كتاب " قضايا معاصرة في تربية طفل ما قبل المدرسة " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب قضايا معاصرة في تربية طفل ما قبل المدرسة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
وتنحصر مطالب مرحلة رياض الأطفال وفق الاتجاهات الحديثة في طرق إشباع حاجات الطفولة بتنمية الإحساس بالثقة في النفس، وهذا الإحساس ينمو نتيجة لخبرات الطفل الأولى مع أمه، وينمو فيما بعد نتيجة لتعرض الطفل لخبرات الطفل جديدة، وتنمية الإحساس باستقلال الذات، وتنمية المبادرة والضبط الذاتي، والإبداع، وتحمل المسؤولية. وحل المشكلات، واتخاذ القرارات.
ويسعى القائمون على وضع برامج رياض الأطفال في جميع أنحاء العالم إلى الاهتمام الشديد بهذه البرامج، ويجتهدون في البحث عن أقرب الطرق وأسهلها في توضيح الغامض من الأمور للطفل، سواء كان ذلك عن طريق اختيار أساليب التعليم المناسبة واستراتيجياته الحديثة، أو عن طريق تسخير وتوظيف البيئة المحيطة للاستفادة من الإمكانات المتاحة فيها لتعليم الطفل، وتغيير الظروف المحيطة بالطفل بما يناسب متطلبات نموه وإشباع حاجاته، مع تشجيع التعاون بين الروضة والبيت من أجل تقديم الخدمات المثلى للطفل في هذه المرحلة الهامة من مراحل العمر. وذلك من أجل تحويل الروضة إلى مراكز إشعاع ثقافي بالنسبة لأسر الأطفال بإنشاء مراكز استشارية للآباء، وتسخير وسائل الإعلام كافة لتقديم البرامج التوعوية للأهالي الذين لديهم أطفال في سن ما قبل المدرسة.
وترجع الاتجاهات العالمية لبرامج رياض الأطفال البرامج والنشاطات الأساسية التي توفر التنمية الصحيحة لأطفال الروضة إلى أربعة ميادين كبرى تتناول الجوانب التي ينبغي تنميتها لدى الطفل، وهي: التنمية البيولوجية (الجسدية) والتنمية العاطفية الوجدانية، والتنمية الاجتماعية، والتنمية العقلية، وفي داخلها تنمية قدرات التواصل مع الآخرين وقدرات التعبير الشفوي والكتابي، وتنمية الإمكانات الفنية والجمالية، وتنمية القدرات العلمية والتقنية.(كفافي وآخرون،2003) وتعتبر هذه الميادين الأربعة الأساس لبرامج رياض الأطفال، والتي تنطلق من المعرفة العلمية لقوانين نمو الطفل ومواطن القوة في أي منهج خاص برياض الأطفال تنبع من مدى إلمامه بهذه المعرفة وبأحدث ما توصلت إليه التجارب العالمية حولها. وفيما يلي توضيحاً لهذه الميادين الأربعة الأساسية: (المرجع السابق)
1- النمو البيولوجي Biological Development
تولى الدراسات العالمية أهمية خاصة للنمو، العصبي الفسيولوجي، وذلك بعد تقدم البحوث العلمية الخاصة بعمل الدماغ وتطوره(سواء في ميدان البيولوجيا أو ميدان علم الأجنة، أو ميدان الأبحاث الوراثية المتصلة بفسيولوجيا الأعصاب) وتوجه الانتباه إلى تلافي الفجوة القائمة أحياناً بين نتائج هذه الأبحاث وبين واقع العناية بالأطفال. وتتريث الدراسات الحديثة فيما يتعلق بالنمو البيولوجي دائماً، عند ضرورة إدراك الترابط بين عمليتين أساسيتين من عمليات هذا النمو، هاتان العمليتان متباينتان غير أنهما مترابطتان في الوقت ذاته، وهما عملية النضج والنمو. فالنمو رغم استمراريته فانه يتسم بتباين سرعته وفقا لسنوات العمر في الطفولة. وتعني هذه الدراسات بدراسة نمو الدماغ بأجزائه المختلفة، وبما يشتمل عليه من خلايا ووصلات عصبية، وتنتهي بعد هذا كله إلى نتيجة أساسية، هي أن كل شيء لدى الطفل هو في حالة الانتعاش، وانه يحمل مجموعة من إمكانات العمل ينبغي الاهتمام بتنظيمها وإخراجها إلى حيز الوجود، وان عمل البيئة في هذا المجال عمل لا بد منه للحفاظ على القابليات الفطرية وصقلها، وإذا لم تتوفر في البيئة الأمور اللازمة لذلك، تتراجع الوصلات العصبية وتتردى.
