أنت هنا
قراءة كتاب البحرية الإسلامية في الشعر الأندلسي من الفتح حتى سقوط غرناطة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
البحرية الإسلامية في الشعر الأندلسي من الفتح حتى سقوط غرناطة
التمهيد
انتصارات البحرية الأندلسية منذ الفتح حتى سقوط غرناطة
يَتَعيَّن علينا ونحن ندرس تاريخ انتصارات البحرية الإسلامية في الأندلس، تعرف المراحل التاريخية بأحداثها السياسية التي تعاقبت على شبه الجزيرة الأيبيرية المتمثلة في الفتوحات الإسلامية التي استمرت ثمانية قرون بدءاً بحملة طارق بن زياد من يوم الاثنين الموافق الخامس من رجب سنة (92هـ*، نيسان 711م) وحتى سقوط غرناطة في (الثاني من ربيع الأول سنة 897هـ، الثاني من كانون الثاني 1492م)(8)، والتي كان للسفن والأساطيل البحرية الأثر المهم في الحفاظ على الانتصارات والدفاع عن الأندلس وقواعدها، وصدِّ هجمات الفرنجة، منذ انتصار طارق بن زياد وعبوره البحر إلى الأندلس إلى هروب ملك غرناطة وعبور البحر من الأندلس والفرق شاسع بين (إلى) و (من) .
الأندلس تعرف باللغة اليونانية (إشبانيا) وإن أول من اختطها (بنو طوبال بن يافث بن نوح) سكنوا الأندلس في أول الزمان، وقيل اسمها في القديم : (إبارية) ثم سُميِّت بعد ذلك (باطِقَة)، ثم سُميِّت (إشباينا) وسُميِّت بعد ذلك بالأندلس من أسماء الأندليش الذين سكنوها وسُمِّيتْ بجزيرة الأندلس لأنها شكلٌ مثلث، تضيق من ناحية شرق الأندلس حتى تكون بين البحر الشأمي والبحر المُظلم المحيط بالأندلس، ويحيط بها البحر من جهاتها الثلاث (9) .
جارى شعر البحرية الأندلسية الفتوحات الإسلامية وتفاعل معها، ورجوعنا إلى التاريخ في التمهيد لا، لتحديد نشأة شعر البحرية عند الشعراء العرب، وتأثر الأندلسيين بهذا النوع من الشعر، ذلك أن قافلة شعر البحر الذي عنى بوصف السفن والأساطيل والمعارك البحرية تمتد إلى العصر الجاهلي، حيث امرؤ القيس، وعمرو بن كلثوم، وبشر بن أبي خازم الأسدي، وصولاً إلى العصر الإسلامي، حيث مسلم بن الوليد، والبحتري، وابن الرومي، ومهيار الديلمي، والسري الرَّفاء، وبشار بن برد، وأبو نواس(10)، لذا فأن الشعر الأندلسي جاء مع الفاتحين وعبر مع طارق بن زياد .
لكن أرى أن الحدث التاريخي في بحثنا هو مادة أساسية، لأنه العلة التي دفعت الشعراء إلى النظم في هذا الغرض الجديد في ثوبه الأندلسي، القديم في تراث الأمة العربية، هذا التاريخ الذي توزع على عصور عدة، اختلف الباحثون في تحديد مراحله، وفي أسماء تلك المراحل، وأذكر ما أختاره الدكتور منجد مصطفى بهجت، لأنه يمثل الرأي الأكثر شيوعاً في المصادر الحديثة، وقد أجملها الباحث في خمسة عهود هي(11) :
1-عهد الفتح والولاية ( 92 – 138هـ) .
2-العهد الأموي (الإمارة، والخلافة، والحجابة، والفتنة) (138- 399هـ) .
3-عهد ملوك الطوائف والمرابطين (400 – 540هـ) .
4-عهد الموحدين ( 540- 620هـ) .
5-عهد دولة بني الأحمر في مملكة غرناطة (635- 897هـ) .
والبحث في البحرية الإسلامية في الشعر الأندلسي يسير في اتجاهين، الأول: هو البحث في شعر البحر عند العرب مراعاة للتسلسل الموضوعي في مسيرة البحث، وقد تناول الفصل الأول هذا الاتجاه، أما الاتجاه الآخر فهو ظهور – وليس نشأة – هذا النوع من الشعر في الأندلس، فقد نقل عبد الرحمن الداخل قافلة الشعر العربي إلى الأندلس مع نخبة من الأمراء والقادة الفاتحين من الشعراء أو متذوقي الشعر منهم، وما أبدعه الشعراء في وصف المعارك البحرية بقيادة موسى بن نصير وعبد الرحمن الغافقي أي منذ بداية الفتح حتى مطلع القرن الثالث الهجري، فقد لفت انتباهنا قلة النصوص الشعرية في البحرية الأندلسية، وسبب ذلك يعود إلى انشغال مسلمي الأندلس بالفتوحات أولاً، وما رافقها من المنازعات الداخلية، ومقاومة الأسبان، وإخماد الفتن ثانياً، وأرى أن ما ذهبنا إليه يكون رداً على أن ما ذهب إليه المستشرق الهولندي دوزي وهو يسوغ قلة النصوص بقوله : بأن العرب لم يكتبوا التاريخ في القرنين الأولين ذلك أنهم كانوا يعتمدون على الروايات الشفهية لقوة ذاكرتهم في حفظ الوقائع والسنين فلم يكن بهم حاجة إلى كتب مدونة، وكانوا يختارون التأليف في الديانة، وكان التأليف في غيرها مكروهاً (12).