، حيث ساهمت طبيعة الوسط الأكاديمي الأمريكي في تنمية وشيوع أفكار الحرية الأكاديمية في بقية أنحاء العالم أيضا.

وخلافا لتأسيس الجامعات الأوروبية في مراكز المدن خلال القرون الوسطى بوحي من إرادة المتعلمين والمثقفين واستجابة لنشاط الأوساط الفكرية والثقافية السائدة آنذاك خاصة في أوروبا الغربية ,نشأت أغلب الجامعات الأميركية الأولى تحت وصاية وتمويل جهات بعيدة عن الوسط الثقافي وتلبية لحاجات نمو رأس المال وتطور المؤسسة الصناعية وشيوع الذهنية التجارية، وهي عوامل رسخت فكرة أن الأساتذة الجامعيون مجرد عمال مأجورين لدى إدارات الجامعات شأنهم شأن بقية المهنيين والمحترفين الذين تستخدمهم الشركات الكبرى.

لقد واجه الأكاديميون الأميركيون عقبات كبيرة وخاضوا كفاحا طويلا للتخلص من هيمنة رأس المال الاحتكاري وانتزاع استقلالهم المهني. وكان للتجمعات المهنية والنقابية الدور الكبير في إسناد الأكاديميين ودعم قضيتهم بشكل قانوني من خلال الأسلوب السلمي والدبلوماسي مما ساعد على كسب ثقة الرأي العام وتعاطف مؤسسات الصحافة والأعلام واللذان كان لهما الأثر الكبير في حماية مصالح منتسبيها وتأمين مستقبلهم

وتشير التجربة الأميركية إلى أنه بين عامي (1920- 1940) قامت لجان مشتركة من جمعية أساتذة الجامعات الأميركية والمنظمات الإدارية للكليات الأميركية بعقد عدة مؤتمرات للاتفاق على دليل العمل الجامعي وصياغة المبادئ الجوهرية التي تحكم العمل في هذا الحقل الإبداعي. تمخضت عنها إصدار ما سمي ببيان المبادئ الأكاديمية الأولية لعام (1940) والذي تبنته الغالبية العظمى من الجامعات الأميركية والتي تلتزم به كدليل عمل معروف لحد الآن حيث تضمن الآتي:

1- يتمتع أساتذة الجامعات بالحرية الكاملة فيما يبحثون وما ينشرون وما يعلمون طلابهم في قاعات الدرس ضمن الأطر العامة لمناهج وفلسفة التعليم الحر المستقل التي يصممها ويقرها زملاؤهم في أقسامهم وكلياتهم المعنية.

2- من المستحسن أن يعمل الأستاذ الملتزم إلى تجنب الخوض في مناقشة أو فسح المجال للسجال العقيم في الأمور المثيرة للجدل والتي تقع خارج نطاق اختصاصهم الأكاديمي أو التي ليس لها علاقة بالمادة التي يدرسونها

3- من واجب إدارات الجامعات التي أنشأت على أسس دينية وسياسية إعلام من يتم تعيينه بالشروط والمحددات التي تطلبها تلك الجامعة.

4- يتمتع الأساتذة بحرية الكلام الكاملة كمواطنين عندما يتحدثون خارج نطاق المؤسسة الجامعية، شريطة أن يؤكدوا أن وجهات نظرهم الشخصية لا تمثل سياسة وفلسفة مؤسساتهم، مراعين في ذلك صيانة السمعة العلمية والاجتماعية للمؤسسة التعليمية التي ينتمون إليها.

لقد اعترفت مؤسسات المجتمع الدولي المختلفة بالدور القيادي والمهم للجامعات ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي في تطور المجتمعات وقيادة المعرفة البشرية منذ عام (1948)حيث أكد مؤتمر اليونسكو المنعقد في ( نيس / فرنسا) عام 1950 على ((حق الجامعات في تتبع المعرفة لذاتها للبحث عن الحقيقة أينما كانت)) استناداً على مبدأ حق تقديم الرأي والرأي المعارض وأداء واجباتها كمؤسسات اجتماعية لنشر مبادئ الحرية والعدالة من خلال التعليم والبحث وتطوير أساليب الألفة والأخوة والمنفعة العامة بما يخدم مصلحة الدول والتقدم الاجتماعي والتكنولوجي من جهة، وكمركز لدمج وتلا قح العقول والمعارف البشرية بغض النظر عن الانتماءات الدينية والعرقية والمذهبية والسياسية والجنسية للأشخاص الذين يمتلكون تلك القدرات والمعارف، حيث تتضمن الحرية الأكاديمية الحفاظ على نواتج المعرفة العلمية وتطبيقاتها ومنع تخريبها أو تشويهها لأسباب أيديولوجية وتوفر أسس استمرار قبول الرأي المعارض والسماح له بالظهور ضمن أروقة الجامعة ومركزاً للنقاش وتبادل الآراء لبناء ثقافة الحوار ومعالجة الأمور الخلافية بطرائق حضارية لدى المواطنين في إطار مخرجات التعليم العالي.

ويسود الآن مفهومين للحرية الأكاديمية فهي تعني في بريطانيا على إنها:حرية المؤسسات الجامعية ككل وحمايتها من التأثيرات الخارجية (سياسية أو غير سياسية)، بينما تشير في المفهوم الأخر إلى حرية الأساتذة في الجامعات وان كل جامعة مسؤولة عن حرية منتسبيها.

وفي هذا الإطار فقد ظهر الاهتمام بموضوع الحرية الأكاديمية في بعض الدول العربية ومنها العراق، فقد أوصى المؤتمر السابع للتعليم العالي في العراق عام (2004، أيلول 22-23) باحترام استقلال الجامعات وحرياتها، وأكد المؤتمر العالمي للتعليم العالي الذي انعقد في(أربيل- العراق) عام (2007) على إن المرحلة التي يمر بها العراق تتطلب أقصى الحذر في إقامة التوازن بين الجامعات التي تهفو إلى الاستقلالية في إدارة شؤونها وبين الحكومة المتمثلة بوزارة التعليم العالي التي تسعى إلى المركزية فيما يتعلق بسياساتها مع الجامعات. وكذلك المؤتمر الذي عقد في عمان/الأردن عام (2004) الذي صدر عنه (إعلان عمان) للحريات الأكاديمية في الوطن العربي والذي أشار إلى وجود انتهاكات متعددة الأوجه تتعرض لها مؤسسات التعليم العالي في عموم الدول العربية وحددت بعض المبادئ لتوفير البيئة المحققة للحرية الأكاديمية واستقلال الجامعات كما سيرد تفاصيله في الفصل الثالث.

لقد أوصت المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) عام (2005) فيما يتعلق بوضع القائمين بالتدريس في التعليم العالي على تأكيد الدعم اللازم لشروط العمل الأكاديمي الجيد والحرية الأكاديمية والحوكمة الجماعية من قبل جميع المؤسسات ومقدمي الخدمات التعليمية. وقد أكدت دراسة (Joseph Ben &Collins) على الحاجة إلى التقييم العالمي لمدى تحقق الحرية الأكاديمية في دول العالم، والذي فتح الباب على ضرورة الاهتمام بتوفير الضمانات الكافية لغرض تطبيق الحرية الأكاديمية سواء في المجتمع الأكاديمي أو خارجه.

وفي إطار الأهمية التي ينبغي ايلاءها للحرية الأكاديمية فقد اعتبرها (Chachaqe Seitty,2008) واحدة من العديد من مواقع النضال من أجل الديمقراطية في العالم.

الصفحات