أنت هنا

قراءة كتاب البحرية الإسلامية في الشعر الأندلسي من الفتح حتى سقوط غرناطة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البحرية الإسلامية في الشعر الأندلسي من الفتح حتى سقوط غرناطة

البحرية الإسلامية في الشعر الأندلسي من الفتح حتى سقوط غرناطة

كتاب " البحرية الإسلامية في الشعر الأندلسي من الفتح حتى سقوط غرناطة " ، تأليف

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4

من الروح الجهادية في البحر وما فيها من أجر كان اختيار موضوع دراستنا تحت عنوان (البحرية الإسلامية في الشعر الأندلسي من الفتح حتى سقوط غرناطة) ومن بواعث اختيار الموضوع ؛ إغناء المكتبة الأندلسية بهذا اللون من الشعر الذي يُظهر الروح الفدائية والمغامرة البحرية، مما خلفته البحرية الإسلامية في الأندلس، وهو موضوع على قلة مصادره وتشعب مسالكه خُضْنا غماره بتوفيق من الله تعالى وبرعاية من رسوله الكريم محمد الذي بشر بفتح الأندلس، فسار البحث متتبعاً سفن المسلمين وهي تشق عباب البحار وتخوض أهواله، راصداً تلك الملاحم الجهادية البحرية بما جادت به قرائح الشعراء ذلك أن (السفن في البحر تقابل الخيول في البر، بل هنا أوجب وأهم فالمعارك البحرية في جزر متقطعة في البحر يأتيها الأعداء بأساطيلهم من كل حدب وصوب أكثر شيوعاً، لذلك فإن وصف السفن والأسطول أكثر إلفة من وصف الخيل)(6) .

ولاستعراض الفتوحات التي جاءت مصداقاً لما جاءت به الأحاديث النبوية الشريفة، ومواقف الصحابة والتابعين من الفاتحين من قادة ومجندين، وتناولنا في التمهيد الرحلة البحرية من الناحية التاريخية، التي تعنى بانتصارات المسلمين في البحر، وأغفلنا انتصارات العدو، وبما أمدتنا به المصادر والمراجع المتوافرة، على الرغم من قلة الفرص للحصول عليها، لا لندرتها وإنما للظرف الأمني الذي يمر به البلد بشكل عام وبغداد بخاصة، فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي المستمر عن مراكز البحث والسكن .

وكان البحث مثل غيره من الدراسات أكدَّ صفحة مشرقة من تاريخ تراثنا الأدبي وقد أغفله جُلُّ الباحثين ولم أدخر وُكداً في البحث عن هذا الشعر الذي لم يأت قصائد مستقلةً تعين الباحث، بل جاء أبياتاً متناثرة في ضمن قصائد المديح أو مقطوعات قصيرة في موروثنا الأدبي .

لم يكن البحث يسيراً أو تعتوره بعض الصعاب بل كان موضوعاً تجرعناه مراً نمتد معه لثمانية قرون ملأى بالأحداث، ولا ريب في أن قلة الأخبار وندرة المصادر كانت العقبة الكأداء، وظروف أخرى حالت دون ملء فراغات مهمة فيما بين تلك الأحداث ولعل صعوبات مثل هذه هي التي أبعدت كثيراً من الباحثين عن البحث فيه .

تكون البحث من مقدمة وتمهيد وأربعة فصول، أما التمهيد فقد وقفت فيه وقفة تاريخية شاملة في تسليط الضوء على سير معارك الجهاد الإسلامية في الأندلس منذ الفتح وما أعقبه من غزوات ودفاع عن الثغور والحدود إلى صد هجمات الأسبان المتكررة حتى سقوط غرناطة واقتصرت على المشهور من الحملات الجهادية البحرية، التي توافرت عليها المصادر، والتي كان للشعر فيها حضور، واكتفيت بذلك عما سواه لأنه من مهمة المؤرخين .

أما النصوص الشعرية التي صاغت تلك الملاحم الجهادية والوقائع الحربية البحرية الدامية وما صاحبها من مشاعر وخلجات فقد كنت أبحث وأنقب عنها في أثناء قصائد المديح أو الرثاء (كمن ضاع في الترب خاتمه)، وكانت مهمة عسيرة لعدم استقلال تلك النصوص في غرض أو باب خاص، كما الحال في أبواب الشعر الأخرى وأغراضه فقد تناولتها في الفصل الثاني وسأعود إليها لاحقاً .

وقد تضمن الفصل الأول مفهوم البحرية في اللغة والتاريخ والتراث العربي، وزعته على أربعة مباحث تناول المبحث الأول ؛ البحر لغة واصطلاحاً وفي التاريخ والجغرافية ومفاهيم أدبية، والمبحث الثاني تضمن البحر في التراث العربي قبل الإسلام، فيما تضمن المبحث الثالث البحر في القرآن الكريم، ثم البحر في التراث العربي الإسلامي في المبحث الرابع .

أما الفصل الثاني فقد تناولت فيه شعر البحرية الإسلامية في الأندلس .