2- النمو العاطفي Emotional Development
يستطيع الطفل أن يحكم على الأمور بكل منطق وعقلانية، ويتصرف تصرفاً يدهش الكبار الذين لا يتوقعون ذلك منه، وكثيراً ما يستهين الكبار بقدرات الطفل مما يسئ العلاقة القائمة بينه وبين الكبار ويؤثر على صحته النفسية.(عدس،1995)وتهدف رياض الأطفال إلى تنمية الاتجاه العاطفي لدى الطفل وفهم الطفل، وإشعاره بأن الكبار يحبونه، ويشعرون تجاهه بالود والحنان، ويعملون معه بروح إيجابية مثمرة ومفيدة، وحيث أن لكل من الصغار والكبار كيانهم الخاص، فإن على كل طرف احترام الطرف الآخر وتقدير مشاعره وأحاسيسه. وتوجه الروضة الطفل للقيام بنشاطات جماعية مقبولة وتمنعه الفرص لبناء علاقات مع غيره من الأطفال، وتوفر له المناخ العاطفي الملائم لإنشاء مثل هذه العلاقات والعمل على توثيقها لتصبح فيما بعد علاقات صداقة وزمالة. (الخالدي،2008) وتشير الأبحاث الحديثة إلى أهمية نتائج دراسات علم النفس الحديث والتحليل النفسي حول أمور العلاقة الثنائية المتميزة بين الطفل وأمه، وكيفية بناء الشخصية وتمايزها عن طريق سلسلة من العمليات، وكيف تكون هذه العملية أول مظهر من مظاهر التعلق العاطفي للطفل بشخص آخر.(كفافي وآخرون،2003)
3- النمو العقلي Cognitive Development
على الرغم من أن الوراثة تحدد الإمكانيات الأساسية للنمو العقلي، فإن البيئة بظروفها المختلفة تلعب دوراً هاماً في تحديد الصورة النهائية لذكاء الفرد، فالحالة الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة، والاضطرابات الانفعالية، والإهمال في الرعاية تعمل على منع الفرد من استقبال المثيرات العقلية التي تتيح أقصى نمو عقلي ممكن وبالعكس فإن الحالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الجيدة، والرعاية التربوية، والاستقرار الانفعالي تتيح الفرص لتحقيق أقصى استغلال للأساس الوراثي.(أحمد،2000) وتؤثر البيئة الأسرية وبالأخص في مرحلة الطفولة المبكرة بدرجة ملحوظة على قدرات الطفل العقلية، فعلاقاته تنشأ مع الكبار، والفرص المتاحة أمامه لاكتساب الخبرات المتنوعة، وحالته الصحية ومدى الهدوء والأمن الذي يشعر به، كلها من العوامل التي تؤثر على قدراته.وتساعد خبرة الأسرة واتجاهاتها، وتشجيعها، ودرجة اهتمامها بالنمو العقلي للطفل على حصوله على تقديرات عاليه واختبارات الذكاء، لما يتعرض له داخلها من خبرات ثرية لاسيما في المرحلة المبكرة من عمره،وترتبط أوجه التفكير عند الأطفال بالمرحلة العقلية التي يمر بها الطفل من سن الولادة وحتى مرحلة الطفولة المتأخرة، فإن طريقة نقل المؤثرات الخارجية وتفسيرها، تتأثران بالمرحلة العقلية التي يمر بها الطفل. وترى نظريات التكوين العقلي للطفل بأن العقل البشري يتكون من ملكات ولكل ملكة قدرة معينة مثل القدرة اللفظية والقدرة الحركية، وترى هذه النظريات أن القدرات العقلية هي حصيلة تجريبية لتفاعل الإمكانات العقلية البيولوجية مع البيئة للحصول على المعارف والخبرات من خلال سياق البيئة بشكل عام. ولقد ظهرت عدة نظريات لتفسير السلوك الإنساني كعملية عقلية مثل النظرية المعرفية التي فسرت التكوين العقلي على أساس معرفي، والنظرية السلوكية التي فسرت التفكير على أساس سلوكي بارتباط المثير بالاستجابة، ونظرية سبيرمان التي فسرت التفكير على أساس وجود عنصر عام في جميع القدرات الإدراكية للفرد وعنصر خاص، ونظرية جيلفورد التي أطلق عليها مصطلح (الاتجاه المتجدد) في تحديدها البنية المعرفية، وقد بحثت نظرية جيلفورد بالتكوين العقلي إذ صورت مكونات العقل بشكل شامل ومتناسق، فقد طور جيلفورد نموذجاً ثلاثي الأبعاد للعقل الإنساني يتمثل في: العمليات والمحتوى، والنتاجات. وتتكون العمليات من خمس قدرات هي: الإدراك المعرفي، والذاكرة، والتفكير المنطقي، والتفكير المحدد، والتقويم.
