أنت هنا

قراءة كتاب بنو إسرائيل عبر التاريخ

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بنو إسرائيل عبر التاريخ

بنو إسرائيل عبر التاريخ

كتاب " بنو إسرائيل عبر التاريخ " ، تأليف د.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 9

الفصل الاول: أساطير اليهود
عُرف بنو إسرائيل بطبيعتهم الانفجارية، خصوصًا فيما يتعلق بأعدادهم وتضخيم أزماتهم ومعاناتهم، أي أنهم يعملون بالمثل القائل "يجعلوا من الحبة قبة"، وقد لازمتهم هذه الطبيعة مدى حياتهم، والتي يقول فيها بعض علماء النفس أنها ترجع في أساسها إلى رغبتهم في استدرار العطف والشفقة بتكريس المسكنة، باللجوء إلى الكذب وتزوير الحقائق والادعاءات التي لا أساس لها، فباتت هذه الطبيعة تُسيطر على حياتهم اليومية وعلى آدابهم وثقافاتهم، فكان لا مناص من أن يجنح إليها مدونو التوراة والتلمود لتُصبح جزءًا من معتقداتهم الدينية وتُصبح ذات تأثير كبير في كتاباتهم وتدوينهم التوراة والتلمود على حد سواء.

تقول الروايات التوراتية والتلمودية التي وضعها أحبار اليهود على مدار ثلاثمائة عام ويزيد، إن عدد بني إسرائيل الذين خرجوا مع موسى عليه السلام من مصر في عهد الملك المصري (رعمسيس الثاني) كان ستمائة ألف شخص، بين كهل وشاب وامرأة وطفل، ينتمون إلى أسباط بني إسرائيل أي رؤساء قبائلهم الاثنتي عشرة، جميعهم عبروا بحر "سوف" البحر الأحمر، بعد أن شق لهم موسى بعصاه مياه بحر سوف، وفتح لهم اثنتي عشرة طريقًا على عدد قبائلهم كما تقول الرواية التوراتية، والسؤال الذي لا بد من طرحه هنا هو: كم كان بالضبط عدد قبائل بني إسرائيل وكم كان عدد العشائر الصغيرة وفروع العائلات منهم؟ جاءت الأقوال في التوراة والتلمود بإن عدد القبائل التي خرجت مع موسى من مصر كانت (12) اثنتي عشرة قبيلة، إلا أن هذا الرقم هو رقم رمزي، بل رقم سحري، فإذا ما أجرينا عدًّا بسيطًا نجد أن هناك خمس عشرة قبيلة على الأقل، وهي: قبائل روبين وسيمون ولاوي وإساخر وزبلون ودان وجاد ونفتالي وعاشر ويوسف وإفرايم ومنسي وبنيامين، وهناك اعتقاد لدى عدد من المؤرخين المعاصرين بأن "العموريين" كانوا ينتمون لقبائل بني إسرائيل، إلا أن المؤكد بأن المديانيين كانوا فعلاً من بني إسرائيل، وقد جاءت سلالات موسى عليه السلام منهم، وإن لم يكن موسى نفسه واحدًا منهم، حيث تزوج من المديانيين الذين شاركوا بني إسرائيل في المراعي في برية سيناء وجنوب الأردن. كما أن هناك قبائل يهودية صغيرة تُعرف بعشائر "الكينات"، تذوبت بمرور الزمن في القبائل اليهودية الأخرى واندثر اسمها، لهذا يكون عدد القبائل اليهودية الفعلية التي تعرف ببني إسرائيل خمس عشرة قبيلة خلافًا لتعداد التوراة.

عدد آخر من المؤرخين الغربيين قرروا بأن إبراهيم الخليل، الجد الأعلى لبني إسرائيل، حسب التاريخ التوراتي الأسطوري، كان "عموريا" ولم يكن "أراميا" كما جاء في التوراة، وكان العموريون قد أخبروا عن إبراهيم وأخبار أبنائه إسحق ويعقوب في قصصهم التي جاءت بنفس القصص والروايات التي تذكرها التوراة، ولكنها بأسلوب يختلف نوعًا من حيث النصوص، وتتطابق من حيث المضامين، والجدير بالذكر أن روايات العموريين سبقت التوراة بحوالي 1400 عام على الأقل، وسوف أعود للحديث عن هذه المسألة في فصل لاحق من هذا الكتاب.

ما تقدم يحاكي الروايات التوراتية والتلمودية التي وضعها أحبار اليهود على مدار ما يزيد عن ألفين وخمسمائة عام، وهو ما ارتأوه لتدوين تاريخهم ودياناتهم ومعتقداتهم وسيرة طوائفهم، وأدوارهم في الحياة العامة لمنطقة الشرق الأدنى، غير أن المؤرخين المعاصرين يؤكدون بأن اليهود هم أكثر شعوب الكرة الأرضية في التاريخ عنادًا وتشبثًا بالأساطير، ويقولون بإن هناك في بلاد الكنعانيين مدينة الخليل أو "حبرون" تقع على مسافة 20 ميلاً جنوب مدينة القدس التاريخية، وترتفع حوالي 3000 قدم عن سطح البحر، وتقوم على عدد من التلال الجبلية، وهناك في هذه المدينة كهف يعرف بكهف "المكفيلة"، الذي يضم قبور ما يسمى بالآباء الجوالين، وفي مقدمتهم ضريح إبراهيم الخليل عليه السلام الذي يضم رفاته، والذي ادعى اليهود دون برهان قاطع على أن إبراهيم الخليل هو المؤسس الأول للعقيدة الدينية اليهودية والجنس اليهودي، وضريح إبراهيم يزدوج معه ضريح "سارة" زوجته ابنة أخيه "ناحور"، وفي ذات المبنى قبران آخران لابنه اسحق وزوجته "رفقه" وبالفناء يوجد قبران آخران الأول لحفيد إبراهيم "يعقوب" وزوجته "ليئه"، وفي الساحة الخارجية للمبنى قبر "يوسف" ابن يعقوب وهذا يُشير إلى تاريخ مضى عليه اليوم حوالي 4000 سنة.

يصف المؤرخون مدينة الخليل بأن لها جمال خلاب، وأنها تعطي الزائر انطباع السلام والسكون، الذي غالبًا يكمن في المقدسات القديمة في المدينة، ولكن حجارة هذه المقدسات هي الشاهد الصامت على الكفاح الطويل الذي يعتقد أنه كان على مدار أربع ألاف سنة من النزاعات الدينية والسياسية المستمرة، وكانت بدورها مزارًا ومعبدًا يهوديًا وكاتدرائية بيزنطية ومسجدًا وكنيسة ثم مسجدًا مرة أخرى، أقام حولها الملك هيرودس سورًا ملكيًا يرتفع إلى أعلى حوالي أربعين قدمًا، بحجارة مجدوعة يبلغ طول بعضها 23 قدمًا، وقد زين صلاح الدين الأيوبي في وقت لاحق مزار إبراهيم الخليل عليه السلام بمنبر للوعظ والخطبة الأسبوعية في المسلمين..

الصفحات