ووزعته على أربعة مباحث هي : لمحة تاريخية عن شعر البحرية الإسلامية في الأندلس ومدى تأثره في شعر البحرية في المشرق في المبحث الأول. أما المبحث الثاني فقد تناولت فيه شعر البحرية في الأندلس منذ الفتح عام (92هـ) حتى نهاية حكم الطوائف عام (493هـ) وجعلت هذه الحقبة الزمنية في مبحث واحد، كي استطيع أن أشغل مساحتها بنصوص شعرية مناسبة، وأفردت مساحة واسعة لأحد الشعراء البارزين بنماذج شعرية حتى تنماز هذه الحقبة من لاحقاتها، وهذا منهج اتبعته في المباحث جميعها، وقد يرد نص لشاعر أندلسي مدح فيه أميراً أو خليفة من عدوة المغرب وذلك لأن الأندلس قد ضمت إلى المغرب وأصبح القطران قطراً واحداً في نهاية حكم الطوائف في دولة المرابطين والموحدين، والمصادر الأندلسية لا تفرق بين الأندلس والمغرب ولا تضع حدوداً بين عدوة المغرب وعدوة الأندلس لتمازج هذه العناصر (7) .

وكان المبحث الثالث خاصاً بعصر المرابطين والموحدين من (493هـ- 668هـ) لأن هذين العصرين يشكلان وحدة موضوعية في بحثنا على الرغم من اختلافهما سياسياً، ويحتوي المبحث الرابع على شعر البحرية في مملكة غرناطة (665هـ- 898هـ) لأنه يشكل منعطفاً أدبياً ذا ملامح خاصة .

أما الفصل الثالث فتناول مضامين شعر البحرية الأندلسية، فكان المبحث الأول يخص المضامين التقليدية، أما المبحث الثاني فتناول (الرهبة من البحر)، وتناول المبحث الثالث (الحياة والموت) بينما تناول المبحث الرابع : المعارك والتعبئة العسكرية البحرية .

أما الفصل الرابع فتناولت فيه (الدراسة الفنية)، فكان المبحث الأول للنسيج اللغوي (اللفظ والمعنى والأسلوب)، والمبحث الثاني تناولنا فيه المعجم الشعري (لغة الشعر، والاقتباس والتضمين) أما المبحث الثالث فتناول الصورة الشعرية أما موسيقى الشعر فقد تناولها المبحث الرابع .

ومن نافلة القول أن أذكر أن مصادر تناولت شعر الحرب في الأندلس أو الحياة الأدبية فيها إلا أنها لم تتناول شعر البحرية موضوع دراستنا – إلا في صفحة أو بعض صفحات – ومنها ما يرد في محتوياتها ذكر لشعر البحرية وكأن هذا النوع من الشعر خارج دائرة الحياة الأدبية الأندلسية على أنهم ذكروا أغراضاً وأبواباً لا تستحق الذكر، وأن ذكرت نصوص لشعر البحرية الأندلسية فتذكر لغرض الاستشهاد التاريخي فقط .

واذكر من المراجع التي أفدت منها ما تناوله د. مصطفى الشكعة في كتابه (الأدب الأندلسي موضوعاته وفنونه) وكتاب (الأدب الأندلسي من الفتح إلى سقوط الخلافة) للدكتور أحمد هيكل، وكتاب (الأدب الأندلسي من الفتح حتى سقوط غرناطة) للدكتور منجد مصطفى بهجت، وما كتبه د. مصطفى محمود الحلوة في كتيبيه: (ابن خفاجة والبحر) و(البحر في الشعر الأندلسي) وكتاب (أدب البحر) لاحمد محمد عطية .

أما الرسائل الجامعية التي تناولت الأدب الأندلسي فقد تناول بعضها (البحرية الأندلسية) بشكل سريع إلا أنها توقفت طويلاً عند شعر الحروب البرية .

وإن وجدت صعوبة بالغة في اختيار برنامج البحث إلا أني اعتمدت المنهج التحليلي الذي يعتمد النص أساساً للكشف عن الدلالات والمضامين، ولم أغفل لضرورة البحث المنهج النفسي أو التاريخي في أحيان أخرى .

ليس بوسع هذا البحث أن يدعي الكمال، ومن ثُمَّ فإن هناك جوانب كثيرة تحتاج بحثاً واستقصاء وبحثي هذا يشكل خطوة أولى لشعر البحر في التراث العربي الحربي كما أنه يوسع دائرة البحث لدراسة شعر البحرية العربية الإسلامية في المشرق.

يظل البحث مديناً لأصوات كثيرة من أساتذتي وزملائي أسهمت في إخراجه على صورته، ولا يسعني هنا إلا أن أشكر كل من له الفضل في إبداء الرأي والتوجيه وأن كان لابدَّ من التخصيص فاستميح الجميع عذراً كي أخص أستاذي الدكتور عباس مصطفى الصالحي المشرف على الرسالة والذي تابع فكرة الموضوع ومنذ أيام السنة التحضيرية، ولم يبخل عليَّ من وقته وجهده في إعانتي على إتمام الأطروحة وشكري وتقديري لقسم اللغة العربية أساتذة وموظفين في كلية التربية – ابن رشد- جامعة بغداد- الذي تقبلني طالباً في رحابه في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، وتقديري إلى القائمين على مكتبة كلية التربية – ابن رشد – لما أبدوه من مساعدة جزاهم الله خيراً، والشكر موصول إلى القائمين على المكتبة المركزية لجامعة بغداد .

أرجو الله أن أكون قد وفقت في عملي هذا في جمع جزء من التراث العظيم لأمة الأندلس المتناثر في المصادر والمضان، واسأله تعالى أن يتقبل مني هذا العمل العلمي المتواضع لخدمة لغة القرآن الكريم قبولاً حسناً .

وماتوفيقنا إلا بالله عليه توكلنا وعليه فليتوكل المتوكلون .

ومن الله تعالى التوفيق

المؤلف

الصفحات