(عبد الهادي،1999) ويتكون المحتوى من أربعة أنواع هي المحتوى الشكلي، والمحتوى الرمزي، والمحتوى المعنوي، والمحتوى السلوكي، أما النتاجات فتشتمل على ستة أنواع هي: الوحدات، والفئات، والعلاقات، والنظم، والتحويلات، والتضمينات. وقد أكد جليفورد على أهمية التفاعل بين العمليات والمحتوى والنتاجات، وبذلك يكون لدينا 5 عمليات ×6 نتاجات =120 قدرة - عقلية منفصلة عند الإنسان وتشير الأبحاث والدراسات الحديثة إلى مراحل تطور النمو العقلي من خلال: تكون الفكر الرمزي، والفكر السابق على المفاهيم
(خلال الفترة الممتدة بين الثانية والرابعة من عمر الطفل) وتكون الفكر الحدسي والسابق على الفكر العملي (بين السنة الرابعة والسادسة أو السابعة من العمر) ويتكون التفكير القائم على إدراك العلاقات المتبادلة.(بعد الخامسة من العمر) والذي يعتبر المعبر الرئيسي نحو التفكير المنطقي كإدراك أوجه الاختلاف والتشابه بين الأشياء (كفافي وآخرون،2003) وتشهد مرحلة الطفولة المبكرة مجموعة من التغيرات التي تطرأ على الطفل كالاتزان الفسيولوجي، وزيادة الميل إلى الحرية، ومحاولة التعرف على البيئة المحيطة، والنمو السريع في اللغة، وتكوين المفاهيم الاجتماعية، وظهور الأنا العليا، والتمييز بين الخير والشر، والصواب والخطأ، وبداية نمو الذات، ووضوح الفوارق في الشخصية (الخالدي،2008) والطفل في هذه المرحلة يوجه الأسئلة والاستفسارات للمحيطين به لمعرفة المزيد عن العالم الخارجي، ويكون ذهنه في غاية الحساسية، مما يجعل من السهل تخزين المعلومات والخبرات والرموز لاستخدامها مستقبلاً في اكتساب الخبرات. وتؤكد الاتجاهات المعاصرة في تربية أطفال ما قبل المدرسة على أهمية تعريض الأطفال للمثيرات الحسية المختلفة،وإكسابهم المفاهيم المناسبة مما يساعدهم
على اللحاق بركب التطور العلمي والتقني المعاصر، واستثمار طاقاتهم وقدراتهم العقلية بشكل سليم.
