أنت هنا

قراءة كتاب بنو إسرائيل عبر التاريخ

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بنو إسرائيل عبر التاريخ

بنو إسرائيل عبر التاريخ

كتاب " بنو إسرائيل عبر التاريخ " ، تأليف د.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 4

لا أظن أنني أنا الوحيد الذي يستعرض تاريخ بني إسرائيل في المنطقة العربية، بل هناك الكثيرون من المؤرخين والمفكرين منذ منتصف القرن العشرين الماضي حاولوا أن يضعوا بين يدي الإنسان تاريخ وفلسفة بني إسرائيل، وقد حاول البعض اكتشاف الحقيقة فأصاب نوعًا، والبعض لم يحالفه الحظ في التوصل إلى معلومات كاملة نظرًا لظروف خارجة عن إرادته، ونظرًا للزخم الهائل من التزوير والتضليل في ذلك التاريخ، ولهذا يمكن القول بإن معظم هذه المحاولات لم ترقَ إلى درجة الكمال في التوصل إلى الحقائق وإلى توضيح صورة جذور بني إسرائيل وفكرهم وثقافاتهم الدينية ومعتقداتهم المختلفة وعاداتهم، وحروبهم فيما بينهم من جهة، وفيما بينهم وبين الشعوب الأخرى التي قُدِّر لهم أن يعيشوا بينها من جهة ثانية، ولا ينكر أحد الجهود التي بذلها هؤلاء المؤرخون والمفكرون والباحثون، أو أن يقلل من قيمتها وجدواها، ولست سوى مجرد باحث يضيف شيئًا من المعرفة التي أحسبها ضرورية للقارئ العربي والمسلم عن حياة بني إسرائيل من النواحي التاريخية والدينية والاجتماعية بقدر ما يتيسر من معلومات حول تلك الطوائف الدينية التي جاءت لغزو بلادنا العربية وتمكنت من فرض الهيمنة على عالم عربي مترامي الأطراف.

فلماذا يحاول أهل الفكر تقصي حقائق التاريخ اليهودي؟ الإجابة على سؤال كهذا إنما تأتي من رغبة الباحثين والمفكرين في استكشاف الحقائق الغامضة التي يلفها الضباب حول تاريخ بني إسرائيل ووجودهم في شبه الجزيرة العربية، فيحاولون سبر أغوار حياة وتاريخ وعقائد وتقاليد الآخرين، لكي يكونوا قادرين على دحض المفاهيم المغلوطة أحيانًا والادعاءات التي تقوم غالبًا على الباطل، خصوصًا في غياب المعرفة الحقيقية لطبيعة تلك الطوائف الدينية، خصوصًا في أعقاب غزوها لمنطقتنا العربية في الشرق الأدنى.

التوفيق في هذا الاتجاه لم يحالف البعض من المؤرخين العرب، فلم يتمكنوا من إعطاء صورة حقيقية عن تلك الطوائف القبلية البدوية من أهل الصحاري والبوادي في جزيرة العرب، وقد ترجع أسباب ذلك إلى اعتماد من بحثوا وكتبوا وألَّفوا الكتب في هذه المسألة، على ما جاء في الكتب المقدسة وفي مقدمتها "التوراة"، وما تحكيه عن تاريخ تجرد من التسلسل الزمني، وأقيم على الأساطير القديمة، اعتمادًا عليه أكثر من سرد الوقائع التاريخية بذاتها، ولم يكلف المؤرخون العرب أنفسهم - فيما يبدو – عناء البحث والتقصي والتدقيق فيما أعطته المكتشفات الأثرية، وما توصل إليه علماء الأثار (الأركيولوجيون)، من كتابات ونقوش تحكي تاريخ بني إسرائيل بشكل مغاير لما ورد في كتبهم الدينية من أحداث بالمقارنة مع ما جاء في تلك الكتب، ومن خلال المكتشفات والأبحاث والكتابات والنقوش التي جادت بها الحفريات الأثارية خلال القرن الماضي، نرى أن التاريخ التوراتي الغامض والمبهم، لا يُعد أكثر من جانب جزئي، يجافي الصواب في أغلبه من تاريخ بني إسرائيل وجذورهم الممتدة عميقًا في الزمن في الصحاري والبوادي الشاسعة المترامية الأطراف، في منطقة عُرفت مؤخرًا بمنطقة الشرق الأدنى..

(وهنا ينبغي أن أنوه بأن المقصود بالتوراة هي الأسفار الخمسة الأولى في الكتاب المقدس (البنتاتويخ)، والتي نسبت لموسى عليه السلام، ولا أقصد الكتاب المقدس ككل، لهذا رأيت أن أشير إلى هذه الحقيقة من واقع الحرص الشديد على احترام وتقدير الديانات السماوية جميعها، وإننا هنا نتحدث عن الأسفار الخمسة الأولى في الكتاب المقدس من النواحي التاريخية، ولن ندخل في صلب المعتقدات الدينية أو العقائد المختلفة للشعوب، إذ أننا بصدد بحث تاريخي لا عقائدي على الإطلاق).

في أعقاب قيام دولة صهيونية في منطقة الشرق الأدنى عرفت بدولة "إسرائيل"؛ استطاعت خلال مدة وجيزة من قيامها أن تبهر الشعوب الأخرى وتستحوذ على انتباههم، وتوجه فكرهم إلى ما هو بعيد كل البعد عن الحقيقة، بما قامت به من أعمال وما نشرته من إعلام لا يمت إلى حقيقة مأساة شعب فلسطين العربي، ولا إلى واقع معاناة شعوب الشرق الأدنى بسبب وجودها في المنطقة وادعاءاتها بوعد سماوي يمنحها شرعية اقتناص الأرض والهيمنة على الشعوب الشرق أوسطية، واقتناص خيراتها وتسخيرها لخدمة الأهداف الاستعمارية العنصرية، وقد أعلنت عن نواياها بتهويد كل الأرض الفلسطينية بالتركيز على تهويد مدينة القدس، وإعادة بناء هيكل سليمان المزعوم، وحيث أن عمليات التهويد والإعداد لبناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة في ظل التداعيات والانقسام والتشرذم العربي، وما آلت إليه أحوال الفلسطينيين بعد توقيع اتفاقيات أوسلو، فقد أخذت مخططات الصهيونية الدولية تطل برأسها غير آبهة بالاعتراضات العربية الخجولة، لهذا دفعني شعوري بالواجب تجاه الأمة التي أفخر بالانتماء إليها، وكباحث في الشؤون السياسية والتاريخية والدينية أن استعرض تاريخ بني إسرائيل، وعقائدهم الدينية الواردة في التوراة والتلمود، واستغلال النصوص الواردة فيهما سياسيًا ونفسيًا للتأثير على عقول البشر في العالم، باللجوء إلى الأكاذيب والتضليل والخداع فيما يتعلق بإقامة دولة لليهود على أرض فلسطين العربية.

العلماء والمنقبون الأثريون والمؤرخون بحثوا خلال نصف القرن الماضي في جذور هذه الفئة، التي استطاعت رغم قلة عددها أن تفرض على سكان الكرة الأرضية ذلك الزخم من الهيمنة الفكرية والسيطرة، وأعطت الانطباع الجبار عن بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار! لدرجة أن البعض من العرب أصبح يؤمن بهذه الأسطورة اليهودية، فجاءت أبحاث بعض هؤلاء العلماء والمؤرخين من غير العرب، حقيقية بعيدة عن الغموض التوراتي..

الصفحات