4- النمو الاجتماعي Social Development
تعتبر بيئة التعلم بمثابة ورشة عمل أو مختبر تعمل على تحفيز الأطفال لأداء الأعمال بأنفسهم، ففي القرن المنصرم قدمت عالمة النفس والتربوية البريطانية سوزان ايساكس Susan/ISaacs دراسة حول بيئة التعلم أشارت فيها إلى أن الأطفال يعملون ويتحدثون مع بعضهم وبذلك يتشكل نموهم الذكائي والاجتماعي من خلال بيئة التعلم الآمنة والمناسبة المجهزة بكل المواد والأدوات التي يحتاجها الأطفال، والمرتبة ترتيباً ييسر لهم عملية التعلم بشكل فعال، مع ضرورة ترك مساحات لتحرك الأطفال بحرية في بيئة التعلم. والطفل ينمو نمواً اجتماعياً عندما يعمل مع مجموعات صغيرة يتفاعل مع أفرادها ويناقش الأفكار ويتبادل الآراء.(Diamond,2011) وتشير الدراسات حول النمو الاجتماعي إلى أهمية الاهتمام بمساعدة الطفل في تشرب ثقافة المجتمع والتكيف مع الحياة المتطورة، بالإضافة إلى الانخراط في الحياة الاجتماعية من خلال مساعدة الطفل في التعرف على البيئة الاجتماعية، وتطوير قدراته في التفاعل الاجتماعي، واستكشاف العلاقات الاجتماعية، وإدراك آداب السلوك والالتزام بها، وتطوير قدرات الطفل على التعاون مع الآخرين، وتنمية اتجاهاته الإيجابية نحو تقبل الآخر واحترامه وإنشاء العلاقات، وتعزيز مشاعر الانتماء.(كفافي وآخرون 2003) وقد يكون الأطفال في عمر الثلاث سنوات فما فوق، أكثر تناغماً مع الكبار، فهم لم يتخلصوا بعد من تأثير فترة الرضاعة التي كانوا يعتمدون فيها على رعاية الوالدين، وفجأة يجدون أنفسهم بأن عليهم مواجهة المواقف الجماعية التي تتطلب منهم التفاعل بعيداً عن متابعة الكبار وحمايتهم، فهم يتفاعلون مع الآخرين بطريقة تلقائية، ولذلك يجب توفير الفرص للأطفال ومساعدتهم على الانخراط في المجموعات. ويتعلم الأطفال عادة المهارات الاجتماعية لدى انخراطهم في اللعب تلقائياً مع أقرانهم. ولتنمية المهارات الاجتماعية لدى الأطفال على المعلمة أن تهيئ المواقف المناسبة لتمنية تلك المهارات، كتشجيعهم على النقاش، واللعب الجماعي، وتمثيل الأدوار والتشاور، والحوار، وطرح الأسئلة والمبادرات، وأن تبتعد عن ممارسة الضغط على الأطفال للاشتراك في اللعب أو المناقشات، بل عليها أن تترك لهم الخيار بعد أن توفر لهم النشاطات التي تثير اهتمامهم للاشتراك مع الآخرين. ولكي تتمكن المعلمة من التأكد من أن كل طفل أتقن المهارات الاجتماعية، عليها أن تراقب الأطفال عن بعد وتدون ملاحظاتها عن كل طفل وذلك بغية تقديم المساعدة اللازمة له، وتدون الملاحظات عادة كالتالي:(Beaty 1997)
1- يلعب بشكل فردي بعيداً عن المجموعة.
2- يلعب بالتوازي مع الأطفال الآخرين ولكن بمعزل.
3- يبحث عن الأطفال الآخرين ليلعب معهم أو ينضم إلى المجموعات.
4- يتظاهر أو يأخذ الأدوار التي تشبع حاجاته.
5- يضبط تصرفاته بحيث يرضي حاجات أعضاء المجموعة.
6- يتبع النظام في اللعب ويأخذ دوره فيه.
7- يطبق الحوار الصحيح عند تمثيل الأدوار مع المجموعة.
8- يسوي خلافاته الشخصية دون اللجوء إلى المعلمة.
هذا ومن الضروري أن تحصل المعلمة في بداية العام الدراسي على قائمة بأسماء الأطفال الذين ستتولى تعليمهم وتاريخ ميلاد كل منهم، ومن ثم تسجيل هذه الأسماء أبجدياً، والشروع بتعلم اسم كل طفل منذ اليوم الأول لبدء الدوام، حيث أن الطفل الذي تناديه المعلمة باسمه سيشعر بالسعادة ويحس بالانتماء عندما تتحدث المعلمة مع أطفالها منادية كل واحد باسمه، كما أن معرفتها بخلفية كل طفل وتاريخ ميلاده يساعدها في مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال وإشباع حاجات كل منهم.وعلى المعلمة قبول الأطفال والترحيب بهم منذ اليوم الأول للدراسة وإعلامهم بأن كل طفل هو عضو متعاون ضمن المجموعة، كما يجب عليها تنمية شعور الأطفال بالأمن والطمأنينة ضمن المحيطين به (الحبيب،1995) وتنمية الشعور بالذات واحترام الذات كما يتوجب عليها تعريف الأطفال ببعضهم البعض، وتشجيعهم على المحادثة والاستفسار، وتوزيع المسؤوليات عليهم جميعاً، والاشتراك معهم في وضع القوانين والأنظمة الصفية ومناقشتها معهم ليشعروا بالانتماء وليتعودوا على التعاون والانضباط منذ اليوم الأول لبدء الدوام.